عادي
خبراء دوليون يفسرون الحكم

كيف انتهكت إسرائيل أمر «الجنائية الدولية» بشأن رفح؟

15:32 مساء
قراءة 4 دقائق
كيف انتهكت إسرائيل أمر «الجنائية الدولية» بشأن رفح؟.. خبراء دوليون يفسرون الحكم

هناك إجماع كبير بين الخبراء القانونيين الدوليين على أن إسرائيل لا تستطيع مواصلة هجومها الحالي على رفح دون انتهاك أمر المحكمة الجنائية الدولية.

وبحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، فإن قرارات المحكمة الجنائية الدولية كانت قوية على نحو غير عادي، فقد قال القاضي «إن إسرائيل يجب أن توقف هجومها العسكري في رفح «على الفور»، ولم يتوقع العديد من المراقبين أن تصدر المحكمة مثل هذا الأمر المباشر.

وثارت التساؤلات بعد أحكام المحكمة الجنائية الدولية، حول كونها وضعت شرطاً للوقف الفوري لإطلاق النار، بحيث إذا كان «على وشك تدمير الفلسطينيين كمجموعة جزئياً أو كلياً»، لكن تقرير الصحيفة الأمريكية اعتبر أن هذا الجدل بمثابة إلهاء.

وينقل التقرير عن خبراء في القانون أن إسرائيل لا تستطيع مواصلة هجومها الحالي في رفح دون انتهاك أمر المحكمة.

وأكد خبير القانون الدولي في جامعة روتجرز عادل حق: «أن الهجوم الحالي كما تم التخطيط له وتنفيذه محظور تحت أي قراءة». وكتبت جانينا ديل، الخبيرة في القانون الدولي: «هذه الجملة تعني أن إسرائيل يجب أن توقف هجومها العسكري الحالي في رفح».

وأشار الخبراء إلى أن فقرة من الأمر أكدت بوضوح مدى إلحاح تدخل المحكمة، والتي جاء فيها أنه «بناء على المعلومات المعروضة عليها، فإن المحكمة غير مقتنعة بأن جهود الإخلاء والإجراءات ذات الصلة التي تؤكد إسرائيل أنها قامت بها لتعزيز أمن المدنيين في قطاع غزة، ولاسيما أولئك الذين نزحوا مؤخراً من محافظة رفح، كافية للتخفيف من المخاطر الهائلة التي يتعرض لها السكان الفلسطينيون نتيجة للهجوم العسكري».

وأوضحت المحكمة أن «الوضع الحالي الناشئ عن الهجوم العسكري الإسرائيلي في رفح ينطوي على خطر إضافي» على حقوق الفلسطينيين في غزة، حسبما جاء في الأمر، وما أوردته المحكمة في هذا السياق يؤكد أن إسرائيل تواصل هجومها الحالي على الرغم من تعليمات المحكمة بالتوقف.

ويعد الأمر الصادر من المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة، بمثابة قرار مؤقت في قضية رفعتها جنوب إفريقيا في ديسمبر/ كانون الأول، زاعمة أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. ولا تستطيع المحكمة أن تحكم إلا على سلوك إسرائيل، وليس سلوك حماس، لأن حماس ليست دولة ولا طرفاً في اتفاقية الإبادة الجماعية. ونفت إسرائيل بشكل قاطع ارتكابها جرائم إبادة جماعية.

ومن المحتمل أن يستغرق اتخاذ قرار بشأن موضوع القضية سنوات، وفي غضون ذلك أصدرت المحكمة سلسلة من «التدابير المؤقتة» - أوامر قضائية مؤقتة في الأساس - تأمر إسرائيل بالتأكد بشكل استباقي من عدم حدوث إبادة جماعية بينما لا تزال القضية الأوسع معلقة.

وفي أوائل شهر مايو/أيار، بعد أن بدأت إسرائيل عمليتها العسكرية في رفح، طلبت جنوب إفريقيا بشكل عاجل اتخاذ تدابير مؤقتة جديدة، بحجة أن التوغل في رفح من شأنه أن يلحق «ضرراً لا يمكن إصلاحه بحقوق الشعب الفلسطيني في غزة». وفي يوم الجمعة، وجد قضاة المحكمة، بأغلبية 13 صوتًا مقابل صوتين، أن المخاطر التي تهدد المدنيين والتي تم التحذير منها في الأوامر السابقة قد تحققت الآن، وأن الوضع أصبح «كارثيًا».

ووجدت المحكمة أن «إسرائيل لم تقدم معلومات كافية بشأن سلامة السكان أثناء عملية الإخلاء، أو مدى توفر الكمية اللازمة من المياه والصرف الصحي والغذاء والدواء والمأوى في المنطقة التي تم إجلاء قرابة مليون فلسطيني إليها».

وقد خلق ذلك خطر حدوث «إجحاف لا يمكن إصلاحه بالحقوق المعقولة التي تطالب بها جنوب إفريقيا»، كما وجدت المحكمة، ولذلك أمرت إسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح، كما أمرت إسرائيل بإبقاء معبر رفح على الحدود مع مصر مفتوحاً «على نطاق واسع» لتقديم المساعدات الإنسانية، والسماح للمحققين التابعين للأمم المتحدة بالوصول إلى غزة.

واتفق الخبراء على أن الأمر يحظر على إسرائيل مواصلة عمليتها الحالية في رفح، لكنهم يعتقدون أنه يسمح لها باتخاذ إجراءات دفاعية محدودة في المدينة ردًا على هجمات حماس.

ويقول بيير دارجنت، الأستاذ في جامعة لوفان في بلجيكا: «بما أن اهتمام المحكمة هو تدهور الوضع الإنساني، فلا يمكن توزيع المساعدات إذا استمرت العمليات العسكرية كما هي، لذلك يجب أن تتوقف على هذا النحو (أي كما تجري حاليًا)، لكن المحكمة لا تحظر جميع الأعمال العسكرية في رفح».

وقال ستيفان تالمون، أستاذ القانون الدولي في جامعة بون في ألمانيا، في مقابلة مع صحيفة دير شبيغل الألمانية، إن الأمر يسمح بمواصلة العملية العسكرية فقط إذا ضمنت إسرائيل إمكانية تزويد السكان المدنيين بالغذاء، والماء، والدواء، ومع ذلك، فإنه يعتقد أنه سيكون من الصعب تنفيذه عملياً، ولذلك في الواقع، كان لا بد من وقف الهجوم».

ويؤكد مايكل بيكر، أستاذ القانون في كلية ترينيتي في دبلن، «أفسر أمر المحكمة على أنه يعني ضرورة وقف الهجوم العسكري في رفح». وأضاف أن مناقشة الأمر للكارثة الإنسانية المتفاقمة توضح أن الهجوم العسكري الحالي «يخلق بالفعل وضعاً قد يلحق بالفلسطينيين في غزة، ظروفاً معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرها المادي كلياً أو جزئياً».

ووافقت على ذلك أونا هاثاواي، أستاذة القانون في جامعة ييل، وقالت: «إن الطلب العاجل لاتخاذ إجراءات مؤقتة إضافية جاء في ضوء ما كان يحدث في ذلك الوقت، وهو الهجوم المستمر على رفح»، ويبدو من غير المعقول أن ما قصدته المحكمة هو أنها لم تر أن هناك أي شيء يدعو للقلق في الوقت الحاضر».

وتنفي إسرائيل أن تكون عمليتها في رفح تهدد بتدمير السكان المدنيين الفلسطينيين في غزة، وقال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إن «إسرائيل لم ولن تقوم بعمليات عسكرية في منطقة رفح من شأنها أن تفرض على السكان المدنيين الفلسطينيين في غزة ظروفاً معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرها المادي كلياً أو جزئياً».

وحتى بينما كان علماء القانون يفكرون في دلالات أمر المحكمة، فإن الوضع في رفح قد تطور بالفعل، وقال بيكر وهو أستاذ في كلية ترينيتي في دبلن: «لقد حلت أحداث نهاية الأسبوع، في إشارة إلى الغارة الإسرائيلية على رفح يوم الأحد والتي أسفرت عن مقتل 45 شخصًا على الأقل، بينهم أطفال، وإصابة 249 آخرين، مؤكدا: أعتقد أن طبيعة ما حدث في رفح خلال عطلة نهاية الأسبوع تظهر بالضبط نوع الخطر الذي قد تواجهه محكمة العدل الدولية. وأضاف أن «الأمر كان يهدف إلى المنع».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2w592va3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"