لا أبالغ عند القول إن واحداً من أهم الواجبات التي تقع على كاهل الأم والأب هو اكتشاف موهبة ابنهما أو ابنتهما، من خلال ملاحظة توجهاته، وما يجلب الاهتمام، وكيف يقضي وقته، وكيف يلعب، ونحوها من الجوانب، وخلال نشأة الطفل، يجب ألاّ تتجاهل اهتماماته، وموهبته في مجال ما.
المشكلة أن البعض من الآباء والأمهات يفرضون وجهة نظرهم، أو قد لا تعجبهم اهتمامات طفلهم، عندها يبدؤون في محاولة تغيير مساره واهتمامه؛ بل قد يهاجمون ما يهتم به الطفل.
ومثل هذا السلوك محطّم، ويؤذي الطفل، وقد لا يكون ما يهتم به الطفل موهبة، بقدر ما هو فضول مؤقت يحتاج إلى بعض الوقت، وسيغيره الطفل، ومع هذا تجد الأب أو الأم شديدي النقد للطفل. وهناك أطفال تظهر عليهم ملامح نبوغ في مجال ما، لكن الأب والأم يريان أن لا فائدة في المستقبل من هذا الاهتمام، فيعملان على محاولة تغيير طفلهما.
وبغض النظر عن نوع وموضوع الموهبة التي يتمتع بها الطفل، فإن اكتشافها واستثمارها بشكل صحيح يعدان واحداً من أهم المقومات التي تسهم في نمو صحي للطفل؛ بل تشجعه، وترفع روحه المعنوية. ويحتاج الأب والأم إلى الملاحظة، والاستماع للطفل. والأب والأم، هما الأقرب للطفل، وهما الأكثر تأهيلاً لاكتشاف نقاط قوته، وما يميل إليه.
موهبة الطفل قد تكون في أي مجال من مجالات الحياة، في الفنون، أو الرياضة، أو العلوم، أو التقنية والتكنولوجيا، أو نحوها من مهارات الحياة المتعددة والمتنوعة. وفي تلك المرحلة المبكرة من عمر الطفل، كل ما هو مطلوب تحديد هذه الموهبة، واهتمامات الطفل بدقة، ثم التشجيع والدعم، ليواصل الطفل تنمية موهبته وتعزيزها بالمعلومات والتدريب والتعليم، سواء من خلال إلحاقه بدورات تدريبية، أو الانضمام إلى أنشطة وفرق متخصصة، أو منح الطفل، أو اليافع، المساحة والوقت والإمكانيات، لتطوير نفسه وممارسة هوايته. وقد نشرت نتائج دراسة في «مجلة علم النفس التربوي» في عام 2022: «قامت بالبحث في أثر اكتشاف وتنمية مواهب الأطفال على أدائهم في اختبارات الذكاء والإبداع. وشملت الدراسة عينة من 500 طفل في المرحلة الابتدائية. وخلصت إلى أن الاهتمام المبكر بموهبة الطفل له تأثير إيجابي كبير في نمو قدراته الذهنية والإبداعية. وأوصت بضرورة تطوير برامج فعالة في المدارس والمجتمع لاكتشاف وتنمية مواهب الأطفال».
إلى كل أب وأم: ادعما طفلكما، وشجعاه، ولا تحكما على موهبته، ولا تقررا وفق نظرتكما. المهمة المناطة بكما اكتشاف اهتماماته وموهبته.
