عادي
صيفنا قراءة

عبد الرضا السجواني: البحر ملهمنا الأول

15:09 مساء
قراءة 3 دقائق
عبد الرضا السجواني

الشارقة: جاكاتي الشيخ

يؤكد الكاتب عبد الرضا السجواني أن أهم العادات التي يداوم على القيام بها في إجازة الصيف هي ملازمة البحر، والتي يقول عنها: «لقد جبلت عليها، لأن البحر هو أهم العناصر المحفزة للإبداع بالنسبة إلي، حيث أستلهم في حضرته الكثير من معاني هذه الحياة، ويتأكد ذلك حين ندرك وجود البحر في العديد من المضامين الإبداعية الرائعة، فالبحر هو كل شيء في حياتنا، وإن لم تبخل الصحراء بمثل هذا العطاء الفكري، ومهما كان الطقس؛ حاراً، أو دافئاً، أو بارداً، فأنا لا أكترث بقدر ما تكون الحياة هي الملهمة لي من خلال البحر، وذلك ما يظهر من خلال أعمالي السردية، خاصة الأخيرة منها».


  • رُوّاد


ويضيف السجواني أنه يركز حالياً على قراءة تجارب ثلاثة من أعظم الكتاب، بخاصة في مجال القصة القصيرة، هم: الروسي أنطون تشيخوف، والفرنسي غي دي موباسان، والمصري يوسف إدريس، لأن أعمالهم الإبداعية تستحق القراءة والتأمل، وتندرج في عداد أعظم الكتابات الأدبية، حيث كان موباسان يقضي جلّ وقته في الشارع ليرصد تحركات الناس، من أجل تقديم شخصيات ناضحة تواكب عصرها، وتعتبر المرأة من أهم منطلقاته، ولذلك كان يتناول أطوار سلوكها في المجتمع الباريسي في الأزمنة المعاصرة له، كما استطاع رفقة تشيخوف التعبير بدقة، عن المضامين السائدة في مجتمعيهما، فتمحورت أعمالهما حول كل ما هو واقعي في بلديهما، أما يوسف إدريس فيعتبره السجواني موباسان العالم العربي، ويقول: «إن أعماله السردية تؤكد ذلك، كما يؤكده الباحثون في مجال القصة القصيرة في العالم العربي من خلال أرشيفهم، فقد نجح هذا الأديب في وصف مجتمعه بأسلوب إبداعي غاية في الروعة، تجلّى كذلك من خلال قصصه التي تم تحويلها إلى أعمال سينمائية».

وإضافة إلى أعمال أولئك الكتاب يقول السجواني: «أحب الغوص في فن القصة القصيرة الذي نجده لدى الرّواد في العالم كله، بمن فيهم الكتاب في العالم العربي الذين تطفح إبداعاتهم بالإحساس بآلام وهموم الآخرين، ومن أولئك محمد زفزاف من المغرب، الذي تتسم أعماله بالعمق الشديد، ومنهم في الإمارات ناصر جبران الذي تميز بدقة الوصف للبحر وكل ما يتعلق به».

وعن الكتب التي يوصي القراء بمطالعتها في هذه الإجازة الصيفية، يقترح السجواني قصة «العِقد، حياة امرأة» للكاتب غي دي موباسان، التي تدور أحداثها في باريس في القرن التاسع عشر، في وقت اتسعت فيه الفجوة بين الطبقات الاجتماعية في فرنسا، وتحكي القصة حياة ماتيلد لويسل، وهي امرأة غير سعيدة، وغير راضية عن البيئة المتواضعة التي تعيش فيها، حيث تتخذ خياراتها على أمل أن ترتفع فوق طبقتها الاجتماعية، ولكن خياراتها تلك تقودها إلى السقوط الشخصي، والمالي، والاجتماعي، ويستغل موباسان في هذه القصة القصيرة أطروحة الحتمية الاجتماعية، والتي يوضحها بسلوكات البطلة، الناتجة عن التأثير المجتمعي الذي تتعرض له، وقد مُثِّلَت القصة في السينما والتلفزيون عدة مرات.

أما الكتاب الثاني فهو رواية «الأفعى والبحر» للكاتب محمد زفزاف، التي يتناول فيها الكاتب مجتمعه، بتحولاته عبر الزمان والمكان، وتأثيرها في الأفراد، من خلال شخصية البطل سليمان الذي يصل من مدينة الدار البيضاء إلى مدينة صغيرة تقع على البحر، لقضاء العطلة الصيفية عند خالته حليمة، فيدخل الشاب في شبكة من العلاقات الاجتماعية الجديدة، ولكنه يظل حبيس أفكاره وأحلامه السابقة، حيث لم يكن يشبه أختيه في شيء، فقد كانتا عاديتين إلى حد بعيد، تزوجتا، وأنجبتا، واهتمتا بأبيهما، أما سليمان فلا يحب الحركة، ويقضي وقته في المطالعة والتأمل، حتى ليُعتقد أحياناً أنه سيفقد عقله، وينجح الكاتب بشكل كبير في كشف جوانب من شخصيته من خلال علاقته ب«ثريا».


  • عوامل


ويرى السجواني أن من أهم العوامل التي تمهد لكتابه قصة ناضجة مستلهمة من واقعنا المعيش المتابعة الحثيثة للكتب الصادرة حديثا، إضافة إلى القديمة، وقراءتها في جو يخلو من الضوضاء والإزعاج، فذلك يساعد على تقديم قصة قصيرة جادة تتعرض لأهم قضايانا اليومية، لأننا نتلمس ثقافة جديدة أفرزتها متغيرات الحياة المعاصرة، مثل ما حدث أيام كورونا، ويجب أن نعرف إلى أي مدى يتفاعل كتابنا مع مثل هذه المستجدات، كما كان يفعل كبار الكتاب مع الأزمات والأوبئة في أزمنتهم.

وينهي السجواني حديثه بوصية، فيقول: «أوصي الجيل الجديد من الأدباء بالتأني في الكتابة، والقراءة الجادة الحثيثة، كما أوصيهم بالتريث في إصدار المجموعات القصصية والشعرية، مراعاة للرسالة الملقاة على عواتقهم، من أجل تقديم أدب فاعل وجاد، يواكب الساعة، ويعكس حقيقة مجتمعنا، ووطننا الصغير، والكبير».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3z8jmzkj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"