خلال هذه الأيام من كل عام، وتحديداً في إجازة الصيف، أو خلال أي عطلة أخرى، تجد بعضهم مهموماً بالترتيب للسفر، وكأنه فرض عليه القيام به، مرة أو مرتين كل عام، ومع أنه يثقل كاهله، ولا يوجد لديه حماس، إلا أنه يواصل ترتيباته، ويذهب في رحلة تطول أو تقصر، وكأنه من المستحيل ألا يسافر، لأن كل من يعرفهم قد سافروا. نعم، السفر فرصة لتعلم ثقافات جديدة، وصحيح أن في السفر تجديداً نفسياً وجسدياً، حيث يساعد على الاسترخاء والابتعاد عن الروتين ويقلل من القلق، وأيضاً نجد في السفر الفرصة للأنشطة البدنية مثل المشي أو السباحة ونحوهما. ودون شك فإن السفر قد يغير من نظرتنا، ويطور فهمنا للكثير من المواضيع في العالم، وينمي علاقاتنا، ويوسع من الأصدقاء والمعارف، وينمي المهارات والقدرات، من خلال التكيف مع المواقف غير المتوقعة، ولأننا نجد في السفر بيئات جديدة، فإن التجارب تكون متنوعة، وهو ما قد ينشط الأفكار ويولّدها. ولا ننسى أن في السفر تعزيزاً للروابط الأسرية، من خلال قضاء الوقت والمشاركة في الأنشطة المختلفة. وهناك قائمة طويلة من الفوائد والإيجابيات للسفر، لكن هل فعلاً نحن جميعاً نتطلع إلى مثل هذه الفوائد وتحقيق تلك الإيجابيات؟
الذي يحدث عند بعضهم أن السفر عادة، أو طقس سنوي، يؤديه بغض النظر عن الوجهة ومدى ما تقدمه من فوائد له ولأسرته، وبالتالي فإن السفر هو الهدف في حد ذاته، بغض النظر عن أي ترتيبات تستهدف الراحة والاستجمام، وهذه الطريقة والنظرة للسفر، تؤدي إلى جملة من الأخطاء، تبدأ باختيار وجهة السفر، ومكان الإقامة، ونوعها، ونحوها من الجوانب التي من المهم توافرها في كل رحلة سفر. يغفل بعضهم أن السفر قد يكون سبباً في الإجهاد والتعب، وقد يكون مرهقاً للجسد، وقد يسبب اضطرابات في النوم. ولا ننسى الكلفة المادية التي تشمل تذاكر الطيران والإقامة والطعام والتسوق، وهذا يؤثر في الوضع المعيشي للفرد والأسرة، لأشهر عدة أو عام أو عامين أو أكثر، خاصة عند استخدام البطاقات الائتمانية لسداد الالتزامات والاحتياجات. ولا ننسى المخاطر الصحية والأمنية عند السفر إلى وجهات غير مجهزة لاستقبال السياح.
السفر وسيلة وطريقة ضمن طرق ووسائل عديدة للراحة والاستجمام، وليس واجباً أو فرضاً، يجب أن تكون لدينا ثقافة السفر، وكيف نوظفه التوظيف الأمثل لخدمتنا وخدمة أسرتنا. لا أن يكون سبباً للديون والالتزامات المالية ونحوها من السلبيات.
