عادي
صيفنا قراءة

د. حمد بن صراي: كل كتاب تجربة حية جديدة

16:38 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود

«لا يمر وقت الصيف إلا في القراءة»، هكذا تحدث الكاتب والباحث في التاريخ والتراث والأستاذ الجامعي د. حمد بن محمد بن جمعة بن صراي، عن القراءة في علاقتها بالصيف، كموسم يتيح إمكانية كبيرة للاطلاع على أكبر عدد من المؤلفات، والتهام ما شاء من المراجع، حيث أن المرء خلال العطلة يكون في أشد الحاجة إلى ما يزجي به الوقت، ولن يجد، بطبيعة الحال، أفضل من أن يقضي عطلته في حصد المعارف والمعلومات، بحيث يعود إلى حياة العمل أو الدراسة عقب العطلة مختلفاً، وذلك هو ما تفعله القراءة في العقول والنفوس، فمع كل كتاب يطلع عليه، يصبح وكأنه خاض تجربة حية جديدة في حياته، فالقراءة هي زاد الإنسان في هذه الحياة والتي تعينه عليها.

ويشير ابن صراي، إلى أنه يمكن للمرء خلال فترة نهار الصيف الطويل، التي تتسم بالهدوء والسكينة والراحة، أن يلتهم ما لذ وطاب من الأطعمة المعرفية والثقافية، خاصة إذ كانت لديه مكتبة عامرة بأنواع مختلفة من المعارف، فهي بمنزلة «بوفيه مفتوح»، يتناول منه ما يشاء وقت ما يشاء، فالإنسان عندما يقبل على الاطلاع يصبح «الوقت»، ممتعاً، خاصة في الصيف، فهو لا يشعر فيه، أثناء القراءة، بالتعب لأن الكتاب لا يرهق، ولا يشعر بالحرارة، فالمؤلفات تلطف الجو، وتأخذ الإنسان بعيداً إلى عالم مختلف، فالاستغراق والتعمق في الاطلاع، يجعل الإنسان منعزلاً عن المكان والزمان والعالم المحيط، ويبدي ابن صراي، تعجبه من عزوف الشباب عن القراءة وتضييعهم لهذه المتعة، حيث إن الكبار عرفوا أنها من أهم قيم الحياة.

**media[5886374,5886372,5886373]**

شغف وعشق

والقراءة بالنسبة لابن صراي، شغف كبير وقصة عشق لا تنتهي فصولها، وإن كان الصيف هو أزهى فتراتها وأكثرها خصوبة في حجم المؤلفات التي يطلع عليها خلال العطلة، فهو يمتلك مكتبة ضخمة، تضم ما يقارب الـ800 من الكتب والمؤلفات والمراجع في شتى ضروب المعرفة، ويتصدر مشهدها بصورة خاصة كتب التاريخ والبحوث والتراث، فتلك هي العوالم والموضوعات التي يجد فيها نفسه، وقد قرأ معظم تلك المؤلفات في مكتبته التي تحتل مكاناً مميزاً في المنزل.

ويؤكد، أن الانغماس في قراءة الكتب والمراجع والمخطوطات والتاريخ والتراث، تهيئه للكتابة، فتلك علاقة لا تنفصم عراها، فالذي لا يقرأ لا يمكن أن يكتب، مشيراً إلى أن حصاد القراءة خلال الفترة الماضية، جعلته يشرع في تأليف كتاب من خلال الاستعانة بما يقارب الألف مرجع ومخطوط، ويلفت إلى أن المرء أثناء الاطلاع تتكون في أفقه العديد من الأسئلة، ويجري حواراً صامتاً مع الكتاب الذي يطلع عليه، يحاوره ويستنطقه، بل ينقده.

عصور قديمة

ويضع ابن صراي، نصب عينيه عدداً من المؤلفات التي يعمل على قراءتها خلال هذا الصيف، وفي معظمها مراجع وكتب في التاريخ والتراث، ومنها «العرب في العصور القديمة... مدخل حضاري في تاريخ العرب قبل الإسلام»، للدكتور لطفي عبد الوهاب يحيي، وهو كتاب يبحر في التاريخ العربي القديم، ويتناول العديد من الجوانب والقضايا، ويقدم إضاءات شديدة الأهمية، ويتحدث عن كيف تنشأ الحضارات، وأسباب قيامها، وإلى جانب أن الكتاب مفيد، فهو يقدم متعة ذات مذاق خاص من واقع تلك الرحلة العجيبة في عمق التاريخ القديم.

وهناك أيضا كتاب «الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ»، لشمس الدين السخاوي، وهو مؤرخ كبير وعالم حديث وتفسير وأدب شهير من أعلام مؤرخي عصر المماليك، و يعد هذا الكتاب بمنزلة مقدمة في علم التاريخ الإسلامي، حيث يضم تصورات علماء المسلمين حول طبيعة التاريخ وتطور تدوينه في الحضارة الإسلامية، هو بمنزلة الرسم البياني لبدايات الكتابة التاريخية، وكذلك تعدد اتجاهاتها، حتى عصر المؤلف، إلى جانب رصد دقيق للحركة العلمية في بعض حواضر العالم الإسلامي مثل، المدينة المنورة ومكة المكرمة وبغداد وغيرها من العواصم والمدن الإسلامية.

بلاغة

ولابن صراي، كذلك مساحة للأدب واللغة، ويقرأ أيضاً جوانب من الفلسفة خاصة اليونانية القديمة، ومن المؤلفات الأدبية التي يعمل على قراءتها خلال الفترة القادمة كتاب «أساس البلاغة»، للزمخشري، ويعد من أهم المعاجم اللغوية القديمة التي تهتم بالألفاظ العربية وبلاغتها، ورتبت مواد الكتاب ترتيباً ألفبائياً على حسب حروف المعجم، وتتمثل طريقة عرض المؤلف للكتاب في، أنه يشرح الكلمة في العربية مُطعماً الشرحَ بالقرآن والأحاديث النبوية، وبالأشعار والأمثال العربية، ثم يذكر الاستعمالات المجازية للكلمة المشروحة.

ويؤكد ضرورة إعادة القراءة، بحيث لا يكتفي القارئ بالاطلاع على الكتاب مرة واحدة، فتلك مسألة في غاية الأهمية لتعميق الفهم، لأن القارئ عند الإعادة يكتشف مزيداً من الأشياء والأمور التي قد تكون فاتته في المرة الأولى، أو تلك التي لم يفهمها، وأن يعمل على تتابع المراجع الأصلية التي استند عليها الكاتب في تأليفه، وبالتالي قراءة تلك المراجع، وهذا من شأنه أن يعمق علاقة المتلقي بالقراءة أكثر، كما ينصح القراء بالإقبال على نوعية الكتب التي يفضلونها، لأن مطالعة ما لا يفضله الإنسان تجعله ينفر من القراءة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc7j7mke

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"