إيمان الهاشمي
لم يخلق الله لنا قلوباً كي نلوّثها، ولم ينفخ فينا روحاً كي نزهقها، ولم يضع عقولنا في أيدينا لئلا تسقط منّا في لحظة سهو، أو في ساعة غضبٍ أو طيشٍ ولهو، ولم يجعل ميزة ابن (آدم)، أن يُخطط بخبث في قتل حرف الألف ليصبح من بني (دم)، حيث إن أسوأ ما قد يفعله أي إنسان لأي إنسان هو ألاّ يكون إنساناً، ولكن في كثير من الأحيان حين يمنّ الله على بعضهم بالحياة (الرغدة)، تلتف حولهم بعض النفوس التي تحول الراء إلى الواو (الوغدة)! وبالتالي إن تجاهلنا آثار هذه الملوثات اللامتناهية، حتماً سيذهب كوكبنا «في ستين ألف داهية»!
بعيداً عن وغادة الوحشية النكراء، جاءتنا هذه الشخصية الموسيقية بالإطراء، حيث تكوَّن «النغم» في دمه قبل الكريات الحمراء، فوُلِدَ نابغةً بشهادة جميع الآراء، وأدهش كل من حوله في سن الخامسةِ بلا تكليف، بعدما أتقن في طفولته مهارة التأليف، ففي التاسعة كتب أول أوبرا تحت اسم «المارد»، بحثاً عن الدفء في يُتمه البارد، وهكذا كَرِهَ الوداع، وأحبَّ الإبداع، وفقاً لحالة المزاج، فازداد لديه الإنتاج، كلما حاصرته الفوضى، هو ومشاعره الغضة، فقد كان الروسي (سيرجي بروكوفييف) غريب الأطوار، متحدثاً لبقاً وقليل الحوار، مستقراً ومتزناً ومتعدِّد الأدوار، حراً طليقاً ومحاطاً بالأسوار، متغطرساً قليلاً ومضيئاً كالأنوار، حتى أنه صرّح بعد سيمفونيته الأولى، أن الموسيقار (هايدن) كان بها أولى، ثم تردّد بالتلحين لفن الباليه في البداية، ولكنه بعد ذلك لحّن الكثير في النهاية، كما أنه لم يكن كاتباً متمرساً على أي حال، ومع ذلك كتب سيمفونية حكاية خياليةٍ للأطفال، بل أتمَّها بغضون ساعةٍ واحدةٍ من التركيز وبلا كلام، وعندها توالت الأعمال الفنية في واقعه كالأحلام، حيث ألّف عشرات المقطوعات الموسيقية للأفلام، كما أغرِم بزوجته وبطفليه ورآهم عالَماً غير العالَم، وكذلك عشق الشطرنج حتى أنه غلب أفضل لاعبٍ في العالم، وللأسف أثارت أعماله حفيظة الجمهور، فخرجوا صارخين بصوتٍ جَهور: (حتى قطط السطوح تصنع أنغاماً أجمل!!)، إلا أن مقطوعته (روميو وجولييت) ما زالت هي الأجمل، وهكذا توفي في نفس يوم وفاة الزعيم الشيوعي (ستالين)، فخرج الرثاء يبكي مع جُموع الشعب الحزين، بينما بقيت جثته في منزله نحو الثلاثة أيام، إلى أن تم دفنه لينام بعدها في القبرِ بسلام!
الاسم: سيرجي بروكوفييف
التاريخ:
1891 – 1953 (62) سنة
الجنسية:روسي
النشاط:موسيقي
من أعماله:Romeo and Juliet
