عادي
تظاهرات عكسية في مختلف المدن..

قراءة تحليلية.. «اليمين المتطرف» يفشل في استغلال العنف ضد المهاجرين

20:30 مساء
قراءة 4 دقائق
قراءة تحليلية.. «اليمين المتطرف» يفشل في استغلال العنف ضد المهاجرين

إعداد: محمد كمال

في الوقت الذي يسعى اليمين المتطرف إلى محاولة استخدام الاضطرابات الحاصلة في بريطانيا لدفع السياسات المناهضة للمهاجرين، فإن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية تماماً، وخصوصاً على المدى القريب؛ إذ كشفت تقارير أن ردة فعل عامة الشارع البريطاني على أعمال الشغب كانت سلبية إلى حد مدوٍّ.

وقد اجتاح مثيرو الشغب أكثر من 15 بلدة ومدينة، ونهبوا الشركات، وأصابوا ضباط شرطة، وهاجموا المساجد، واستهدفوا الفنادق التي تؤوي طالبي اللجوء. في مشاهد بدت صادمة للكثيرين، لكنها في الوقت ذاته مألوفة.

  • عزوف الشارع البريطاني

وكان من المتوقع حدوث المزيد من احتجاجات اليمين المتطرف، الأربعاء، لكن مع الوجود المكثف للشرطة في الشوارع، كانت المشاركات محدودة، وبدلاً من ذلك، تجمّع الآلاف من المتظاهرين المناهضين للعنصرية في جميع أنحاء بريطانيا. وقد تراجع معظم البريطانيين ومعظم المسؤولين المنتخبين عن العنف ضد المهاجرين.

وزعم عدد من السياسيين من اليمين المناهض للهجرة، رغم إدانتهم للعنف في حد ذاته، أن الاضطرابات دليل على ضرورة تقييد الهجرة، على الرغم من أنها نشأت بسبب ادعاءات كاذبة على الإنترنت حول هجوم على المهاجرين.

في الواقع، في حين أن الهجرة هي نقطة اشتعال سياسية متكررة، فإن الدراسات تكشف أن المهاجرين يمثلون تأثيراً إيجابياً صافياً على الاقتصاد البريطاني، بعد أن تم إدماجهم في المجتمع. كما يميل أطفال المهاجرين إلى أن يكونوا أفضل حالا مالياً من آبائهم، بالنظر إلى أدائهم الجيد في التعليم مقارنة بالبريطانيين، وهو ما لا ينطبق على العديد من المجتمعات المهاجرة في دول أوروبية أخرى.

وإضافة إلى ذلك، فإن الأغلبية العظمى من المواطنين الأجانب الذين يسعون للاستقرار في بريطانيا يدخلون البلاد بشكل قانوني، في حين يتم إيلاء الكثير من الاهتمام لطالبي اللجوء الذين يعبرون القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة، إلا أنهم يشكلون جزءاً صغيراً من المجموع.

  • «خطأ» للسياسيين؟

وفي استطلاع أجرته مؤسسة «يوجوف» ونشر الاثنين الماضي، قال ما يقرب من نصف المشاركين إن أولئك الذين شاركوا في أعمال الشغب الأخيرة يجب أن يحصلوا على أحكام «أشد» من تلك التي عادة ما تصدر لهذا النوع من الجرائم. وكانت هذه الأرقام أعلى في شمال ووسط إنجلترا، حيث وقعت معظم الاضطرابات، ما يشير أيضاً إلى أن مثيري الشغب لم يعبروا عن آراء أغلبية صامتة.

وفي استطلاع آخر ل«يوجوف» نُشر الأربعاء، قالت الأغلبية العظمى من المشاركين، بن في ذلك الناخبون الإصلاحيون، إنهم لا يعتقدون أن الاضطرابات كانت مبررة، ولم يؤيدوها، ولم يتعاطفوا مع آراء أولئك الذين ارتكبوها.

وأكد لوك تريل، مدير منظمة More in Common، وهي منظمة غير ربحية تتعقب الرأي العام وتشجع الحوار حول القضايا الاستقطابية: «لقد أمضيت الكثير من الوقت في الدردشة مع الناخبين الإصلاحيين، والأغلبية العظمى ليست متعاطفة بأي شكل من الأشكال مع ما يحدث».

  • أعمال شغب سابقة

وشهدت بريطانيا اندلاع أعمال عنف شبه منظمة على مدى عقود من الزمن، بما في ذلك مشاجرات قامت بها «شركات» سيئة السمعة من مثيري الشغب في كرة القدم في الثمانينات والتسعينات، واندلاع أعمال شغب عنصرية في شمال إنجلترا في عام 2001، وموجة من أعمال الشغب والنهب تركزت على لندن عام 2011.

ويشير مراقبون إلى أن الأوضاع الراهنة تختلف بشكل ملحوظ عن الأحداث السابقة، ففي حين أن اضطرابات عام 2011 اندلعت بسبب قتل الشرطة لرجل أسود، فإن أعمال الشغب هذه نبعت من التضليل اليميني المتطرف على وسائل التواصل الاجتماعي. حيث نشر مؤثرون معارضون للهجرة ادعاءً كاذباً بأن أحد طالبي اللجوء قتل ثلاثة أطفال الأسبوع الماضي في ساوثبورت بإنجلترا، ودعوا أنصارهم للمشاركة في «الاحتجاجات» ضد التهديد المفترض، ثم تأججت أعمال العنف.

  • اليمين المتطرف واستغلال الهجرة

وتشير بعض الأبحاث إلى أن العواقب المترتبة على أعمال العنف على المدى المتوسط ​​أو الطويل قد تفيد السياسيين الذين ينتمون إلى اليمين المتطرف، ووجدت دراسة أكاديمية أجرتها مورين إيجر وسوزان أولزاك عام 2022، أن العنف ضد المهاجرين في ألمانيا أدى في الواقع إلى زيادة الدعم للأحزاب اليمينية المتطرفة بين الناخبين الذين لديهم بالفعل آراء مناهضة للمهاجرين.

ويقول خبراء العلوم السياسية إن مردّ ذلك نظراً لبروز قضايا الهجرة جراء التظاهرات، وإن القضايا البارزة هي تلك التي تكون حية بشكل خاص في أذهان الناس ومؤثرة في قراراتهم. أي أنه إذا أصبحت قضية ما أكثر بروزاً، فقد يكون لها تأثير جذري في السلوك حتى لو لم تتغير آراء الناس حول القضايا الأساسية.

وعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة، كانت آراء الناخبين حول الإجهاض مستقرة إلى حد ما. ولكنه أصبح أكثر بروزاً في نظر الناخبين منذ نقضت المحكمة العليا قضية رو ضد وايد، الأمر الذي منحها سلطة جديدة للتأثير في الانتخابات.

ووجد الباحثون في كثير من الأحيان، أنه عندما تصبح الهجرة أكثر بروزاً، فإنها تزيد من دعم اليمين المتطرف. وكان الباحثون يعلقون على الأوضاع في ألمانيا وليس بريطانيا، فما حدث هذا الأسبوع من أعمال الشغب قد لا يخلف نفس التأثير في بروز الهجرة في أعين الناخبين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2mne876t

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"