عجز دولي فادح في غزة

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما تقر مقررة الأمم المتحدة الخاصة في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز بالعجز عن وقف الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وتلتمس السماح من الفلسطينيين لعدم القدرة على احترام المعنى الأساسي للقانون الدولي، فهي تقدم إدانة صريحة للمجتمع الدولي الذي فقد مصداقيته وأفلست أدبياته، بعد صمته الطويل وتغاضيه عن الجرائم الرهيبة التي تسحق المدنيين في غزة ب «أسلحة أمريكية وأوروبية»، وفق اعتراف المسؤولة الأممية.

ضمن فصول الإبادة الشاملة، جاء القصف الإسرائيلي الغادر لمدرسة «التابعين»، التي تؤوي نازحين، وسط مدينة غزة، وأسفرت الحصيلة الأولية عن أكثر من 100 قتيل وعشرات المصابين والمفقودين، أغلبهم من النساء والأطفال كانوا يلوذون بتلك المدرسة على اعتبار أن لها حرمة ولا يطالها الاستهداف، لكن إسرائيل لا ترعى الحرمات ولا تمتثل لأي واعز، لأنها استمرأت الإفلات من العقاب والمحاسبة، وتحظى بحماية غربية لا تخطئها العين وإن حاول البعض اصطناع مواقف وبيع شعارات لا تجدي.

وحين تعترف الأمم المتحدة بالعجز، ويشعر الاتحاد الأوروبي بالرعب، ويتحرك مجلس الأمن متثاقلاً لعقد اجتماع، فإن كل ذلك لا يفيد في غياب التزام دولي حاسم بردع إسرائيل عن جرائمها ومحاسبتها عن كل ما فعلته وترتكبه، فالمجزرة التي شهدتها مدرسة «التابعين» لن تكون الأولى أو الأخيرة، فقد شهدت عشرات المدارس والمستشفيات والمخيمات ومراكز الإيواء مذابح مروعة هزت الضمير الإنساني لفترة من الزمن قبل أن يعود إلى سباته المعهود.

دولة الإمارات العربية المتحدة، التي انضمت قبل يومين إلى الدعوة الثلاثية لقطر ومصر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، أدانت واستنكرت بأشد العبارات استهداف مدرسة «التابعين»، وأكدت ضرورة الوقف الفوري لسفك الدماء والحفاظ على أرواح المدنيين. كما جددت الإمارات دعوة المجتمع الدولي إلى بذل أقصى الجهود لتجنب المزيد من تأجيج الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومع الأسف فإن مثل هذه المجازر التي تستهدف المدنيين بدون وجه حق، تمثل تطوراً سيئاً يحبط كل الجهود الرامية لإقرار هدنة فورية في غزة، والحفاظ على الأمن الإقليمي الذي يواجه وضعاً غير مسبوق، ولن يعرف الاستقرار طالما لا تمتثل إسرائيل للقوانين الدولية، ولا تقر بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي صدارتها إنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة.

أحد عشر شهراً من القتل العشوائي للفلسطينيين في غزة، وبعد مجزرة مدرسة «التابعين»، يبدو أن الكيل قد طفح والصبر على الانتهاكات الإسرائيلية قد نفد، فالعالم، إذا كان متحضراً فعلاً، يجب ألا يسمح لهذه الأحداث المروعة أن تصبح أمراً واقعاً، «فكلما تكررت، فقدنا إنسانيتنا الجماعية»، كما عبر عن ذلك المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، فيليب لازاريني، فهذا الرجل على غرار الكثير من المسؤولين الدوليين، الذين ما زال لديهم ضمير يستجيب لصرخات الأطفال والنساء وكل الأبرياء في غزة.

ومهما كان الإحساس بالعجز واقعاً، فإن هؤلاء الممثلين للمؤسسات الأممية والمؤتمنين على تطبيق القانون الدولي، مسؤولون أيضاً عن هذا الوضع، وعليهم أن يرفعوا أصواتهم عالياً رفضاً للإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، وأن يتحركوا فعلاً لملاحقة كل من أجرم بحق الأبرياء وأهان الأمم المتحدة وتجاوز القانون الدولي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4dkxsf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"