سوريا والتحول الأوروبي

00:40 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

فيما تسارع موسكو الخطى لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة من خلال ترتيب اجتماع بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يبدو أن أوروبا بدورها تدخل مرحلة تحول تجاه سوريا بعد قطيعة استمرت 13 عاماً منذ انفجار الأزمة السورية، وهو تحول له علاقة بالتطورات قي المنطقة، واستبعاد أوروبا من أي دور مؤثر فيها، بعدما باتت روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران تلعب الدور الأساسي على الساحة السورية وفي المنطقة.

أعلنت موسكو مؤخراً، على لسان نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، أنها على استعداد لاستضافة الرئيسين السوري والتركي «لكن مثل هذا اللقاء يحتاج إلى تحضيرات جدية»، وهو ما تعمل عليه موسكو، وأشار إلى أن رؤيتها لعملية التطبيع تقوم على أساس الاعتراف المتبادل بسلامة أراضي ووحدة وسيادة البلدين. كما أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنه يعمل على تنظيم هذا اللقاء، وأضاف في حديث له الأسبوع الماضي أنه «يجب مكافحة حزب العمال الكردي - التركي وجماعة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وإعادة المنشآت النفطية وموارد الطاقة التي استولت عليها إلى الشعب السوري».

وفيما انتهى خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي مفعول «قانون قيصر» الذي كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقعه عام 2019 والذي فرض عقوبات اقتصادية شديدة على سوريا وعلى الدول التي تتعامل معها، بادرت إيطاليا أواخر الشهر الماضي بتعيين المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفانو رافاجنان سفيراً في دمشق على أن يتولى منصبه قريباً. وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني أن التعيين يأتي بعد أن كلف مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به لسوريا. وتعتبر إيطاليا أول دولة في الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع تستأنف علاقاتها مع دمشق.

وكانت إيطاليا وسبع دول أوروبية هي النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا بعثت برسالة إلى بوريل تطلب فيها أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً أكثر فاعلية في سوريا. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني في سوريا، الذي ازداد تدهوراً في ظل بلوغ اقتصادها حالة يرثى لها».

يذكر أن هناك ست سفارات لدول الاتحاد الأوروبي لا تزال مفتوحة في دمشق، هي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص والمجر وجمهورية التشيك، لكن الخطوة الإيطالية تأتي بمثابة مفاجأة للولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية التي تدور في فلكها مثل بريطانيا وألمانيا، لكنها في الوقت عينه تمثل تحولاً أوروبياً تجاه سوريا، وقد تكون مقدمة لأن تحذو دول أوروبية حذوها قريباً، خصوصاً بعدما أدركت أن خروجها من سوريا كان خطوة سلبية في غير مصالحها ما شرع الأبواب أمام قوى ودول إقليمية كي تلعب الدور الأساسي في سوريا والمنطقة.

لذلك دعا وزير الخارجية الإيطالي الاتحاد الأوروبي إلى أن «يكيّف سياساته نحو سوريا وفق مصالحه ووفقاً لتطور الأوضاع»، بمعنى أن بقاء دول الاتحاد الأوروبي بعيدة عن الساحة السورية يعني أنها بعيدة عما يجري في المنطقة، وغير قادرة على التأثير في تطوراتها، خصوصاً أن الرهانات على تغيير النظام في سوريا سقطت، وبات الآن يسيطر على أكثر من 70 في المئة من المناطق السورية باستثناء تلك الواقعة تحت سيطرة الأكراد بدعم من الولايات المتحدة، وتلك الخاضعة للجماعات المسلحة المدعومة من تركيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4djw4fzh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"