عادي
صيفنا قراءة

سالم أبو جمهور:علينا استلهام كتب التراث الشعبي

23:11 مساء
قراءة 4 دقائق
سالم أبو جمهور

الشارقة: جاكاتي الشيخ

يمارس الشاعر سالم أبو جمهور القراءة كعادة يومية؛ حيث يزاولها غالباً في أيام متواصلة، رغم أنه قد ينقطع أياماً قليلة بسبب بعض المشاغل، ولكنها تظل بالنسبة له عادة وهواية جميلة، ويظل حضن المكتبة حضناً دافئاً كحضن الأم يتعلق به منذ صغره، كما تشكل التقنيات الجديدة إضافة كبيرة لإمكانياته القرائية، عبر الكتب الإلكترونية التي قربّت المعرفة وجعلتها في متناول الجميع، إلا أنه يرى أن ظروف القراءة لدى المثقفين لا تختلف في الصيف عن بقية الفصول، بينما قد تختلف لدى الآخرين، وخاصة الطلاب.
ويقول أبو جمهور: «أقرأ في مجالات عدة، منها السياسة التي تستحوذ على حياتنا؛ لأنها تتعلق بمسارات التاريخ من أحداثه الماضية وحتى الراهنة، وكلما أدركنا تفاصيلها فهمنا العالم من حولنا، فهي التي تحركه بتأثيرها الكبير، كما أقرأ في التاريخ؛ لأنه رحلة الإنسان عبر الزمن، ومنه نستبين كل الأمور، وفي كل المجالات، وعبر كل العصور، فهو الكشاف الكبير الذي نعرف من خلاله الحياة بتحولاتها المختلفة، خاصة التاريخ القديم، مثل التاريخ المصري، وتاريخ الأزتك والتاريخ الإفريقي».
ويضيف: «التاريخ أيضاً يمثل إطلالة مهمة على الحياة الإنسانية، تعطينا حقيقة العالم، وحقيقة أن كل الحضارات لعبت دوراً مهماً في مسار البشرية، فالتاريخ لا يقتصر على سرد أحداث الحـروب كمـــا يعتقد البعض، بـــل يشمل الســـياسة وكل التحـــولات الكبرى».
ويؤكد أبو جمهور أنه يقرأ في مجال الفنون أيضاً وتاريخها، فهي بالنسبة له قراءة في الجمال، ويقرأ في مجال الأدب، من شعر ورواية وقصة ومسرح.
تجربة
ومن خلال تجربته الطويلة في القراءة، يقترح أبو جمهور على القراء مطالعة كتابين مهمين، أولهما «الأرض الجديدة.. كيف تكتشف مغزى حياتك» لمؤلفه إيكهارت تول، الذي يعتبره كتاباً رائعاً، ويمثل إضافة نوعية للوعي الإنساني، حيث يقدم من خلاله المؤلف أفكاراً عظيمة، مفادها أن كل فرد منا يمتلك طاقة هائلة ليكون مؤثراً وفاعلاً، فالأرض الجديدة تنبع من داخلنا، ويبرز مكامن الخلفية الروحية لكل شخص يريد أن يجعل للحياة والعالم بأسره معنى سامياً يستحق العيش من أجله، كما يكشف الكتاب المخاوف التي تلازمنا جميعاً، ويشرح السبل التي من خلالها يستطيع كل منا بلوغ السعادة والصحة النفسية، وذلك باتباع سلسلة من الخطوات البسيطة والحازمة، مثل إدراك الذات الوهمية الكامنة خلف الأنا، وسر السعادة، وتعلم كيفية نسيان الماضي ومواكبة لحظة الحاضر، واكتشاف فرح الوجود، والاستعداد لخوض رحلة تنوير الذات، التي تزيل فيها الأرضُ الجديدة الأوهامَ التي نعيشها، وتزودنا بالقاعدة الأساسية الجديدة لبلوغ الروحانية الشخصية، وتطوير ذواتنا، فهو مشاهدات معمقة ومتبصرة حول المجتمع المعاصر، وحياة الإنسان فيه، وقد يعتقد البعض أنه من كتب تطوير الذات الشائعة، إلا أنه كتاب فكري أجدى من ذلك وأشمل بكثير، ولا شك أن من سيقرؤه سيكتشف ذلك.
أما الكتاب الثاني الذي يقترح على القراء مطالعته فهو كتاب «قصة تجاربي مع الحقيقة» للمهاتما غاندي، الذي يعتبر من أكثر الشخصيات الملهِمة في العصر الحديث؛ حيث يسرد فيه قصة حياته وكيفية تطويره لمفهوم الساتياجراها أو «المقاومة السلمية»، وهي مجموعة من المبادئ التي تقوم على أُسُس دينية وسياسية واقتصادية في آنٍ واحد، مُلخَّصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمُحتل، من خلال إبراز ظُلمه أمام الرأي العام، وقد كانت الساتياجراها بمنزلة المُحرِّك لنضال الشعب الهندي من أجل الحصول على الاستقلال، وليس ذلك فحسب، بل كانت المُحرِّك الرئيسي للعديد من عمليات المقاومة السلمية في القرن العشرين، وقد أبرز غاندي في هذا الكتاب كيفية بحثه عن الحقيقة المُتجلِّية في الإخلاص، ونقاط التحوُّل في حياته والنجاحات التي حقَّقها والتحديات التي واجَهها، وسعيه نحو الصفاء، من خلال الحياة البسيطة، والعادات الغذائية، والتحكم في شهوات النفس، واللاعنف؛ وذلك ما جعله يعنون الكتاب بهذا العنوان؛ ليكون مَرجعاً لمن يرغبون في اتِّباع نَهجِه من بعده، وهو كتاب ملهم يكتشف فيه القارئ كيف استطاع أحد أعظم رجال القرن العشرين تحقيق أهدافه لنفسه ولوطنه بأبسط ما يمكن أن يمتلك إنسان.
تركيز
أما عن طقوسه في الكتابة، فيؤكد أبو جمهور أنها تكون في أغلب الأحيان بالالتزام الصارم، والتركيز على الرؤية التي يراها بين القلم والورق أو شاشة الطباعة، حيث يتعايش مع الموضوع، أو الشخص، أو المكان الذي يكتب عنه، مهما كان بعده، حتى يحوّل حالته الشعورية تجاهه إلى نص مكتوب في قالبه الإبداعي، ويؤكد أن ذلك لا يتطلب منه الدخول في حالة كهنوتية، بل بإمكانه أن يكتب في البيت قرب أفراد الأسرة، مكتفياً بانزواء طفيف يمنحه التركيز اللازم.
ويوصي أبو جمهور القراء باتباع ميولهم الشخصية في القراءة، وعدم التقيد بما يراه الآخرون؛ لأن القراءة ستفيدهم، مهما كان مجالها، كما يوصي المبدعين الشباب بالقراءة بحرية، إلا أنه يوصيهم كذلك بعدم إغفال ثقافتهم، التي يقترح عليهم اتخاذها منطلقاً لقراءاتهم، ويشير إلى أن المعارف لا تقتصر على تلك التي نطلع عليها من الثقافات الأخرى، وخاصة الغربية، بل توجد لدينا معارف عميقة حتى في ثقافتنا الشعبية، ويجب أن نطلع عليها ونستلهم منها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ykaf9zhr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"