عادي
سلة حلول مطلوبة للنهوض أبرزها تطوير القوانين وتيسير التمويل

الصناعة "ضائعة" بين غياب الدعم وجاذبية الأسهم والعقارات

02:47 صباحا
قراءة 8 دقائق
تحقيق: جورج إبراهيم

أكد عدد من خبراء الاقتصاد والعاملين في القطاع الصناعي أن أهم أسباب عدول المستثمرين عن التوجه نحو الصناعة، هو إغراء باقي القطاعات الاقتصادية وسهولة التعامل فيها مقارنة بالقطاع الصناعي، وأشاروا إلى أن تأخر المردود والعائد الاستثماري في الصناعة كان أحد أهم الأسباب في توجه المستثمرين إلى باقي القطاعات الاقتصادية حيث يشكل العقار أحد أكبر عامل جذب لرؤوس الأموال عن القطاعات الأخرى، هذا بالإضافة إلى دخول قطاع الأسهم والأسواق المالية إلى صلب الحياة الاقتصادية الإماراتية بقوة وزيادة عدد الشركات العامة التي تطرح أسهمها للاستثمار .

وأشاروا إلى أن هناك العديد من العقبات الأخرى التي تعيق عملية الاستثمار في القطاع الصناعي، حيث ما زال هذا القطاع وعلى الرغم من أهميته وكونه أساسياً في اقتصاد أي بلد باعتباره العمود الفقري لكافة القطاعات الأخرى، ولصلب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بعيداً عن الدعم الحكومي الكافي سواء من حيث تأمين الأراضي الصناعية المناسبة أو من حيث إيجاد البنى التحتية الضرورية لأية صناعة .

وأوضحوا ان ضعف الثقافة الصناعية وعدم الإلمام بجدوى هذا القطاع من قبل الكثير من المستثمرين أيضاً شكل عائقاً في طريق توسيع قاعدة الاستثمار الصناعي، فالصناعة تحتاج إلى دراسات عميقة واحصاءات تتعلق بالمواد الأولية وامكانية تأمينها بالإضافة إلى دراسة موارد الطاقة والأسواق، فالاستثمار الصناعي بالإضافة إلى حاجته إلى رأس مال كبير وبني تحتية قوية وغيرها من أمور تتعلق بماهية الانتاج الصناعي، يحتاج إلى ثقافة صناعية عالية وباع طويل وصبر، واعتبروا أن الاستثمار الصناعي هو الأجدى والأكثر نفعاً بالنسبة للاستراتيجيات بعيدة المدى .

وأضافوا أنه بالإضافة إلى المعوقات التي يعاني منها الاستثمار الصناعي وينفرد بها، فإنه يعاني من الضغوطات التي تواجه القطاعات الاقتصادية الأخرى كالتضخم الذي لم يرافق المواد الأولية أو أسعار الطاقة، بل إلى العقار والايجارات وأسعار الأراضي الصناعية والتي بدورها تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في التكلفة الانتاجية وبالتالي في الهامش الربحي لأية مؤسسة صناعية .

وذكروا أن الحلول يجب أن تكون شاملة وربما تبدأ بإيجاد قوانين مناسبة وتطوير القوانين السابقة بما يتلاءم مع أهمية هذا القطاع في دعم الاقتصاد الوطني، وإيجاد الدعم الكافي للمستثمرين في الصناعة وتوفير ما يلزمهم من أدوات الانتاج، كتطوير مسألة التمويل الصناعي التي ما زالت دون التوقعات، والعمل على ايجاد المناسب من الأراضي الصناعية من حيث الكم والنوع .

وكذلك محاولة إيجاد مورد دائم وحل لاستيراد المواد الأولية بالإضافة إلى مناقشة المسائل المالية والتضخمية التي أثرت بشكل كبير في القطاعات الاقتصادية كافة وخاصة منها القطاع الصناعي .

أحمد الحوسني:

دوران بطيء لرأس المال

أكد أحمد الحوسني مدير إدارة الشركات في وزارة الاقتصاد، ان السبب الرئيسي في توجه المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال إلى القطاعات الخدمية والعقارية وغيرها مبتعدين عن الاستثمار في القطاع الصناعي هو أن دوران رأس المال في هذا القطاع بطيء وبالتالي فتحقيق الأرباح يكون على المستوى البعيد، ووجود قطاعات أخرى يمكن أن تحقق الأرباح ذاتها، بل قد تكون اضعافاً وبسرعة أكبر يجعل الاهتمام بمثل هذا القطاع قليلاً .

وأشار الى أن الصناعة تحتاج الى دعم الدولة، وهي دائماً تأخذ طابعاً استراتيجياً باعتبارها من أهم القطاعات الأساسية في اقتصاد أي بلد سواء من ناحية تأمين نوع من الاكتفاء الذاتي في أكثر من مجال أو من ناحية أهميتها بالنسبة للناتج المحلي .

وقال إنه في حال كانت النظرة الاستثمارية طويلة الأمد فالمشروعات الاقتصادية رابحة مائة في المائة، فهذا القطاع مستقر ويوفر البيئة الآمنة للاقتصاد الوطني .

وفيما يخص التضخم وارتفاع الأسعار العالمي سواء من ناحية المواد الأولية وغيرها، ذكر ان الاقتصاد الاماراتي اقتصاد مفتوح وبالتالي لا بد من أن يتأثر بالموجات العالمية سلبية كانت ام إيجابية، وبالتالي فتأثير التضخم موجود بكل تأكيد، ولكن ليس هناك احصائيات واضحة حول مدى تأثر الصناعة الوطنية .

بهذه المسألة، ونحن عملنا كحكومة هو في توجيه هذا التضخم والحد من تأثيره بشكل سلبي في الاقتصاد والصناعة المحلية .

راشد المزروعي:

عدم توفر الأراضي الصناعية المناسبة وارتفاع أسعارها

قال راشد حميد المزروعي عضو مجلس الشؤون الاقتصادية في امارة دبي وعضو في غرفة التجارة والصناعة ان السبب الرئيسي في الابتعاد عن القطاع الصناعي والاستثمار فيه انما هو التضخم الحاصل في أسعار كافة المواد وعدم وجود أراض صناعية مناسبة، فأسعار الأراضي غدت الآن بضعف قيمها السابقة، والعائد الصناعي قليل في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام والتكلفة الانشائية والتشغيلية، فكل شيء يتعلق بالصناعة يعاني من ارتفاع أسعار، من أسعار المواد الأولية في بلدانها الأصلية إلى أسعار المحروقات التي تؤثر في كلف الاستيراد وفي كلف التشغيل بالاضافة إلى العديد من الأمور الأخرى التي جعلت الاقتصاديين والمستثمرين يتجهون إلى الاستثمار في القطاعات الأخرى الأكثر ربحية والأكثر جدوى على المستوى القريب .

والحل لهذا الموضوع هو ايجاد نوع من الدعم الكافي لهذا القطاع من حيث ايجاد أراض صناعية بأسعار ملائمة لهذا النوع من الاستثمارات والتقليل من الرسوم الحكومية التي أصبحت باهظة بالنسبة للعديد من الأمور كرسوم العمالة ومسألة الفيز والاقامات وبالنسبة للعديد من الاجراءات الادارية .

وأكد ان القوانين الناظمة للاستثمار والعمل الصناعي بحاجة إلى تعديلات على الرغم من أنها ليست هي المشكلة الأساسية في توجه المستثمرين إلى غير قطاعات ولكنها تشكل عاملاً داعماً في ابراز حسنات وسهولة الاستثمار الصناعي والذي بدوره سينعكس على هذا القطاع وعلى دوره في الحياة الاقتصادية والناتج المحلي .

أحمد الشيخ:

الدعم الصناعي يجب أن يسلك المنحى الصحيح

قال رجال الأعمال احمد بن حسن الشيخ إن القطاع الصناعي له خاصية معينة تميزه عن بقية القطاعات الاقتصادية، فالعائد في هذا القطاع بعيد المدى، والاستثمار فيه يحتاج الى رأس مال كبير، وهذه الأمور لا يمكن تجاهلها بالنسبة لأي مستثمر بل هي الأمور الأساسية التي تشكل الحافز الاستثماري او عدمه، هذا بالإضافة الى أن الصناعة ليست كبقية القطاعات من حيث الخبرة التي تحتاجها، ولا يمكن تكوين هذه الخبرة بسرعة كما في غيرها .

وعن مسألة دعم الشركات الصناعية المحلية من حيث تأمين البنى التحتية وغيرها من الأمور قال الشيخ إن كل الدول تدعم الشركات والمؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، أما عندنا فربما تختلف النظرة، فبالرغم من كل المبادرات التي طرحت لدعم هذه الشركات وتطوير دورها وزيادة عددها إلا أن هذا الدعم لم يذهب في الاتجاه الافضل بالرغم من أهميته وإسهامه في دعم هذه الشركات، فالمبادرات التي طرحت سعت الى توفير رأس المال وإيجاد فرص تسويقية، ولم تأخذ الدعم الفني وإيجاد الخبرة الكافية في الاعتبار، فكيف نطلب تطوير الصناعة في ظل غياب الخبرة وغياب الاحصاءات والدراسات؟

وأضاف: لا شك في أن الصناعة هي جزء من الاقتصاد الكلي ومرتبطة بكل القطاعات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وإذا كانت القطاعات تعاني من التضخم فإن الصناعة هي أكثر المتأثرين .

أحمد البنا:

أعطوا الصناعة 50% من الدعم للعقارات

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد البنا ان مشكلات القطاع الصناعي كثيرة، ولا يمكن حصرها بموضوع أو بزاوية معينة، فحتى الآن لم يحظ القطاع الصناعي بالدعم الكافي ليكون من القطاعات الرائدة، فلم يحصل على ما حصل عليه القطاع العقاري او قطاع السياحة والخدمات، فلو أعطي هذا القطاع 50% من الدعم الذي أعطي للقطاع العقاري لكان وضعه مختلفاً .

وأشار الى أن توجه المستثمرين عن هذا القطاع الى غيره انما سببه عدم وجود الثقة في هذا القطاع، وفي المردود الذي يمكن أن يحققه وحتى الآن ما زالت التشريعات والقوانين لا تخدم هذا القطاع بالشكل الافضل، وما زالت الصناعة والاستثمار الصناعي يعاني من الإجراءات الروتينية، وما زال القطاع يخضع لإجراءات القانون الصناعي الصادر منذ بداية الثمانينات، وهذا بطبيعة الحال لا يتلاءم مع ما وصلت إليه دولة الإمارات من تطور ونمو ومواكبة للواقع المتطور في أغلب القطاعات .

وأضاف ان مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي غير النفطي للدولة يبلغ حوالي 18% من الناتج الإجمالي، وهذا القطاع هو العمود الفقري لأي اقتصاد في أي دولة، وحسب ما صدر عن بعض المنظمات الدولية فإن أي دولة يبلغ إنتاجها الصناعي حد ال 25% من الناتج الإجمالي تعتبر دولة صناعية، ومع القليل من الجهد والعمل، سواء في تجديد القوانين او في ترسيخ ثقافة صناعية لدى المستثمرين سيكون بالإمكان الوصول لذلك وخلال فترة بسيطة، وحتى الآن ليس لدى رجال الاقتصاد والمستثمرين الثقة بمردود هذا القطاع وبأهميته على المستوى البعيد، فهو من الاستثمارات الطويلة الأجل .

محمد بن هويدن:

سهولة التعامل في بقية القطاعات سبب رئيسي في العزوف عن الصناعة

قال محمد سلطان بن هويدن رجل الأعمال والنائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، ان سهولة التعامل في بقية القطاعات خاصة بالنسبة للقطاع العقاري، هو السبب الرئيسي في توجه المستثمرين اليها، فالقطاعات العقارية او الخدمية وغيرها لا تتطلب ما يتطلبه القطاع الصناعي من خبرة ودراسة ووجود المعلومات عن السوق وغيرها من أمور، خاصة في ظل ما يقال عن العقار مثلا من انه يمرض ولا يموت .

وأشار الى أن تنويع الاستثمارات شيء جيد وضروري لأي اقتصاد، ولكن الاستثمار في الصناعة يحتاج الى رأس مال كبير وثقافة صناعية عالية، وإلى بنية تحتية قوية وشاملة وإلى الآن هناك شح في هذه المسألة، وكل هذه الأمور تدور في بال المستثمرين علماً بأن الصناعة على المدى الطويل هي الأفضل والأكثر أماناً ومردوداً من بقية القطاعات .

وأكد ان التضخم والغلاء هما توأمان في كل المشكلات الاقتصادية ولا شك أنها مسألة تؤرق الاقتصادات العالمية والمحلية وتؤثر فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة عند الحديث عن الصناعة، فكل الخدمات والأمور التي تدخل في الصناعة تعاني التضخم عالميا ومحليا، ومسألة الإيجارات والمحروقات والنقل والمواد الأولية وغيرها كلها تمس المستثمر الصناعي .

وعن الحلول ذكر ابن هويدن انها تبدأ من القوانين التي تنظم العمل الصناعي والتجاري والخدمي، فلا بد من مواكبة الطفرة الحاصلة في كل القطاعات، ولا بد من إعطاء الصناعة بعض الامتيازات، فمثلا بعض التشريعات في موضوع استهلاك الكهرباء يجب أن تعطي تفضيلات للصناعة وتخفيض اسعارها بدلا من تحميلها ضرائب اضافية، وفي ما يخص المحروقات وتسهيل تحويل عملها من الديزل الى الغاز .

وتحدث عما يسمى أم الصناعة، وهي الصناعات الأولية التي تدخل في صناعات متعددة ومختلفة، وعدم وجود مثل هذه الصناعة في دولة الإمارات ولماذا لا تقوم بها بعض الشركات المختلفة؟ كإنتاج أوليات بعض الصناعات البتروكيماوية حتى يشعر المستثمر أنه يملك كل مقومات وخامات الصناعة المطلوبة بين يديه .

عبدالرحمن المطيوعي:

ارتفاع عائد الاستثمار العقاري أبعد الأنظار عن القطاع الصناعي

قال عبدالرحمن المطيوعي رجل الأعمال والمدير العام السابق لغرفة تجارة وصناعة دبي ان أهم سبب في عدول المستثمرين عن التوجه إلى القطاع الصناعي هو ارتفاع العائد في قطاع العقارات والانشاء ودخول قطاع الاسهم والاسواق المالية الى صلب الحياة الاقتصادية الاماراتية بقوة وزيادة عدد الشركات العامة التي تطرح اسهمها للاستثمار .

وأشار الى أن العائد أو المردود المالي من القطاع الصناعي قد يكون مجزياً ولكنه متأخر، وهو من افضل المشاريع والاستثمارات للاستراتيجيات البعيدة المدى .

واضاف ان هناك الكثير من العقبات التي تعوق الاستثمار الصناعي وتقلل من توجه المستثمرين اليه مثل غياب مصارف التمويل الصناعي بالشكل الذي يلبي احتياجات الاقتصاد الوطني واحتياجات المشاريع الصناعية نفسها، هذا بالإضافة الى ثقافة المجتمع ونظرته الى الصناعة على انها من الأنشطة المتبعة والتي تحتاج الى تفرغ لا تحتاجه القطاعات الأخرى بالنسبة نفسها وكذلك القوانين التي تلعب دوراً كبيراً سواء في مسألة الترخيص الصناعي او في المسألة التنظيمية للقطاع ومسألة الدعم الحكومي وايجاد الحوافز سواء لناحية رأس المال اللازم أو لتوفير ادوات الانتاج كالمواد الاولية والعمالة والاراضي الصناعية التي أصبحت قليلة بسبب طغيان الطابع العقاري على اكثرها وتحويل اجزاء كبيرة من الاراضي الصناعية الى عقارية بسبب جدوى العقار على المستوى القريب، وكذلك مسألة الطاقة والكهرباء والتي انعكست بشكل كبير على القطاع الصناعي وهذا كله بالاضافة الى مشكلة التضخم التي تعاني منها القطاعات كافة وارتفاع الاسعار لما يدخل في الصناعة بشكل مباشر كالمواد الاولية والطاقة وغيرها بالاضافة الى التكلفة غير المباشرة التي يتكبدها القطاع بسبب التضخم الكبير الحاصل في باقي القطاعات الاقتصادية كارتفاع اسعار العقارات وايجاراتها وارتفاع اسعار الخدمات والنقل وكل ما يدخل في الصناعة من قريب أو بعيد .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"