متحف المرأة

03:56 صباحا
قراءة دقيقتين

إبراهيم الهاشمي

تمشي في أروقته فتسمع صوت جدتك «تشولب» وهي على ظهر ناقتها متجهة للمقيظ، أو تسمع هدهدة أمك وهي تحاول تنويمك، وبينهما تسمع صوت الخناجر التي غرستها جدات جداتك في قلوب المستعمرين دفاعاً عن أرض آبائك وأجدادك، وتسمع صوت أخواتك الذاهبات بحثاً عن العلم والمعرفة في كل أصقاع الأرض، تسمع وقع خطواتهن الثابتة الراسخة القوية، وتسمع حفيف الأوراق وصرير الأقلام وهن يبحثن ويدوّن ويكتبن، ليرجعن للوطن حاملات أعلى الشهادات لينشرن نور المعرفة في كل أرجاء الوطن، يشاركن في كل المهن والفنون والمعارف، تشنف أذنيك وأنت تسمع صوت عوشة بنت خليفة السويدي فتاة العرب وهي تشدو أطيب الكلمات وأعذب الأشعار، وترى ما حفظته لنا منيرة المزروع من صور التقطتها بكاميرتها ذات يوم، وتجلس إلى عوشة بنت حسين بن لوتاه تسمع ما قالته لابنتها رفيعة بنت عبيد بن غباش ذات رسالة تشد فيها من أزرها وتشجعها على طلب العلم بكل ما أوتيت من إيمان وقوة، ثم تقف بإجلال أمام رجل المحبة والخير باني هذا الوطن القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تغمده الله بواسع رحمته الذي قال: «أملي في اليوم الذي أرى فيه الطبيبة والمهندسة والدبلوماسية بين فتيات الإمارات» وسعى بكل جهد لتحقيق ذلك.
متحف المرأة الذي أسسته الدكتورة رفيعة غباش وجاهدت بكل حب وشغف ليكون مكاناً يضم ويشهد على ما قدمته المرأة في الإمارات من عطاء منذ غابر الأزمان، وأنها صنو الرجل كتفاً بكتف في العطاء والبناء، هذا المتحف الواقع في سوق الذهب والذي يمثل ذاكرة حية لسيرة المرأة في الدولة قامت الدكتورة رفيعة بتمويله شخصياً، بل حرصت على أن يكون جذاباً لافتاً سواء بطريقة تنظيمه أو بالحجرات التي تضم المقتنيات أو السير المدونة على جدرانه أو غرفه المخصصة لشخصيات نسائية بارزة في عطائها وبجهد ذاتي لم يشاركها فيه إلا عدد قليل يعد على أصابع اليد الواحدة، وليكون فعلاً متحفاً يليق بسيرة المرأة وعطائها في دولة الإمارات.
هذا المتحف المميز والذي شيد بجهد فردي شخصي يستحق الوقوف معه، بل دعمه بكل السبل والوسائل ليس فقط بإعفائه من الرسوم المعتادة المفروضة من قبل الجهات الرسمية المختلفة والذي نتمنى أن يحدث، بل يحتاج إلى دعم أكبر وبشكل عملي وممنهج من الجهات المعنية بشأن الثقافة والمعرفة مثل وزارة الثقافة والشباب وهيئة دبي للثقافة والفنون، يحتاج إلى مساهمة ودعم كافة الجهات كلٌ وبطريقته الخاصة.
ما قامت به الدكتورة رفيعة غباش عمل استثنائي فريد تجاوز في مضمونه وشكله عمل الكثير من الجهات ذات الاختصاص نقف أمامه شاكرين مقدرين ممتنين.
متحف المرأة مكان يستحق أكثر من مجرد زيارة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"