المزكي.. من منا لم يخطئ؟

05:00 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

خبر وفاة خمسة أفراد من عائلة واحدة بسبب فيروس كورونا، الذي بثته إحدى محطاتنا المرئية المعتبرة من خلال تقرير تمت فيه مقابلة أحد أفراد العائلة، ومن ثم اكتشاف أن كل تلك القصة وذاك الخبر محض افتراء، وعبارة عن قصة مفبركة ليس لها أي أساس من الصحة، ذلك الخبر هز المجتمع وأوجعه بكل ما في الكلمة من معنى، خصوصاً مع ارتفاع حالات الإصابة اليومية المعلنة بفيروس كورونا من قبل السلطات المعنية، ومن ثم تكذيب الخبر الذي استشاط معه الكثيرون غضباً وصبوا فيه جام غضبهم على الأخ الإعلامي منذر المزكي الذي قدم ذلك التقرير، وطالوه بالكثير من النعوت والأوصاف، وطالبوه بالتوقف عن الظهور في وسائل التواصل الاجتماعي ومحاسبته ومعاقبة كل من تسبب في بث ذلك الخبر.
بلا شك أن بث مثل ذلك الخبر من دون تدقيق وتمحيص ومراجعة للسلطات المعنية للتأكد من المعلومات المتعلقة به خطأ يحتاج إلى مراجعة ومساءلة ومحاسبة لجميع الأطراف خصوصاً أنه بُث عبر قناة مرئية رسمية محلية، ولا أعتقد أن هناك من يطالب بغير ذلك. لكن الهجوم الشرس العنيف الذي تعرض له الإعلامي منذر المزكي، وأنا لا أعرفه شخصياً، بعد اعتذاره علناً وعبر وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي شيء يدعو للعجب.
لا أنكر ولا ينكر هو أيضاً أنه أخطأ، لكن التعامل معه كان مجحفاً خصوصاً أن منذر من الشخصيات الإعلامية المعروفة التي لها دور مشهود في العطاء والخدمات الإنسانية وخدمة المجتمع وأفراده، وله أسلوبه المميز في الطرح، ومن حق الجميع أن يعتبوا عليه ويلوموه لكن بأسلوب بعيد عن الإجحاف والتهويل والهجوم الشخصي والمطالبة بالغياب والإقصاء.
من حقنا أن نعتب عليه لكن بحب وعقلانية. عتب المحب الناصح المتطلع للأفضل. عتب يعلم ولا يحطم. عتب يقوي ولا يهدم.
وهنا أتساءل، من منا لم يخطئ في مسيرة حياته مهما كان الخطأ صغيراً أو جسيماً، وهل إصلاح ما حدث يتم عبر الإقصاء أو هدم كل ما قدمه كان من كان، هل سننتفع من غياب شاب مميز مثل منذر عن الساحة الإعلامية، أم أنه درس بكل تأكيد تعلم منه هو وغيره ليكونوا أكثر حرصاً ودقة وتميزاً وعطاءً؟
المساءلة مطلوبة والتحقيق مطلوب والمحاسبة مطلوبة والعقاب كذلك، لكن خسارة إعلامي مواطن مميز مثل منذر المزكي خسارة إعلامية وطنية يجب أن لا تحدث.
إنه درس لنا جميعاً، والمطلوب أن نتعلم منه فن تحري الدقة والشفافية والمصداقية، خصوصاً حينما يكون التعامل من خلال وسيلة من وسائل الرأي العام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"