«كورونا» واللقاح السحري

04:29 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

ألهب الإعلان المباغت من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن إنتاج بلاده أول لقاح عالمي للوقاية من فيروس كورونا، السباق بين مختلف الدول الطامحة كل منها إلى أن تفوز على غيرها، وتكون الأجدر بالقضاء على الداء الذي شغل الشعوب، والحكومات، أكثر من سبعة أشهر. وفور تناقل وسائل الإعلام نبأ الإعلان الروسي، انهالت الشكوك والمواقف الحذرة بذريعة أن الروس، ربما ليسوا جديرين بهذا الإنجاز، بينما القوى الأخرى ذات التاريخ في الحرب على الفيروسات والأمراض لم تحقق شيئاً.
ومن علامات الثقة الروسية، إعلان بوتين أن إحدى بناته تلقت التطعيم، وهي بصحة جيدة، بينما انبرى المسؤولون في موسكو يدافعون بشراسة عن تجاربهم، معلنين البدء، خلال أيام، بحملات التطعيم لمن يريد ذلك طوعاً. وإمعاناً في استفزاز المنافسين، كما يبدو، اختار الروس لهذا اللقاح الجديد اسم «سبوتنيك في»، وهو اسم يحيل إلى أول قمر صناعي أطلقته روسيا السوفييتية عام 1957 وسبقت به الولايات المتحدة، كما يدل على أن اكتشافه جاء ضمن سباق مع عواصم أخرى، على رأسها واشنطن. ولذلك، لم يكن مستغرباً أن يعج الإعلام الأمريكي بالتشكيك في اللقاح الروسي، والتقليل من شأنه، وقال الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، إنه يشك في أن روسيا أثبتت أن لقاحها آمن، وفعال، فيما حاولت بعض الصحف النبش في التاريخ السوفييتي علها تجد خطأ علمياً تتسلح به في المعركة المستعرة على اللقاحات.
وفي العالم اليوم هناك 28 لقاحاً، على الأقل، في طور التجارب. وإضافة إلى روسيا، تجري دول عدة أهمها الصين، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، تجارب متتالية، ويصل علماؤها وباحثوها الليل بالنهار للتوصل، قبل الغير، إلى إنتاج اللقاح السحري الذي ينتظره مليارات البشر، إذ لم يسبق في التاريخ أن نكلت جائحة صحية بالبشرية مثلما فعل فيروس كورونا، من حيث الانتشار، والخسائر الاقتصادية والسياسية، في مختلف الدول، والأقاليم، وقد بدا هذا الفيروس مثل الطاغية المستبد الذي يحلم جميع الناس بيوم سقوطه، ولن يتم ذلك بحرب، أو مفاوضات، وإنما بإنتاج دواء يمكن أن يحد من اتساعه، ويحمي الأجيال المقبلة من آثاره المدمرة.
وإذا كانت الغاية القضاء على «كورونا»، فلا بأس أن يتسابق المتسابقون، فمهما كان اللقاح وجنسيته سيكون مفيداً للعالم أجمع، تماماً مثلما جال الفيروس في عموم الكرة الأرضية، ولم يترك بلداً، أو مدينة لم يقتحمها، ولم يخلف فيها خسائر. وبعد هذه الأشهر الطويلة تجاوز عدد الوفيات أكثر من 750 ألفاً، وحصيلة المصابين تجاوزت 20 مليوناً. وفي غمرة التفاؤل بقرب الخلاص من هذا الكابوس، تأتي من منظمة الصحة العالمية بعض التصريحات المحبطة، إما تحذر من اتساع الانتشار، وإما تعلن ألا سبيل للتغلب على الوباء في المدى المنظور. ومع ذلك، فإن البشرية ستنتصر في النهاية. وقد يكون اللقاح الروسي هو بداية قهر الوباء، في انتظار توالي اللقاحات الأخرى، وكلها خير، ومبعث إلهام لما بعد «كورونا».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"