هندسة الوظائف

04:56 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

تشكل أزمة فيروس كورونا المستجد، نقطة انطلاقة نحو مستقبل جديد في مختلف المجالات، فتداعياتها أخذتنا إلى متغيرات كثيرة، وسريعة، أبرزها كانت تجربة العمل عن بعد، التي أفرزت طرائق جديدة لإدارة الأعمال، وإنجاز المهام في القطاعات كافة، وهذا ما جعل الحكومات تفكر، بجدية، في المستقبل القادم بعد رحيل الجائحة.

نعم، عجلت «كورونا» بالتحولات والمتغيرات المستقبلية، فهناك الملايين حول العالم أجبرتهم التداعيات على ترك وظائفهم، وملايين مماثلة على قارعة الطريق، تنتظر المصير المجهول، أما المؤسسات والهيئات، (حكومية وخاصة)، فبدأت بإعادة ترتيب أوراقها من جديد بخطط عاجلة، وعمليات دمج للمهام، واستحداث صياغة لأشكال الوظائف، وفق المستجدات التي أفرزها زمن «كورونا».

وما شهدناه من نتائج الفيروس خلال الأشهر القليلة الماضية، يؤكد أن سوق العمل يتأهب لإعادة هندسة الوظائف، وتوزيع المهام، وتصنيف الأدوار، والأوصاف الوظيفية، وفق تحولات متسارعة سبقت توقعات وتنبؤات كانت تحاكي في مضمونها عام 2030، والتي رسمت ملامح اختفاء الوظائف، وظهور أخرى بديلة.

ومع هذه المستجدات، ووجود تجربة العمل عن بعد، التي يتم تقييمها الآن، وفق معايير دقيقة، لوضع ملامح الكوادر البشرية التي يحتاج إليها سوق العمل في المرحلة المقبلة، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً في أذهان الكثيرين، حول من يستحق البقاء؟ ومن هم الراحلون؟

الإشكالية ليست في الذين فقدوا وظائفهم مؤخراً، فحسب، بل هناك أنظمة وحكومات بدأت، فعلياً، بإعادة ترتيب احتياجاتها من الكوادر في مختلف التخصصات، والقطاعات، لاسيما مع وجود التكنولوجيا التي سجلت حضوراً لافتاً في ظل الأزمة الراهنة، وحققت نتائج جيدة في تسيير الأعمال وإنجاز المهام خارج أسوار المكاتب.

وهنا ينبغي الانتباه لتلك المستجدات، ومتطلبات المرحلة المقبلة، فضلاً عن أهمية الاستمرار في التطوير مهنياً، ومهارياً، كل في مجال تخصصه، فالبقاء سيكون لمن يمتلك القدرات، والإبداعات، والمهارات، في إنجاز المهام، والقيام بأدوار متعددة، ليخدم القطاع الذي يعمل فيه، ومن يفتقر إلى تلك المواصفات فعليه الاستعداد للرحيل، والخروج من حلبة المنافسة الوظيفية.

والإمارات لديها كل المقومات لبناء الكوادر المهرة، وذراعاها مفتوحتان لاستيعاب الجميع، ولكن علينا إدراك ماهية المتغيرات والتحولات القادمة، ولنبدأ بمواكبة المستجدات، والاحتياجات، وليكن التطوير بأنواعه، أداة التمكين في عصر إعادة هندسة الوظائف، ولا ننسى تنوع المعارف الذي يلعب دوراً محورياً في فهم الواقع، واستشراف المستقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"