رسوم المدارس الخاصة.. مغالاة لا تساوي حجم الخدمات

مسلسل إنهاء الخدمات مازال مستمراً
03:01 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: محمد إبراهيم

من المعلوم أن قيمة الرسوم الدراسية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالخدمات، التي تقدمها المدارس الخاصة، سواء كانت تعليمية أو خدمية أو متعلقة بالرعاية والمتابعة والأنشطة، ونوعية التعليم وجودة المخرجات، فضلاً عن قيمة الاستهلاك الخدمي في كل مدرسة، الأمر الذي أدى إلى وجود تفاوت في الرسوم بين مدرسة وأخرى، ونظام تعليمي وآخر.
ومع انتشار فيروس «كورونا»، وتطبيق التعلم عن بعد، واعتماد التعليم الهجين، نجد الخدمات المقدمة للطلبة شهدت تقلصاً، ووجدت الميزانيات التشغيلية مسارات عدة للتوفير.
وهنا اعتبر عدد من أولياء أمور أن رسوم مدارس أبنائهم، «مغالاة» لا تساوي قيمة وحجم الخدمات المقدمة، ولاسيما أن هناك خدمات لم تعد موجودة في ظل التعليم الجديد «الهجين أو الافتراضي»، مطالبين بإعادة النظر في رسوم المدارس الخاصة، بحيث تتساوى مع الخدمات.
في المقابل، استجابت إدارات مدارس لظروف الوضع الراهن، وبادرت بتخفيض الرسوم أو تقديم خصومات تتراوح بين 20-30% للطلبة في مختلف مراحل التعليم، فيما ظل البعض الآخر على موقفه، معتبراً أن تخفيض الرسوم ينعكس سلباً على أداء المدرسة، ورواتب الكوادر بمختلف فئاتهم، على الرغم أن الفترة القليلة الماضية شهدت إنهاء خدمات العديد من المعلمين والمشرفين بحجة الجائحة، ومازال مسلسل إنهاء الخدمات مستمراً.
وأكد خبراء وتربويين أن التعليم الهجين أو الافتراضي، نموذجان أسهما بفاعلية في تقليص النفقات وأنعشا الميزانيات التشغيلية في المدارس، معتبرين أن إعادة احتساب الرسوم وفق الخدمات معادلة صعبة في الوقت الراهن، والأمر مرتبط بزوال الجائحة وما يتبعها من نوعية التعليم، ويبقى الأمر برمته في أيدي الجهات المعنية، لتقييم الخدمات واحتساب قيمتها المادية المستحقة.
«الخليج» تناقش مع الخبراء والميدان التربوي بمختلف فئاته، إشكالية رسوم المدارس الخاصة، في ظل المتغيرات التي تشهدها منظومة العلم في الدولة، وكيفية التعامل معها بشكل يحقق العدالة بين جميع الأطراف، ضماناً لاستقرار العملية التعليمية.


لا يجوز


«لا يجوز سداد رسوم تعليم الأبناء مرتين، الأولى للمدارس، والثانية في البيوت»، هكذا بدأ معنا حديث أولياء الأمور: «إيهاب زيادة، ومحمد طه، وأم سلمى، وميثاء علي، وسما حسين، وحمده حمدان»، مؤكدين أن رسوم الدراسة تتراوح بين 15-40 ألف درهم لكل طالب من أبنائهم، ولا يحق للمدارس تحصيل رسوم خدمات، لم ينتفع بها الأبناء، لاسيما أن التعليم الهجين أو الافتراضي أسهم في تقليص العديد من الخدمات«مدفوعة الثمن»، وينبغي إعادة صياغة الرسوم الدراسية وفق المستجدات والخدمات الفعلية المقدمة.
وأكدوا أن الرسوم الحالية التي تلزمهم المدارس بسدادها تشمل خدمات لا ينتفع بها أبناؤهم، أبرزها الرعاية التعليمية والصحية، أو الانتفاع بمرافق المدرسة لاسيما للطلبة الذين يتلقون تعليمهم عن بعد في البيوت، متسائلين عن سبب إلزام أولياء الأمور سداد كامل الرسوم وما تشمله من خدمات لا يتم الاستفادة منها.
ويرون أن المسؤولية تقع على عاتق الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص في الدولة، مطالبين بالتدخل السريع لإعادة احتساب الرسوم وفق الخدمات والمعطيات الراهنة، بحيادية تحقق العدالة بين جميع الأطراف، تخفيفاً من الضغوط التي تقع على الوالدين في ظل الظروف الراهنة.


أول المتضررين


وفي تعقيبهم، يرى المعلمون: «عائشة عبد الله، عاطف حسن، رمضان محمد، وحنان شرف، وريهام فاروق»، أن أي تعديل سيتم على الرسوم، سينعكس سلباً على المعلمين ورواتبهم، وسيكونون أول المتضررين، لذا علينا أن نتجاوز تلك المرحلة بتكاتف الجهود من أجل مصلحة الجميع، وفي حال استقرار الأوضاع، وعودة الحياة المدرسية لطبيعتها، على أولياء الأمور المطالبة بالتعديل أو اعادة النظر وفق نوعية التعليم وحجم الخدمات التعليمية المقدمة، معتبرين أن التطرق لمسألة الرسوم في الوقت الراهن خطأ كبير يأتي بنتائج عكسية على المجتمع المدرسي بمختلف فئاته.


آراء متباينة


وفي وقفة مع إدارات بعض المدارس الخاصة، تباينت الآراء حول الرسوم، ولكنهم اتفقوا جميعاً على أن الظروف الراهنة وقتية، ولا يجوز تقييم الخدمات التعليمية في الوقت الحالي، إذ إن الحلول المقدمة تركز فقط على استمرارية التعليم والمحافظة على منابر العلم مضيئة في الدولة.
أكد كل من «خلود فهمي، ووليد فؤاد لافي، وطارق.م، خالد. ع»، أن خدمات المدارس بمختلف أنواعها مستمرة ولا يوجد أي توقف، وما يحدث من إجراءات مجرد وسائل لإعادة طريقة تشغيل الخدمات بما يضمن أمن وسلامة الجميع في ظل وجود جائحة كورونا.
وحول ضرورة اعادة صياغة الرسوم، أفادوا بأنه لا يجوز اتخاذ تلك الخطوة في الوقت الراهن، فالجميع يركز على تقديم المعارف والعلوم للطلبة في ظل هذه الظروف، وعدم فاعلية بعض الخدمات لا يعني بالضرورة اختفاءها، ولكن تداعيات «كورونا» أفرزت آثاراً سلبية على جميع القطاعات.
وأكدوا عدم أحقية ولي الأمر في المطالبة بتعديل رسوم التعليم أو تقليصها، بسبب غياب حصص الأنشطة، إذ إن الأمر خارج إرادة المدارس، فضلاً عن أنه لا مساس بمستحقات المعلمين في مدارسهم، بل بالعكس يتم صرف حوافز لهم نظير جهودهم ومساهمتهم.


مبادرات خدمية


في المقابل، أكد الدكتور فارس الجبور، ورضا خان وسلمى عيد وإيان والاس، أن مدارسهم بادرت بتخفيض الرسوم 20-30% لتخفيف الأعباء على أولياء الأمور، ومساعدة الأسر محدودة الدخل في تعليم أبنائهم في مختلف مراحل التعليم، مراعاة للظروف التي تمر بها المجتمعات، مشيرين إلى أن هناك أيضاً مبادرات لمساعدة الطلبة الذين ليس لديهم القدرة على سداد الرسوم.
وقالوا إن نجاح أية مؤسسة مرهون بالعلاقة التكاملية بين إدارات المدارس وأولياء الأمور، فضلاً عن المسؤولية المجتمعية لهما خلال وقت الأزمات والطوارئ، مؤكدين أهمية التركيز على التعليم الهجين الذي يعد خطوة مهمة في مسيرة تطوير التعليم في الدولة، لتحقيق مخرجات ذات جودة عالية، وستحافظ المدارس على نهج التدريس بطرائق متطورة، موضحين أن تلك المرحلة تحتاج إلى تكاتف مختلف فئات المجتمع بأفراده ومؤسساته، للمحافظة على مستقبل الأجيال.


يرفضون الإفادة


على الرغم أن المناقشات فاعلة والحوار مفتوح، إلا أن إدارات بعض المدارس، رفضت أبدأ الرأي، أو الحديث عن سبل تعاطيهم مع مسألة الرسوم والخدمات، واكتفوا بمقولة أن «الظروف الراهنة قاسية ومحرجة»، وعلى الجميع تقبل الوضع بما يحمله من أثار انعكست على الجميع سلباً، مشيرين لأهمية بقاء الرسوم الدراسية على وضعها الحالي، لتمكين المدارس من تغطية نفقات الميزانيات التشغيلية التي تسهم في استمرار العملية التعليمية، ورفضوا الحديث حول الفوائد المادية التي تكتسبها المدارس الخاصة من نظام التعليم الجديد، الذي قلص الكثير من النفقات التشغيلية، بما في ذلك رواتب وبدلات ورسوم كانت تدفعها الادارات خلال التعليم الاعتيادي.


واقع المستجدات


وللوقوف على واقع المستجدات في التعليم خلال العام الدراسي الجديد، وفق القرارات والسيناريوهات الأخيرة، وعلاقته بالرسوم الدراسية في المدارس الخاصة، ومدى أحقية أولياء الأمور في ذلك، أكد الخبير التربوي الدكتور وافي الحاج، أن التعليم الهجين، وما يتضمنه من مسارات وبروتوكلات، يركز على المواد الأساسية، التي تضم «العربية، والانجليزية، والرياضيات، والعلوم بأنواعها، والاجتماعيات، والإسلامية، والفيزياء والكيمياء والأحياء»، ونظراً للظروف الراهنة تتوقف دراسة المواد المساندة والأنشطة مثل«التربية الرياضية والفنون والموسيقى والدراما» وغيرها.
هذه النوعية من التعليم تمزج بين التعليم المباشر، والذاتي والتعلم عن بعد، فالتعليم المدرسي المباشر، يخضع لحزمة إجراءات احترازية ووقائية وبروتوكلات، من شأنها تحديد أعداد الطلبة، ويرافقها تقليص في أعداد المعلمين والأنشطة واختصاصي المختبرات والخدمات المساندة، ومن المؤكد أن هذا بالنسبة للمدارس الخاصة توفير في النفقات وحجم الاستهلاك.
وأعتبر أن التعلم «عن بعد والذاتي»، نموذجان للتعليم الافتراضي، الذي يلقي بمسؤولية إعداد البيئة التعليمية على عاتق الوالدين في البيت، فأصبح ولي الأمر المسؤول عن توفير أجهزة التعلم، والكهرباء والمياه والإنترنت، والمتابعة، والإشراف، والرعاية التعليمية والصحية.
واعتبر أن مسارات التعليم الافتراضي ومكوناته، قناة فاعلة للتوفير في الميزانيات التشغيلية والنفقات في المدارس الخاصة، وتقليص استهلاكها في الكهرباء والمياه، والصيانة، ورواتب وبدلات بعض الكوادر منها سائقو الحافلات والمشرفون، ومعلمو التربية الرياضية والأنشطة «والفنون، والمسرح، والرسم، والموسيقى، ومشرفي الأقسام، والمختبرات، وعمال الخدمات المساندة، وبعض منسقي المواد، نظرا لعدم وجود جداول لهم في ظل الظروف الراهنة.
وحول إعادة النظر في رسوم المدارس الخاصة، بعد اختفاء بعض الخدمات، وتخفيف النفقات، والوفرة في الاستهلاك المشهودة، أكد أنه لا مجال للنظر في أمر الرسوم والخدمات في الراهن، إذ إن التعليم المقدم حالياً يعد حلاً وقتياً نظراً لوجود الجائحة، موضحاً أن إعادة النظر مرهون بنوع التعليم وخدماته بعد الجائحة، وما تذهب إليه منظومة التعليم في المستقبل القريب.
وأكد أنه في حال استمرار منظومة التعليم الافتراضية، ينبغي أن يعاد احتساب رسوم المدارس وفق الخدمات المتاحة للطلبة، وهذا الأمر يقع على عاتق الجهات القائمة على شأن التعليم في الدولة، من أجل تحقيق العدالة والمساواة في عملية الاحتساب.


انطلاقة آمنة


تركز الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص في الدولة، على انطلاقة آمنة للعام الدراسي الجديد 2020-2021، معتبرة أن ما يقدم من خدمات تعليمية، ما هي إلا حلول لضمان استمرارية تعليم الأبناء في مختلف مراحل التعليم، ولتجاوز تلك الظروف الصعبة، وأية متغيرات حدثت في الخدمات، فهي نتيجة لظروف وقتية سريعاً ما تزول، ليعود المجتمع المدرسي لطبيعته، لذا خطوة النظر في اعادة صياغة الرسوم نظراً لتراجع بعض الخدمات، معادلة صعبة لأنها جاءت في ظل ظروف استثنائية ووقتية لا يجوز أن يتخذ فيها تلك الخطوة، وعلى المجتمع التعليمي بمختلف فئاته الانتظار حتى نرى شكل التعليم بعد رحيل كورونا.


رسوم وخدمات


لا يختلف اثنان على أن للمدارس الخاصة الحق في تحصيل رسوم ما تقدمه من خدمات تعليمية، ولها أيضاً الحق في المطالبة بها، لاسيما أنها تلعب دوراً كبيراً في مسيرة بناء الأجيال، وتأهيلهم للمستقبل، ولكن تبقى القاعدة الأساسية لتؤكد أن تحديد الرسوم يتوقف على حجم الخدمات المقدمة.


زيادة في الرسوم


في الوقت الذي يطالب فيه أولياء الأمور بإعادة النظر في احتساب الرسوم الدراسية لتتوافق مع الخدمات المقدمة للطلبة، علمت«الخليج» أن بعض المدارس الخاصة ذهبت لتفرض زيادة في الرسوم، على الرغم أن الجهات المعنية كافة، أكدت عدم إقرار أية زيادة في رسوم العام الدراسي الجديد في أية مدرسة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"