"العصب السابع".. التهاب يستهدف عضلات الوجه

02:13 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يعد العصب السابع من مجموعة الأعصاب القحفية الموجودة في الدماغ، المسؤولة بشكل مباشر عن التحكم في عضلات الوجه التعبيرية كالجبهة، العين، والفم، الضحك، العبوس، والابتسام وغيرها، ولذلك فإن الإصابة بالتهاب العصب الوجهى يُحدث شللاً مؤقتاً في هذه المنطقة وينتج عنه عدم القدرة على القيام بهذه التعبيرات كما السابق، وتحدث هذه المشكلة المرضية نتيجة العديد من الأسباب، ويمكن علاجها بطرق متعددة سيحدثنا عنها الخبراء والاختصاصيون في هذا التحقيق.

يقول الدكتور فيفيك موندادا استشاري الأمراض العصبية لدى الأطفال، أن العصب السابع أو الوجهى ينشأ من قاعدة الدماغ ويخرج من الجمجمة من خلال ثقب ضيق جداً يقع خلف الأذن، ويتحكم بعضلات فروة الرأس والوجه من جهة واحدة، ويحمل أيضاً إحساس التذوق من معظم اللسان إلى الدماغ، ويكون مسؤولا عن إفراز الدموع من العين الجانبية، ويعتبر الالتهاب هو آلية دفاع في الجسم، فهو جز مهم من الجهاز المناعي، ويحدث عادة أن يقوم بالمهاجمة عندما يكون هناك أي غزو من كائنات عضوية غريبة مثل الفيروسات والبكتيريا التي يمكن أن يتعرض لها جسم الإنسان.

شلل بيل

يؤكد د.فيفيك أن الجرّاح الإسكتلندي «سير تشارلز بيل» كان أول من وصف الشلل في جانب واحد من الوجه على أنه ناجم من التهاب العصب الوجهي، في مطلع القرن التاسع عشر، ولذلك يشار إلى هذه المشكلة المرضية باسم «شلل بيل»، وعندما تحدث الإصابة يبدأ بظهور ورم علي العصب ويمكن أن ينضغط في القناة الضيقة للجمجمة، وغالباً ما يكون التهاب العصب الوجهي ناجماً عن بعض حالات العدوى الفيروسية، لذا فإن أغلب الحالات تكون لديها تاريخ للإصابة بعدوى فيروسية سابقة.

حالة مؤقتة

يوضح د.فيفك أن شلل الوجه مجهول السبب أو ما يطلق عليه «شلل بيل» هو حالة مؤقتة، وتعتبر المسبب الأكثر شيوعاً لشلل العصب الوجهي، ويؤثر سلباً في جانب واحد فقط، ويتسبب في حدوث التهاب العصب السابع، حيث يفشل بالتحكم بالعضلات التعبيرية في نفس الجانب، ونظراً لضعف هذه العضلات، يمكن للمرء أن يلاحظ تدلي جهة واحدة من الوجه، وعدم القدرة على إغلاق العين بشكل كامل أو رفع الحاجب على الجانب نفسه، وربما تتأثر حاسة التذوق عند بعض الحالات.

معدلات الشفاء

يفيد د.فيفيك بأن الإصابة بالتهاب العصب السابع تعد من الحالات التي يمكن أن تشفى من تلقاء ذاتها، ومعظم المرضى يتعافون بشكل تام حتى من دون أي علاج، ويتمثل الغرض من العلاج بشكل أساسي في خفض احتمالية الشفاء غير المكتمل، وهناك أنواع من الأدوية تعتبر الأكثر استخداماً مثل الكورتيك وستيرويدات الذي يساهم في تقليل الالتهاب في الجسم، والعقاقير المضادة للفيروسات التي ينبغي البدء بتناولها من يومين إلى ثلاثة أيام من ظهور الأعراض.

ويضيف: كقاعدة عامة، في حال لوحظ الشفاء في غضون أول أسبوعين على ظهور الأعراض، فمن المتوقع عادة أن يكون الشفاء كاملاً، وبما أن العين في الجهة المتأثرة لا تنغلق بشكل كامل، فإنه يجب العناية بتلك العين ووضع عُصابة عليها أو استخدام دموع صناعية لمنع أو تقليل حدوث الجفاف.

التهاب العصب

يوضح الدكتور محمد إسماعيل مختص أمراض الأعصاب أن العصب السابع أو العصب الوجهي هو رقم 7 من مجموع 12 عصباً يخرج من المخ لتغذية الوجه والرقبة، حيث إنه يتحكم في العضلات الموجودة على جانبي الوجه، لتمكننا من التعبير عن المشاعر كالابتسام، الضحك، والبكاء وغيرها من الحركات، ويرافق التهاب هذا العصب بعض الأعراض تبدأ بالشعور بآلام تحت وحول الأذن، وتستمر من يومين إلى ثلاثة، ويرجع ذلك إلى أن هذا العصب يسير في قناه داخل الأذن، ثم يليها علامات الالتهاب وتشتمل عدم القدرة على تحريك عضلات الوجه كإغماض العين، تجعيد الجبهة، النفخ أو التصفير، ميلان الفم، ويظهر أكثر عند محاولة الابتسام أو الضحك «ابتسامه ملتويه»، بالإضافة إلى نزول الماء من زاوية الفم أثناء الشرب، تجمع الأكل بين الخد واللثة، خدر أو تنميل بالجهة المتأثرة خاصة حول الشفتين، تساقط الدموع أو جفاف العين.

أسباب الإصابة

يوضح د.محمد أن هناك مجموعة من الأسباب تلعب دوراً كبيراً في الإصابة بالتهاب العصب السابع، وتتمثل في العدوى والالتهابات الفيروسية المباشرة للعصب الوجهى، مشكلات البرد أو التعرض للتيار الهوائي البارد، وإصابة العصب بشكل مباشرة في حالات الحوادث أو العمليات الجراحية، الأمراض الوعائية الدماغية، والضغط المباشر على العصب بسبب ورم أو عظم.

طرق التشخيص

يشير د.محمد إلى أن تشخيص الإصابة بالتهاب العصب السابع تتم في الأغلب عن طريق الفحص الإكلينيكي، وربما تستدعي بعض الحالات الحاجة لعمل بعض الاختبارات مثل:

-تخطيط كهربية العضل الذي يؤكد وجود تلف بالعصب ويحدد مدى خطورته، كما يقوم بقياس النشاط الكهربي في العضلة عند استجابتها للتحفيز وطبيعة توصيل النبضات الكهربية على طول العصب وسرعتها.

-فحوص الأشعة، حيث يحتاج المصابين إلى إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي أو عمل أشعة مقطعية من حين لآخر وذلك لاستبعاد المصادر الأخرى الممكنة التي تسبب ضغطاً على عصب الوجه مثل الورم أو كسر الجمجمة.

تعابير الوجه

تذكر الدكتورة أنانديدا موداران، أخصائية طب الأعصاب أن دماغ الإنسان يحتوي على 12 زوجاً من الأعصاب القحفية، وتتمثل وظيفة مجموعة منها في جلب المعلومات من الأعضاء الحسية، أما البعض الآخر فهو يتحكم في العضلات، بينما بعضها مسؤول عن الإحساس بالذوق وإفرازات الغدد، ويُطلق على العصب السابع أيضاً اسم العصب الوجهي الذي يزود ويتحكم بشكل أساسي في عضلات الوجه.

وتضيف: ينشأ العصب السابع من منطقة بونس في الدماغ، ويمر من خلال فتحة صغيرة في عظم الجمجمة ويخرج ويمتد في القناة الوجهية بالقرب من الأذن الوسطى، ويصل إلى منطقة الوجه أمام الأذن تحت غدة النكبات، وهناك ينقسم إلى 5 فروع ويزود بها عضلات الوجه.

مشكلات مرضية

تشير د. أنانديدا إلى أن العصب الوجهي يتحكم في عضلات تعابير الوجه وينقل أيضاً الإحساس بالتذوق من الجزء الأمامي من اللسان من خلال فرعه عصب الحبل الطبلي، ويمكن أن يتأثر العصب السابع بأمراض من الدماغ أو في أي مكان على طول مساره حتى الوجه، ومن آفات الأوعية الدموية في الدماغ أيضاً مثل السكتة الإقفارية في منطقة بونس التي تسبب شلل الوجه، وترتبط دائماً بضعف اليدين والساقين (شلل نصفي)، وعندما يخرج من الدماغ يمكن أن يتأثر بالأورام في منطقة زاوية المخيخ والتهابات الأذن الوسطى، بالإضافة إلى الإجراءات الجراحية في الأذن أو إصابات الرأس خاصة المتعلقة بالعظام الصدغية.

أعراض الالتهاب

تبين د.أنانديدا أن أعراض الإصابة بالتهاب العصب الوجهى تظهر بآلام خلف الأذن، ثم حالة من الضعف في جانب واحد من الوجه، ويصبح ثقيلاً أو مخدراً، ويشعر المريض بأنه مسطح وبدون تعبير، ولا يستطيع التحكم في حركات أو عضلات وجهه كتجعيد الجبين أو إغلاق العينين في الجانب المصاب، عندما يحاول الابتسام فإن زاوية الفم ستنحرف إلى الجانب الآخر، يصاحبه سيلان اللعاب، ويعتمد العلاج عادة على استخدام الستيرويدات، ولكنه يحتاج إلى التدخل المبكر في غضون 48 ساعة حتى يؤدي إلى الشفاء الأسرع والكامل، ويتم اللجوء أيضاً إلى إعطاء المريض الأدوية الفيروسية المضادة، في حال الاشتباه بأن عدوى الهربس هي سبب شلل الوجه.

الأعصاب القحفية

تتمثل وظيفة الجهاز العصبي في جسم الإنسان في نقل الإشارات بين أعضاء وأجهزة الجسم المختلفة، وتصل الأعصاب القحفية بين الدماغ وأجزاء متعددة؛ مثل: الرأس، العنق، والجذع، ويطلق على كل عصب منها اسماً بناء على تركيبته أو وظيفته الحسية كالسمع، الشم، واللمس أو الحركية الخاصة بالعضلات أو الغدد، وتنقسم ال12 عصباً القحفية إلى، العصب الشمي، العصب البصري، العصب المحرك للعين، العصب البكري، العصب الثلاثي، العصب المبعد، العصب الوجهى، العصب الدهليزي القوقعي، العصب البلعومى اللساني، العصب المبهم، العصب الإضافي، والعصب تحت اللسان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"