أفـراح «كـورونـا».. بـسيـطـة ومبتكرة

ألغت الأفكار النمطية وتخطت الحدود والمسافات
02:11 صباحا
قراءة 4 دقائق
تحقيق: مها عادل

لم تتوقف الأفراح، رغم انتشار فيروس «كورونا»، ولم يتوقف الشباب عن الارتباط بالخطوبة والزواج والشعور بالسعادة مع شريك الحياة، كثير منهم تحدّوا الظروف، وابتكروا طرقاً مختلفة وجديدة ليستمتعوا بالفرحة والاحتفال مع الأهل والأصدقاء رغم «التباعد الاجتماعي» ومراعاة الإجراءات الاحترازية.
في هذا التحقيق نلقي الضوء على اتجاهات الشباب العربي، ورؤيتهم لشكل الأعراس في ظل «كورونا»، ونرصد تجارب وقصص الأفراح التي تحدت الوباء، وفرضت مشاعر البهجة وسط القلق والترقب وألغت الأفكار النمطية والتفاخرية وكسرت الحدود والمسافات وقيود السفر لتلون «ليلة العمر» والمناسبات السعيدة بمظاهر الفرح والسعادة ولكن بطرق غير تقليدية.
يقول عبدالله عبد الكريم (25 سنة)، موظف بحكومة الشارقة:«موعد عرسي كان محدداً منذ عام تقريباً، وعقدنا القران في فبراير الماضي قبل بدء انتشار فيروس «كوفيد19»، ببضعة أيام فقط. وبطبيعتنا أنا وزوجتي نفضل البساطة وعدم المبالغة في التباهي بشكل عام، ولهذا لم نجد مشكلة في إتمام الزفاف رغم وجود الوباء مع الحرص على إجراءات التباعد الاجتماعي، ووضعنا خطة لكيفية تنظيم الحفل بشكل يراعي الإجراءات الاحترازية ويضمن الاحتفال مع الأهل المقربين، ولهذا كان العرس عبارة عن جلسة تصوير للأهل والأقارب مع العروسين ولكن حسب جدول منظم بواقع خمسة أفراد من العائلة في كل جلسة ومدة الجلسة لا تستغرق سوى وقت قليل يكفي فقط لتبادل التهاني والتصوير مع مراعاة صارمة للتباعد والمسافات بين الأشخاص. واقتصرت الضيافة على بعض المأكولات الخفيفة المغلفة بعناية والمشروبات الساخنة وتم الاستغناء تماماً عن الولائم والموائد العامرة.
ويوضح عبد الكريم: رغم أننا كنا ننوي السفر لقضاء شهر العسل بالخارج إلا أننا استبدلنا ذلك بفنادق ومنتجعات عالية المستوى داخل الدولة وقرار الفرح اشتركت فيه أنا وزوجتي برضا واقتناع كامل، ومباركة من أهلنا من الطرفين وإجماع بضرورة عدم تأجيل فرحنا وفرحتنا بسبب كورونا.
وتقول العروس روان عبد الفتاح:« تعرفت على خطيبي من خلال زمالة العمل قبل انتشار كورونا، واتفقنا على الارتباط وعقد حفل الخطوبة وسط احتفال كبير، وكنا في انتظار قدوم أهل زوجي إلى الإمارات وإتمام إجراءات الزيارة ليحضروا الحفل، ولكن بسبب توقف السفر والطيران قررنا إتمام حفل الخطوبة بالبيت رغم كل الظروف ومراعاة مواعيد التعقيم الوطني وأقنعت أسرتي بقبول الفكرة التي بدت لهم غريبة بالبداية، حيث قررنا إقامة حفل الخطوبة بالبيت بوجود أسرتي فقط (أقارب الدرجة الأولى) وقمنا بتزيين حديقة المنزل وإعدادها للتصوير وقمنا بمشاركة فعاليات الحفل والصور مع أقاربنا وأصدقائنا «أون لاين» على مواقع التواصل الاجتماعي ولم نشعر أبداً أن الفرحة كانت منقوصة خاصة أن تواصلنا مع كل الأهل والأصدقاء داخل الدولة وخارجها كان موجوداً عبر الاتصال المرئي بشبكة زووم، وتفاعل الجميع معنا كان حاضراً وقمنا بتلقي التهاني في وقت الحفل وبعده، حيث ظلت عبارات التهاني متواصلة على صفحاتنا بمواقع التواصل الاجتماعي لأيام، خاصة بعد أن قمنا بنشر صور وفيديو الخطوبة حيث تلقينا سيلاً من المشاعر الطيبة من الأهل والأصدقاء والمعارف.


ظروف استثنائية


يلتقط أمير جمعة، موظف قطاع خاص بدبي، خيط الحديث ويقول: «لم تنتقص جائحة كورونا من فرحتنا على الإطلاق، خاصة أننا قررنا ألا نجعل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم تقف أمام مستقبلنا أو تجبرنا على تأجيل ارتباطنا. ورغم أنني كنت أتمنى بشدة حضور أسرتي الصغيرة من مصر لمشاركتي حفل الخطوبة إلا أنني وجدتهم داعمين لقراري ومرحبين بالفكرة واستمتعنا بحضورهم معنا عبر اتصال «زووم».
ويضيف أمير: «كانت فكرة الحفل بسيطة وجميع تفاصيل المناسبة والإعداد لها كان بنفس البساطة، حيث ذهبنا لشراء ملابس السهرة في وقت كانت فيه معظم المحال مغلقة والمفتوح منها كان لا يسمح بالقياس قبل الشراء، وهي مهمة صعبة أن يتم شراء فستان الخطوبة وبذلة العريس من دون التأكيد من المقاسات بشكل دقيق ولكن صادفنا الحظ السعيد والسلاسة في الحصول علي ما يناسبنا، ولم يزعجنا أن نقيم احتفالنا بأسلوب غير تقليدي وخارج عن المألوف، وأقمنا حفل الخطوبة في رمضان إلا أننا استطعنا تنظيمه بشكل جيد وكانت الوليمة بالحفل هي مائدة الإفطار التي جمعتني مع أسرة خطيبتي وأقمنا الحفل بعدها بحديقة البيت وقبل بداية برنامج التعقيم الوطني الذي كان يجري في العاشرة مساء والتقطنا الصور بالكمامات لتسجيل اللحظة وتعلمنا الكثير من الظروف التي فرضها علينا كورونا، حيث أدركنا قيمة السعادة الحقيقية التي ترتبط بالتفاهم والحب والمودة والبساطة وليس بالمظاهر البراقة، وأدعو الجميع لعدم التأجيل بسبب ظروف الفيروس؛ بل علينا جميعا التكيف والاستمرار بالحياة».


إمكانية التأجيل


أما ندى عبد الله فتختلف مع الرأي السابق وتقول:«أحترم فكرة إقامة حفلات الأعراس والخطوبة تحت شعار البساطة إذا كان من الضروري إقامتها أثناء الجائحة ووسط الإجراءات الاستثنائية التي نعيشها،أما إذا كان هناك فرصة للتأجيل فعلينا اغتنامها. وفي رأيي التأجيل يمكن أن يكون حلاً أفضل لإقامة حفل الزفاف فيما بعد بطريقة تليق بليلة العمر. وأنا عن نفسي اتفقت مع خطيبي على تأجيل العرس لنهاية العام حتى تكون الأمور قد عادت إلى طبيعتها.
يقدم خليفة عبد الله رؤية مختلفة ينصح بها غيره من الشباب ويقول:« في رأيي إن هذه الظروف الاستثنائية التي فرضتها علينا أزمة كورونا أعادتنا إلى زمن البساطة وأعطتنا درساً في كيفية تدريب الذات على التخلي عن كثير من الكماليات التي حولناها إلى ضروريات بسبب سلوكياتنا الاستهلاكية وجعلت الكثير من الشباب يعيد التفكير في أسلوب إنفاقه بشكل عام. وأكثر من صديق لي لم يمنعهم فيروس كورونا من إتمام حفلات الزفاف أو الخطوبة الخاصة بهم واختصروا التكاليف إلى أقصى حد، مما رفع عن كاهلهم كثير من الضغوط والديون أحياناً، والكثير منهم نجحوا في إقناع الأهل بأن التأجيل غير مضمون لأنه لا يوجد موعد محدد ومعروف لاختفاء الفيروس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"