قراءات

02:25 صباحا
قراءة دقيقة واحدة
إعداد: محمد صالح القرق

تَسَنَّمَ الأحنف بن قيس قومه، على الرغم من أنه لم يكن من أعلاهم حسباً، ولا أجلهم أمَّا وأَباً، ولكن سأله السائلون عن سر ذلك، فقال له أحدهم: من الذي يُسَوِّدُهُ قومه يا أبا بحر؟ (أي يجعلونه سيداً عليهم).
فقال: من كان فيه أربع خصال ساد قومه، فقيل له: وما هذه الخصال؟ فقال: من كان له دين يحجزه، وحسب يصونه، وعقل يرشده، وحياء يمنعه.
والأحنف أحد حلماء العرب الذين ضرب بحلمهم المثل، وقد بلغ من حلمه أن «عمرو بن الأهتم» أغرى رجلاً بسبه سباً مقذعاً، لكن الأحنف ظل صامتاً مطرقاً، فلما رأى الرجل أنه لا يجيبه، ولا يأبه له، أخذ إبهامه في فمه، وجعل يعضه وهو يقول: واسوأتاه (أي: واحزناه) والله ما منعه من جوابي إلا هواني عليه.
واتفق أن كان الأحنف يمشي في حواشي «البصرة» خالياً بنفسه، فتعرض له رجل، جعل يشتمه ويسمعه قوارص الكلام، وهو ساكت ماض في طريقه، فلما اقتربا من الناس، التفت إلى الرجل وقال: يا ابن أخي إن كان قد بقي من كلامك فضلة، فقلها الآن، فإن قومي إذا سمعوا ما تقول أصابك منهم أذى.

من كتاب «صور من حياة التابعين» للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"