ظلال الجابي: الأزياء الدرامية اختصاص المولعين بالتفاصيل

الملابس تؤدي أدواراً فنية
02:30 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة: زكية كردي

الأقمشة والملابس عبارة عن نحت متحرك يميزه الغرق في التفاصيل، خاصة إذا كانت هذه الأزياء تؤدي أدواراً على خشبة المسرح، أو على شاشة التلفزيون، بحيث تحتاج إلى دراسة عميقة للنص، وسبر لنفسية الشخصية على طريقة ظلال الجابي، مصممة أزياء مسرحية ودرامية..
تقول الجابي: دخولي أكاديمية إسمود لتعلم التصميم لم يكن لهدف أسمى في البداية، فالذي أغراني فيها كان نمط الحياة الذي كنت أتوق إليه بدافع حبي للسفر والشهرة، وعندما بدأت رحلة الدراسة لاحظت أن ثمة اختلافاً كبيراً بين الدراسة الأكاديمية، وبين الاكتفاء بالشق العملي، واكتشفت ارتباط التصميم بالثقافة والفنون الأخرى، وبالسياسة أيضاً، وبدأت رحلة التعلم باكتشاف هويتي في هذا العالم التي تعتمد على ميولي للطبيعة، وللمواضيع الفلسفية، ومن ثم بدأت أتعرف إلى مفهوم تشكيل الهوية الفنية في التصميم، ومبادئ تأسيس الماركة التي تتعلق بعمل الشركات عادة، واخترت تصميم ملابس السهرة التي كنت أرى فيها فسحة أكبر للابتكار.
وعن مسارها المهني ورحلتها في الوصول إلى العمل بالأزياء الدرامية توضح الجابي أنها بعد التخرج وقع الاختيار عليها للحصول على شهادة الأستاذية بباريس لتفوقها في المعهد، وبعدها جاءت الكثير من العروض للعمل في معامل هامة في سوريا، لكنها لم تكن ترغب في اختزال طموحها بوظيفة محددة لا تحتاج إلى الإبداع، لهذا سعدت بدعوة المعهد الذي كانت تدرس فيه لتنضم إلى فريق التدريس، ورشحتها الأكاديمية بباريس لتكون منسقة تربوية للأكاديمية لقدرتها على تحليل، وقيادة المناهج، وبعد فترة من العمل تسلمت الإشراف على قسم التصميم والتنفيذ، وبدأ العمل على إضافة لمسات فنية خاصة في عروض الأزياء التي يقيمها المعهد، فأدخلت الفنانين التشكيليين والممثلين إلى لجان التحكيم، واستطاعت أن تضيف إلى هذا العمل، لكن بعد سنوات بدأت تشعر بأن التدريس لم يعد يلبي توقها للعمل الإبداعي، وتقول: بدأت أتلقى بعض العروض لتصميم الملابس المسرحية التي انهالت علي بعد النتائج التي قدمتها بالعروض الأولى، في البداية انهالت علي العروض من مسرحيات الأطفال، ثم بدأت العمل على مسرحيات الكبار، وكانت أول مسرحية للكبار بعنوان «هجرة أنتيجون»، من تأليف وإخراج جهاد سعد، وبعدها استمررت نحو سبع سنوات أعمل على الأزياء المسرحية، بعدها بدأت الأعمال التلفزيونية، والدرامية، وكان أول عمل لي في التلفزيون حلقة خاصة بمناسبة عيد الأم عنوانها «ماما حنونة»، وصنعت وقتها دمية كبيرة تجسد الأم، وتتالت بعدها البرامج ببطء، لكن العمل التلفزيوني لم يبدأ بالفعل إلى بعد أن تركت التدريس في المعهد، حيث جاءتني الفرصة الأولى للعمل على تصميم أزياء أول مسلسل عملت عليه وكان عبارة عن مسلسل بحلقات منفصلة عنوانه «حكايا الصغار للكبار»، بالتعاون مع المخرج منير الزعبي، واستطاع المسلسل أن يلفت الأنظار في الكويت، كما تمكنت من لفت الأنظار بالجزء الخاص بي، وبدأت تدور عجلة العمل لأشارك في الكثير من المسلسلات، والمسرحيات، والمهرجانات الضخمة، ومنها مهرجان الفجيرة للفنون.


خبرات المصمم


تضيف الجابي: أحببت التلفزيون لأنه يرضي غرور الفنان أكثر. المسرح ساحر ويذكرني عندما أغمض عينيّ عندما كنت أستمع لحكايات أمي، أما التلفزيون فيمنح المصمم خبرات أكبر، لكن صعوبة العمل التلفزيوني تبقى أكبر أيضاً من حيث التعامل مع شريحة أكبر من الناس، والعمل على الأزياء الحديثة الذي أعتبره الأصعب، رغم أن الكثيرين يعتقدون أن العمل على الأزياء المعاصرة أكثر بساطة، وهذا يعود إلى التركيبة النفسية، والاجتماعية، والثقافية للشخصية، والتي ينبغي أن يدرسها المصمم بدقة ليمنحها أسلوباً خاصاً باختيار الملابس والألوان، وطريقة ارتدائها أيضاً، موضحة أن هذه المؤشرات للشخصية تتعلق بأدق تفاصيل الملابس، كالنظارة الشمسية التي ترتديها على سبيل المثال، فطريقتها بالعمل تقوم على إنشاء خزانة ملابس خاصة لكل شخصية تختارها برفقة الفنان الذي يؤديها بعد النقاش مع المخرج، باستثناء الشخصيات المسطحة التي يمكن أن ترتدي أي نوع من الملابس، وغالباً تكون الشخصيات الثانوية في العمل والتي لا يوجد مرجعية لها في النص، لكن هناك بعض المؤشرات التي توجه خيارات هذه الشخصيات كموقع التصوير، والوظيفة، والمكان.
وعن ملاحظاتها حول تفوق صناعة الأزياء الدرامية في الغرب أشارت إلى أنه لا يمكننا التعميم بهذا الخصوص، فليست جميع الأفلام بالجودة نفسها، لكن لا بد من التعلم من الأفلام الهامة والمشغولة بإتقان كبير.. وسنجد أن الاهتمام بالأزياء في هذه الأفلام يصل لأصغر التفاصيل كلون خيط الحذاء، وعلامة الماركة على المعطف، هذه التفاصيل هي التي تجعلهم مميزين.
وعن توفر التخصص الأكاديمي بالأزياء الدرامية في كليات ومعاهد الأزياء في الوطن العربي، قالت: بالطبع يوجد هذا التخصص في العالم، لكن هناك تقصير بالعموم في العالم العربي، لكن يمكننا أن نستشهد بتجربة تونس التي استطاعت تعريب الثقافة الفرانكفونية، ودرسوها لطلبتهم وأضافوا عليها، وفرضوا على كل فيلم يصور على أراضي تونس، لإتاحة فرصة للتعلم، أن يكون 30% من كادر عمل الفيلم تونسياً، ومن هذه التجربة استطاعوا أن يكتسبوا الكثير من الخبرات الفنية، ومن بينها الخبرات التي تتعلق بالأزياء، كأرشفتها، والتعاطي معها، أما مصر فهي سباقة في هذا المجال، لكن هناك حالة من التساهل مع الفنانين النجوم لحظناها في الآونة الأخيرة، فلم يعد النجم يخضع لضرورة الشخصية، بل يفرض رأيه الشخصي، وميله للموضة على العمل، كأن نشاهد معظم نجوم المسلسلات في رمضان الماضي يرتدون البدلة الرسمية مع حذاء رياضي أبيض، وهذا لا يمكن أن يتناسب مع جميع الشخصيات.


المسلسلات الخليجية


عن عملها الأخير مسلسل «الشهد المر» أشارت الجابي إلى أن العمل على المسلسلات الخليجية التراثية بالعموم يعتبر أسهل بالنسبة إليها، نظراً إلى وضوح الحقب الزمنية للأزياء، وتطورها، وتوفر المعلومات حولها، مع التركيز على الفروقات الشخصية التي تتعلق بالعادات والتقاليد، والحالة الاجتماعية، والوضع المادي وطريقة ارتداء الملابس، والأكسسوارات، والتي استطاعت أن تدرسها جيداً منذ بداية عملها في هذه المسلسلات سواء نظرياً، أو من خلال البحث والتقصي والاستفسار من كبار السن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"