بيوت البدو.. حياة وهوية

03:15 صباحا
قراءة 3 دقائق

عداد:أمل سرور

«التاوة» «والمحماس» و«السيف» و«الهيل»، بيوت من الشعر وخيام صغيرة تحتضن الأغنام والحيوانات، و«سفينة الصحراء» يتوسط الرمال بعزة وشموخ، وكأنه يعرف قدره وقيمته عند أصحاب البيوت البدوية القديمة.
الصحراء وحدها بلون رمالها الصفر الممتد، ووحشتها وقسوة مناخها شاهدة على معاناة الأجداد في الإمارات، في زمن لا يحمل معه سوى رائحة الأصالة والحضارة.
بداية بيوت الشعر عند أهل الصحراء تجسد حياة البدو في القديم، حيث كانت تُصنع من الجلد بكامل تفاصيله، وتُخاط من قبل النساء، ويثبِّتن الخيمة بكاملها بعد خياطتها، ويقمن بتوصيلها مع بعضها بعضاً، ثم تُوضع لها «الأوتدة» التي تكون من كل الجوانب، حيث تُثَبَّت قبل أن ترفع الخيمة إلى الأعلى، ويوضع أمام الخيمة غطاء فيه فتحات واسعة في فصل الصيف وتضيق في فصل الشتاء. وبيت الشعر يقسم إلى قسمين، الأول للرجال والآخر للنساء، وفي الأول يوجد المطبخ، وبعض الأدوات وخزائن الألبسة وغيرها، لأنهن يقمن على خدمة أهلهن من طبخ وخياطة وتنظيف وغير ذلك. مجلس الرجال في البيوت البدوية القديمة يعني الكرم والحفاوة، والطرق والوسائل كثيرة، لكن أهمها على الإطلاق فنجان القهوة، وهو الأساس في التراث البدوي الإماراتي، القهوة كلمة واحدة ولكنها تشمل كل شيء ومعناها كبير جداً، يمكن أن تنطلق الذبائح مع كلمة «قهوتك عندنا»، ويمكن الاكتفاء بها، فهي تقدير كبير للضيف، واستخدم أجدادنا قديماً لصناعتها أدوات مختلفة، منها «التاوه» وهي من الحديد، والتي تستخدم لتحميص حبات البن، وهي نوعان منها الكبير والعميق، والثاني الصغير وذو العمق المتوسط، التي تستخدم تحديداً في تحميص البن، ولأن التحميص يحتاج إلى تقليب حبات البن، فصنع «المحماس» وهو عبارة عن قطعة طويلة من الحديد أو النحاس، صنعت لتقليب القهوة وتحميصها، كما يمكن استخدامها في رفع الخبز عن التاوة.
والقهوة البدوية أنواع، تبدأ من عند «الهيف»، وهو الفنجان الأول الذي يحتسيه المضيف قبل الضيف، وهذه العادة قديماً عند البدو، ليتأكد الضيف أن القهوة نظيفة، أما الثاني فهو «الضيف» وهو الأول في واجب الضيافة، والثالث «الكيف» وليس مجبراً على شربه ولا يضير المضيف، ولكنه مجرد تعديل للمزاج، بينما الفنجان الرابع وهو «السيف» الذي يقدم للضيف ولا يحتسيه لأنه أقوى فنجان عند عرب البادية، إذ إنه يعني أن من يحتسيه فهو مع المضيف في السراء والضراء، ومجبر على الدفاع عنه بحد السيف، بل وشريكه أيضاً في الحرب والسلم.
ولا يمكن أن تخلو البيوت البدوية القديمة من حظائر الإبل، فهي رؤوس أموال الأجداد القدامى، وهي سفن البر، وجلودها قرب ولحومها نشب وبعرها حطب وأثمانها ذهب، كما جاء في الأقوال المأثورة، فإن حملت أثقلت، وإن مشت أبعدت، وإن نحرت أشبعت، وإن حلبت أروت، وهي مقياس الثروة للرجال قديماً.
والجدات في بيتهن الصحراوي كن يتميزن بطهي اللحم بكافة أنواعه، حيث كان الرعي هو المهنة الأساسية للسكان، ومن هنا كان اللحم المكون الرئيسي للمطبخ الإماراتي، كذلك استخدمن التمر في صناعة عدد من الحلويات الشعبية مثل القرص والبثيث وخبر خمير وغيرها، كما استخرجن منه الدبس الذي يدخل في أنواع مختلفة من الحلويات.
هكذا نستطيع أن نلخص بيوت البيئة الصحراوية بأنها واحة إماراتية تبدأ من عند بيت الشعر بما يمثله من المسكن التقليدي لأهل الصحراء، ويلقن أهله الجميع دروساً في فنون الكرم والعزة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"