التهاب الحلق.. عدوى فيروسية أو بكتيرية

يوجد البلعوم في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، ويمتد من الأنف إلى الحنجرة، ويكون عرضة للإصابة بالمشكلات المرضية؛ حيث إنه يستقبل الفيروسات والجراثيم، وأبرزها التهاب الحلق الذي يصيب الإنسان في جميع المراحل العمرية، كما يمكن أن ينجم الالتهاب أيضاً عن العدوي البكتيرية، ويتم تحديد سبب المشكلة عن طريق بعض الوسائل والفحوص التشخيصية، وتختلف الخطة العلاجية من شخص لآخر؛ حيث إنها تعتمد على نوع وشدة الالتهاب، التفاصيل في السطور التالية، على لسان الخبراء والمتخصصين:
تقول الدكتورة مجدولين صباح استشارية الأمراض الباطنية: إن التهاب الحلق يصيب البلعوم واللوزتين، وتظهر أعراضة على هيئة احمرار، تهيج، احتقان، آلام عند البلع، حرارة مرتفعة، سيلان في الأنف، العطس، تورم بالغدد اللمفاوية، آلام في المفاصل، الصداع، تورم، فقدان الشهية، تورم اللوزتين ويرافقه ظهور بقع بيضاء، طفح جلدي، وتنقسم عوامل التهاب الحلق إلى:
* أسباب العدوى الفيروسية مثل أمراض البرد والإنفلونزا، متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، التهاب كورونا «كوفيد- 19»، الحصبة، الجدري المائي، الخنق (سعال شديد).
* أسباب البكتيريا العقدية وتعتبر من أكثر الأنواع التي تسبب التهاب الحلق واللوزتين.
* عوامل أخرى مثل الحساسية، المهيجات كالتوابل، التدخين، المشروبات الكحولية، ارتجاع المريء، والأورام السرطانية.

وسائل التشخيص

توضح د.مجدولين، أن تشخيص التهاب الحلق يعتمد على الكشف السريري؛ حيث يقوم الطبيب بفحص الأذن والرقبة والفم والحلق ومعاينة اللوزتين، للكشف عن وجود بقع بيضاء من عدمه، وفي أغلب الأحيان يتم أخذ مسحة من مكان الالتهاب لعمل مزرعة من الإفرازات، وعمل فحص المستضد السريع الذي يستخدم عادة في تشخيص البكتيريا العقدية، أما في حالة الاشتباه في التهاب فيروسي يتم أخذ مسحة من الأنف، إضافة إلى فحص الدم لمعرفة مدى درجة وشدة الالتهاب.

فئة مستهدفة

يذكر الدكتور إبراهيم الحريري أخصائي أنف وأذن وحنجرة أن التهاب الحلق يستهدف في الغالب الأشخاص البالغين، وخاصة من لديهم أسباب مؤهبة مثل الحساسية، التهاب الجيوب الأنفية المتكرر، والمدـــخنين، والعاملين في المصانع والتعرض لدخان الاحتراق، والمواد الكيميائية الناتجة عنه، وكذلك الأمراض المزمنة كداء السكري، سوء التغذية، نقص المناعة، الذين يتناولون علاجات تحتوي على أدوية مثبطات المناعة والستيرؤيدات.

مضاعفات متعددة

يوضح د.إبراهيم، أن التهاب الحلق لا يصنف من الأمراض الخطِرة، لكنه يمكن أن يسبب العديد من المضاعفات في حال عدم علاجه، بسبب بكتيريا المكورات العقدية التي تؤدي إلى التهاب اللوزتين، الجيوب الأنفية، والأذن الوسطى، وربما يتعرض المريض في الحالات المزمنة إلى مخاطر شديدة مثل الحمة القرمزية، التهاب كبيبات كلوية، وحمى الروماتيزم، إضافة إلى تأثيره على القلب والمفاصل.

تدابير علاجية

يؤكد د.إبراهيم، أن حالات الإصابة بالتهاب الحلق الناجمة عن العدوي الفيروسية يمكن أن تشفى خلال خمسة أيام، مع تناول علاجات عرضية مثل الباراسيتامول، أما في الحالات الجرثومية الالتهابية فيجب أن يتناول المريض المضادات الحيوية لمدة من7 إلى 10 أيام، إضافة إلى المسكنات والسوائل الدافئة، والغراغر الموضعية للحلق، والأقراص المعقمة، كما يحتاج إلى الراحة في المنزل والابتعاد عن الأماكن المزدحمة.

إصابة الأطفال

يلفت الدكتور إغناطيوس إدوين أخصائي طب الأطفال، إلى أن التهاب الحلق الحاد عند الأطفال يمكن أن يحدث نتيجة بعض الفيروسات مثل: الإنفلونزا، فيروس الأنف، الفيروس الغدي، الفيروس المخلوي التنفسي، وأحياناً بسبب فيروس إبشتاين بار، وذلك بنسبة 70% تقريباً من المصابين، أو ينجم الالتهاب عن العدوى البكتيرية التي تنتمى إلى المجموعة (أ) بيتا أو العقدية الحالة للدم بنسبة 30%.

أعراض وعلامات

يبين د. إغناطيوس، أن التهاب الحلق عند الأطفال يظهر بين الصغار الذين يذهبون إلى المدرسة في الفئة العمرية من 5-15 سنة، وقليلاً ما نشاهد إصابة من تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وتتمثل علامات التهاب الحلق عند الأطفال في الحمى وآلام البلعوم، رفض الطعام؛ حيث يعاني بعض الصغار الألم أثناء الأكل والشرب، وفي بعض الحالات النادرة يصاب المريض بسيلان اللعاب.

فحوص واختبارات

يذكر الدكتور إغناطيوس، أن تشخيص التهاب الحلق يعتمد بشكل أساسي على الكشف السريري، وربما يرى الطبيب وجود بقع بيضاء صفراء على اللوزتين، ويميل إلى استنتاج أن المريض مصاب بعدوى بكتيرية، وعلى الرغم من ضرورة تحديد نوع الالتهاب لوصف العلاج المناسب، فإن بعض الآباء لا يرغبون في إجراء الاختبارات بالطرق المعملية لمعرفة سبب الإصابة سواء كان فيروسياً أو بكتيرياً، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الفحص هو الطريقة المؤكدة للتمييز بينهما، ومجموعة من الوسائل التشخيصية الأخرى مثل:
* إجراء مسحة الحلق فائقة الدقة أهم الاختبارات التي تحدد وتأكد نوع الإصابة، عدوى فيروسية أو بكتيرية.
* يمكن أن يحدد اختبار مستضد العقديات السريع المسببات في بضع دقائق؛ حيث تستغرق زراعة مسحة الحلق 48 ساعة على الأقل.
* في حال كان فحص المستضد السريع إيجابياً، يمكن للمرء أن يبدأ بالمضادات الحيوية، وإذا كانت سلبية فهذا لا يعني أنها ليست عدوى بكتيرية، ويعتبر المعيار الذهبي هو إجراء مزرعة مسحة الحلق بحثاً عن العقديات الحالة للدم من المجموعة (أ).

مشكلات مرضية

يؤكد د. إغناطيوس، أن المضاعفات التي يمكن أن يتعرض لها الصغار نتيجة التهاب الحلق، قليلة ونادرة، لكن في حال الاهتمام بالتشخيص والعلاج ربما تتعرض بعض الحالات إلى الإصابة بالحمى الروماتيزمية الحادة التي يمكن أن تؤثر في القلب، وفي حالات أخرى يكون لدى الأطفال دم في البول وهو ما يسمى التهاب كبيبات الكلى بعد المكورات العقدية، أما المرضى الذين توجد لديهم متلازمة الصدمة التسممية فربما أن يصابوا بالمكورات العقدية، ويمكن أن يحتاج الطفل إلى علاج قوي بالسوائل ومراقبته في وحدة العناية المركزة.

خطة الشفاء

يشير د. إغناطيوس إلى أن علاجات التهاب الحلق عند الأطفال تعتمد على سبب الإصابة، وتتم كالآتي:
* علاج التهاب الحلق الجرثومي يتم عن طريق وصف المضادات الحيوية لمدة 10 أيام كاملة، من المهم أن يلتزم المريض بإنهائها حتى تكمل دورة المضادات الحيوية.
* إذا كانت عدوى فيروسية، فلا دور للمضادات الحيوية، ويكون العلاج في هذه الحالة داعماً من خلال الأدوية مثل الباراسيتامول، والغرغرة بالماء المالح للأطفال الأكبر سناً أو بخاخ الحلق للأطفال الأصغر لتقليل الألم في الحلق.

البكتيريا العقدية

تتسم البكتيريا العقدية بأنها من الأنواع البكتيرية غير المتحركة، وتنقسم إلى مجموعة A التي تعتبر أبرز أسباب الإصابة بالتهاب الحلق واللوزتين والحمى الروماتيزمية، أما المجموعة B فهي تؤدى إلى الأمراض المعدية كالتهاب الرئة والسحايا والإنتان، ويعتبر السبب الرئيسي في انتقال العدوي مشاركة الأشخاص للأغراض الشخصية كفرش الأسنان وأدوات الطعام، ويرافق الإصابة بالبكتيريا العقدية بعض الأعراض الشائعة مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم، صعوبة البلع، فقدان الشهية، القيء، تضخم الغدد اللمفاوية، ظهور بقع بيضاء على الحلق، ويعتمد علاج القضاء على البكتيريا على تناول المضادات الحيوية التي يتم تحديدها بناء على شدة الحالة وعمر المصاب.