آلام متفرقة ومفاجئة تعوق جودة الحركة

00:38 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيقات: «الصحة والطب»

تتعاون الأجهزة العضلية والهيكلية لدعم حركة الجسم بسلاسة ومرونة، لكن يمكن أن يتعرض الإنسان أثناء مراحل الحياة إلى بعض المشكلات التي تستهدف بعض الأجزاء الرئيسية في العظام أو العضلات أو الفقرات، وخاصة في الرقبة، المرفق، اليد، الكتف، والعمود الفقري، ما يتسبب بالشعور بآلام متفرقة وتتراوح من بسيطة إلى شديدة، وربما تؤثر في ممارسة الأنشطة اليومية والحياة بشكل عام، وفي السطور المقبلة يسلط الخبراء والاختصاصيون، الضوء على هذا الموضوع وطرق الوقاية والعلاج.

يقول الدكتور زكريا أمانة أخصائي جراحة العظام والمفاصل: إن هناك بعض الآلام التي تختلط مع بعضها البعض، وتتسبب بالشعور بعدم الراحة بشكل عام، وعند ممارسة أي نشاط حركي، وخاصة آلام الرقبة والكتف والمرفق واليد، ويتم تشخيصها عادة عن طريق الفحص السريري، والتصوير الشعاعي، الرنين المغناطيسي، أو الأمواج فوق الصوتية (السونار) أو التخطيط الكهربائي للعصب، ويحدد الطبيب المختص العلاج بحسب شدة المرض، إما بالأدوية المضادة للالتهاب أو الحقن المفصلي بالمكان المؤلم، وربما تحتاج الحالة إلى التدخل الجراحي.

فقرات الرقبة

يوضح د.زكريا أن ألم الرقبة الحاد يستهدف غالباً خلف الرقبة مباشرة، وربما يرافقه الشعور بصداع قوي في الرأس، وفي معظم الحالات ينشأ عن وجود خشونة وانضغاط في الفقرات الرقبية الأخيرة؛ حيث إنه ينتج عن الجلوس لفترات طويلة أمام الكمبيوتر أو نتيجة الأعمال المكتبية لبعض المهن كالمحاسبين والمعلمين، ويحدث أحياناً لدى السائقين الذين يضطرون للقيادة لمسافات طويلة، ويمكن أن ينتشر الألم للطرفين العلويين، ويصل إلى أطراف الأصابع نتيجة انضغاط الجذر العصبي أو العصب، الذي يعتبر بمثابة شريط كهربائي، وربما ينتشر الألم لأحد الكتفين من الخلف.

آلام الكتف والمرفق

يذكر د.زكريا، أن وجود الألم الكتفي يمنع المريض من رفع ذراعه للأعلى، أو حتى وضع اليد خلف الظهر ويسبب له إعاقة حركية، وهو التهاب أو تكلس وتر العضلة فوق الشوكية، وهذا الألم يتميز بأنه ليلي ويؤدى إلى الكتف المتجمدة في حال عدم معالجته، أما ألم المرفق فهو يحدث في الغالب بسبب التهاب منشأ الأوتار الباسطة لليد في المرفق نتيجة حركة متكررة، ويصيب على الأكثر لاعبي كرة التنس أثناء قذفهم للكرة؛ حيث يشعر المريض بألم في المنطقة الخارجية للمرفق.

التهاب اليد

يبين د.زكريا، أن آلام اليد تكون ناتجة عن التهاب الأوتار وأغمادها، وغالباً ما تكون حركة اليد مؤلمة مع التهاب الأوتار الباسطة للإبهام، ويسمى (داء دى كيرفان) ويمكن أن يترافق ألم اليد مع خدر وتنميل وتورم وإيقاظ المريض ليلاً، ليقوم بتحريك اليد للتخلص من الألم، وتنجم هذه الحالة عن انضغاط العصب المتوسط في الرسغ، وعند بعض المرضى تكون حركة إحدى الأصابع مؤلمة، لاسيما في الصباح الباكر، وأثناء إغلاق الإصبع، وربما يرافقها صوت ينتج عن تحريك الإصبع مشابه حركة الموس الكباس، ويطلق عليها الأصبع المقداحية.

تخلخل العظم

يذكر الدكتور وليد مجدي أخصائي جراحة العظام والعمود الفقري، أن هشاشة أو تخلخل العظام تحدث نتيجة فقدان العظام خصائصها وقوتها دون أية أعراض، وتعتبر الأجزاء المعرضة للإصابة هي العمود الفقري، الورك، المعصم في حال الفشل في تصنيع عظام جديدة كافية، أو عندما يهدم الجسم الكثير من العظام القديمة أو كلاهما معاً، كما تعتبر الاضطرابات الهرمونية سبباً رئيسياً عند النساء، أثناء التغيرات التي تحدث بعد انقطاع الطمث في مستويات هرمون الأستروجين الأنثوي، التي تؤدى إلى انخفاض سريع في كثافة العظام، إضافة إلى التقدم في العمر والعرق، والخيارات الحياتية الصحية، والحالات الطبية وأنواع العلاجات.

ويضيف: يعتبر الإكثار من تناول المشروبات الغازية، وشرب الكحول، والتدخين من أهم عوامل الإصابة، وكذلك عدم ممارسة التمارين الرياضية اليومية، وقلة الالتزام بتناول الألبان ومشتقاتها، ونقص معدل تعرض الجسم لأشعة الشمس التي تمنح فيتامين (د)، وتناول بعض أنواع الأدوية مثل السترويدات ومضادات التشنج والعمليات الجراحية للسمنة.

أعراض الإصابة

يلفت د.وليد، إلى أن أعراض هشاشة العظام لا تظهر في المراحل المبكرة، لكن بمجرد ضعفها يرافقها آلام الظهر نتيجة كسر الفقرات العظمية، وتعتبر الكسور التي تحدث بسبب الوقوع أو الحركات البسيطة كالعطس أو السعال من أشهر دلالات ضعف العظام وهشاشتها، كما يمكن أن يتعرض العمود الفقري لكسور انضغاطية، كما يعاني المصاب ألماً بسيطاً أو شديداً في الظهر والرقبة نتيجة الضغط على أعصاب هذه المنطقة، إضافة إلى انحناء الجزء العلوي وقصر القامة، وتشخص الهشاشة عن طريق فحص كثافة العظام.

تقنيات حديثة

يشير د.وليد إلى أن اتباع نظام الحياة الصحي يعتبر الخطوة الأهم في علاج هشاشة العظام، وفي السنوات الأخيرة تطورت العمليات الجراحية، وخاصة التي تناسب الأشخاص المتقدمين في العمر الذين يعانون من الأمراض المختلفة، ونذكر من هذه التقنيات الحديثة:

-جراحة تقويم الفقرات التي تتم عن طريق إدخال إبرة إلى الفقرات المكسورة من خلال الاسترشاد بالأشعة السينية، ثم حقن الإسمنت الطبي مباشرة في الفقرات المنضبطة.

-الجراحة التدعيمية للفقرات التي تتم تحت التخدير الموضعي، بتركيب دعامات ضمن جسم الفقرة لإنشاء حيّز، وإعادة الفقرة إلى طولها الأصلي ثم حقن الإسمنت الطبي في تلك المنطقة، وتساعد في انتصاب الجسم الفقري والتخفيف عنه.

القسطرة البالونية

يؤكد د.وليد، أن علاج كسور الفقرات بالبالون يسهم في إعادة تقويم الأجسام الفقرية وتثبيتها، ليتم التغلب على السبب الرئيسي للآلام، كما تعمل على الوقاية من تفاقم كسور الفقرات ومنع التشوهات، مثل تحدب الظهر عند المرضى الذين يعانون حالات متقدمة من هشاشة العظام، وتتضمن اختفاء الآلام على الفور والقدرة الوظيفية غير المحدودة للعمود الفقري القطني المصاب؛ حيث يمكن التحرك والمشي بعد إجراء العملية الجراحية بشكل مباشر مع سرعة الشفاء، وممارسة الأنشطة المعتادة بعد مرور ستة أسابيع.

الانزلاق الغضروفي

يذكر الدكتور عطالله الرفاعي أخصائي جراحة العظام والطب الرياضي، أن أعراض الإصابة بالانزلاق الغضروفي القطني متعددة وتتراوح من بسيطة إلى شديدة بحسب الحالة، ويحيط الألم في الغالب بالفقرات، وربما ينتشر بالجدر العصبي المعرض للضغط من الغضروف المنزلق، ويرافقه خدر وتنميل في أكثر من منطقة، إضافة إلى برودة الأطراف، وضعف العضلات البسيط الذي يؤدى إلى عدم القدرة على الحركة والمشي، أما الحالات الشديدة الناتجة عن انضغاط العصب فيمكن أن تتسبب بشلل المريض، وربما يحدث من قبل هذا الانضغاط شلل أولي يحتاج إلى التدخل الجراحي.

وسائل التشخيص

يبين د.عطالله، أن الانزلاق الغضروفي القطني يعتبر من إصابات الظهر والرقبة الأكثر شيوعاً، ويستهدف كبار السن فيما فوق 50 سنة؛ حيث تتعرض الغضاريف للانضغاط وتصاب بالتآكل، ويضغط على الأعصاب، كما يمكن أن تصيب الشباب نتيجة ممارسة الرياضات القاسية وحمل الأوزان الثقيلة، والتمارين الخاطئة وحوادث السير، ويبدأ تشخيص الانزلاق الغضروفي من الفحص السريري، للكشف عن وجود ألم أو خلل في المشي، وفحص المنعكسات في الأقدام، ومقارنة القوة العضلية أو ضعفها، وفي الحالات البسيطة يتم إجراء أشعة لصورة الظهر، ثم أشعة الرنين المغناطيسي، لتحديد مكان وحجم الانزلاق والجدر المنضغط.

خطة علاجية

يشير د.عطالله إلى أن هناك مراحل عدة لعلاج الانزلاق الغضروفي القطني، وتختلف بحسب درجة الألم والمضاعفات، وتكون البداية من خلال تثقيف وتوعية المريض ببعض النصائح مثل: الابتعاد عن العادات الخاطئة، وطريقة الوقوف والمشي الصحيحة، وممارسة الرياضة اليومية وتجنب التمارين القاسية والعنيفة وحمل الأوزان الثقيلة، والتعرض لأشعة الشمس قبل العاشرة صباحاً، أو بعد الرابعة مساء، للحصول على فيتامين (د) الذي يعمل على تقويه العظام والمفاصل، ثم يخضع المصاب للعلاج الفيزيائي والتأهيلي الطبي الذي يشمل التدريبات التي تسهم في تقوية العضلات المحيطة بالفقرات القطنية، للحماية من تطور انزلاق الغضاريف.

التهاب وتر دي كيرفان

يحدث التهاب وتر دي كيرفان، نتيجة الإفراط في استخدام إبهام اليد ويسبب ألماً مزمناً في الأوتار التي تحيط بقاعدة الإبهام، ويستهدف السيدات بنسبة عشر مرات أكثر من الرجال، وتؤدى زيادة التورم إلى حدوث احتكاك وضغط ينتج عنه انتقال الألم للمعصم، وبالتالي صعوبة حركة اليد عند التقاط أو إمساك الأشياء، ويحدد العلاج بناء على الأعراض، ففي الحالات البسيطة يمكن أن يرتدى المريض جبائر لإسناد المعصم والإبهام للحد من حركتهما، مع الامتناع عن ممارسة الأنشطة التي تسهم في تفاقم الألم، وتناول بعض الأدوية المضادة للالتهاب أو حقن غمد الوتر لتخفيف التورم، وفي حال عدم الاستجابة يلجأ الطبيب لإجراء جراحة التهاب وتر دي كيرفان تحت التخدير الموضعي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"