عادي

لماذا يشكل تاريخ انسحاب الرؤساء رعباً لكامالا هاريس والديمقراطيين؟

16:44 مساء
قراءة 4 دقائق
جونسون بايدن

إعداد: محمد كمال

من المؤكد أن المرشحة الرئاسية المحتملة، كامالا هاريس، لا تتمنى أن يعيد تاريخ الحزب الديمقراطي نفسه، بعد انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الانتخابي، فعندما قرر رئيسان ديمقراطيان خلال عام انتخابي عدم الترشح مرة أخرى، كانت نتائج تلك الانتخابات مخيّبة للحزب.

وفي السنوات ال 75 الماضية، قرر رئيسان ديمقراطيان فقط، هما هاري ترومان، وليندون جونسون، خلال عام انتخابي عدم الترشح مرة أخرى، ما فاجأ الناخبين الأمريكيين بإعلانهما أنهما سيسمحان للمرشحين الجدد بالتنافس على ترشيح حزبهم. وفي كلتا الحالتين، خسر المرشحان أدلاي ستيفنسون، حاكم ولاية إلينوي آنذاك، وهيوبرت همفري، نائب الرئيس آنذاك، الانتخابات العامة أمام الجمهوريين.

والأكيد أن ظروف انسحاب كلا الرئيسين، ترومان وجونسون، تختلف تماماً عن ظروف انسحاب بايدن (81 عاماً)، والتي تتعلق بمشاكله الصحية والإدراكية في ظل تقدمه في العمر.

وبحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، فإن القرارات المهمة التي اتخذها ترومان، في مارس/ آذار 1952، وجونسون، في مارس 1968، بإخراج نفسيهما من السباق الانتخابي، قد لا تقدم سوى رؤية محدودة حول الكيفية التي سيعيد بها قرار الرئيس بايدن التنحي، تشكيل السباق الانتخابي، بالنظر إلى مدى اختلاف المعطيات الحالية، عن تلك التي كانت في أوائل الخمسينيات، وأواخر الستينيات.

ويقول تيم نفتالي، المؤرخ الرئاسي والباحث في كلية الشؤون الدولية والعامة، بجامعة كولومبيا، إن «المخاوف بشأن تكرار التاريخ تثير القلق بالتأكيد بين الديمقراطيين.. لكن حقيقة الأمر هي أن التاريخ لا يتكرر حقًا»، وأضاف أن «الظروف اليوم مختلفة تماماً».

  • حربان مدمّرتان

وانسحب ترومان، الذي كان يبلغ من العمر 67 عاماً، عندما قرر عدم الترشح لولاية أخرى، وجونسون الذي كان يبلغ من العمر 59 عاماً، من سباقيهما في منتصف الموسم التمهيدي، حيث كانا يكافحان لإيجاد طريقة لإنهاء الحروب الطاحنة، وبالنسبة إلى ترومان كانت كوريا، أما بالنسبة لجونسون فكانت فيتنام.

وصعد ترومان إلى الرئاسة بعد وفاة فرانكلين روزفلت في عام 1945، وفاز في انتخابات متقاربة في عام 1948. وبحلول عام 1952، انخفضت شعبيته إلى مستوى قياسي، ويرجع ذلك جزئياً، إلى تورط الجيش الأمريكي في كوريا، والفساد داخل إدارته، وقد ساعد ذلك على دفعه إلى الإعلان، في 29 مارس/ آذار، عن أنه لن يسعى للترشح مرة أخرى.

وانخفضت معدلات تأييد ترومان في يناير/ كانون الثاني 1951 إلى 23%، مقارنة بنسبة تأييد بايدن الحالية البالغة 38.5%. ومع ذلك، كما حدث في عام 2024، لم يكن من المتصور بالنسبة إلى البعض في الدائرة الداخلية لترومان أن يتخيلوا أي شخص آخر يحصل على الترشيح.

ومن بين المقولات الشهيرة: «أيها الرئيس، سيتعيّن عليك الترشح في عام 1952»، والتي جاءت على لسان هاري فوغان، أحد أقرب مستشاري ترومان، وفقاً للسيرة الذاتية للرئيس السابق التي كتبها المؤرخ ديفيد ماكولو عام 1992. وكان رد ترومان: «سنحصل على شخص ما».

بالنسبة إلى جونسون، جاءت المشاكل في وقت مبكر من عام الانتخابات 1968، فأولاً وقع هجوم «عيد التيت»، وهو هجوم مُفاجئ شنه الثوار الفيتناميون ضد الجيش الفيتنامي الجنوبي، والولايات المتحدة، وحلفائها، بدءاً من صباح يوم 31 يناير. وبعد أقل من شهر قالت شبكة «سي بي إس» من فيتنام إن الحرب ستنتهي في «طريق مسدود». وقد تم الاعتراف بذلك على نطاق واسع باعتباره ضربة خطرة لجونسون، والمجهود الحربي.

وفي نهاية خطاب ألقاه في 31 مارس/ آذار، أخبر جونسون الأمريكيين أنه لن يسعى، أو يقبل ترشيح حزبه لإعادة انتخابه.

  • الزوجات الثلاث

وعلى عكس بايدن وعائلته، الذين أصروا لأسابيع على أنه لائق لهذا المنصب، ومتلهف من أجل البقاء لفترة ثانية، أعرب ترومان وجونسون عن شكوكهما حول حكمة البقاء في منصب الرئيس. وقد تأثر كلاهما بشكل كبير بزوجتيهما، اللتين أرادتا ترك الوظيفة.

ففي عام 1952، أرادت بيس ترومان، أن تعود وزوجها هاري إلى ميسوري. وقال دوجلاس برينكلي، المؤرخ الرئاسي والأستاذ بجامعة رايس: «لقد قاموا بخدمتهم العامة.. واعتقدت الليدي بيرد جونسون أن زوجها كان مريضاً، بسبب نوبة قلبية وارتفاع ضغط الدم». وفي العام نفسه رشح الديمقراطيون ستيفنسون، حاكم إلينوي، ليكون مرشحهم، لكنه هُزم بأغلبية ساحقة على يد الجمهوري، دوايت أيزنهاور، الجنرال السابق في الجيش الأمريكي.

وفي عام 1968، فاز نائب الرئيس هيوبرت همفري بترشيح الحزب الديمقراطي، لكنه خسر أمام ريتشارد نيكسون.

ويشير التقرير إلى أنه من المستحيل بطبيعة الحال القول إن ترومان، أو جونسون، كانا ليحققا نتائج أفضل لو خاضا الانتخابات، ولكن حتى عندما شغلا المنصب واجها تحديات خطرة. فقد كان أيزنهاور بطلاً مبجلاً في الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1952 كان هناك شعور، حتى بين بعض الديمقراطيين، بأن الحزب الديمقراطي ظل في السلطة لفترة أطول مما ينبغي. إذ امتدت الفترة المشتركة التي قضاها روزفلت وترومان في المنصب لعقدين من الزمن.

وفي عام 1968، أحدثت فيتنام انقساماً شديداً في الحزب الديمقراطي، وانتهى الأمر بجورج والاس، حاكم ولاية ألاباما، وداعية الفصل العنصري، إلى استنزاف العديد من الديمقراطيين الجنوبيين في الانتخابات العامة كمرشح لحزب ثالث.

وبعد مغادرة البيت الأبيض في عام 1953، عاد ترومان إلى مسقط رأسه في ميسوري. وتوفي في عام 1972. وعاد جونسون إلى مزرعته في تكساس وتوفي في عام 1973.

أما جو بايدن المعزول حالياً، بسبب إصابته بفيروس كوفيد، فقد انسحب من سباق انتخابات 2024 للرئاسة، منهياً محاولته لإعادة انتخابه بعد مناظرة كارثية مع دونالد ترامب، أثارت شكوكاً حول أهليته للمنصب قبل أربعة أشهر فقط من الانتخابات. فيما شكلت زوجته محوراً مفصلياً في قراره الأخير.

ويأتي القرار بعد تصاعد الضغوط من حلفاء بايدن الديمقراطيين للتنحي، لكنه يعتزم إكمال الفترة المتبقية من ولايته في منصبه، والتي تنتهي ظهر يوم 20 يناير/ كانون الثاني 2025. بينما تسعى نائبته التي يدعمها للحصول على تلرشيح الحزب الديمقراطي لمحاولة هزيمة المرشح الجمهوري الأوفر حظاً، دونالد ترامب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/muzabdr3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"