«كورونا» باقٍ.. فما الحل؟

03:15 صباحا
قراءة 4 دقائق
إعداد: قسم الترجمة

لا تزال مخاطر تحول «كورونا» إلى وباء طويل الأمد ماثلة أمام أعين العالم؛ بعد أن تجاوز عدد المصابين 20 مليوناً، مع عجز العالم حتى الآن على الأقل، عن توفير لقاح أو علاج حاسم على الرغم من إعلان روسيا عن لقاح جديد. فهل لدى حكومات العالم خطة للمواجهة على المدى البعيد؟
حذرت منظمة الصحة العالمية في آخر تقييم لها حول انتشار الوباء، بعد ستة أشهر من ظهوره، من أن يكون من النوع طويل الأمد، ويتطلب استعدادات دائمة للتعايش معه، ومع آثاره ليس على الجبهة الصحية فحسب؛ بل الاقتصادية والاجتماعية.
وجاء في البيان الذي صدر عن المنظمة بداية الشهر الحالي، أن الوباء الذي شمل انتشاره كافة دول العالم تقريباً، يتطلب جدية في المواجهة والتعامل بحذر مع دعوات استئناف النشاط البشري بلا ضوابط أو التراخي في إجراءات مواجهته.
وتجلت مواجهة دول العالم للوباء بدرجات متفاوتة من الجدية، وتخصيص الموارد وطبيعة الإجراءات المتخذة، منذ أن أصدرت المنظمة أول قائمة من توجيهاتها الخاصة بالمواجهة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقد تعرضت المنظمة لانتقادات حول تهويلها مخاطر الوباء، والتشدد في إجراءات الوقاية منه التي شلت الاقتصاد العالمي. ولا تزال دول العالم منقسمة لجهة مواجهة الوباء بين من يدعو لاستمرار الإغلاق الاقتصادي؛ من أجل حماية الأرواح، ومن يحفز على استئناف النشاط البشري؛ لضمان دوران عجلة الاقتصاد، وتأمين مصادر عيش الناس.
وفي ظل هذه الصورة غير المستقرة على صعيد المواجهة الصحية في غياب علاج مضمون، والتنافس على إنتاج لقاح، يستمر العالم في التأرجح بين دعوات الفريقين، بينما ينزف الاقتصاد العالمي المزيد من الخسائر، ويفقد ملايين الوظائف في مختلف القطاعات، خاصة السفر والسياحة والضيافة.
فقد أكد تقرير لمنظمة العمل الدولية، أن العالم سوف يفقد 195 مليون وظيفة؛ منها 5 ملايين في الدول العربية، وأن تبعات الفيروس على الاقتصاد العالمي تفوق تبعات أزمة عام 2008 المالية العالمية بأضعاف. وسوف يتركز الفاقد في دول آسيا والمحيط الهادي؛ وهي أكثر المناطق المأهولة بالسكان في العالم.
ويواجه العاملون في خطوط المواجهة الأمامية من الكوادر الطبية والاجتماعية وعددهم 136 مليون عامل على مستوى العالم، مخاطر أكبر في عملية المواجهة، ما يزيد من تكاليف وأعباء حمايتهم، وبالتالي حماية الأنظمة الصحية في دول العالم الأشد فقراً من الانهيار.

إجراءات عاجلة

وقد فرض تفشي الوباء السريع سياسات استجابة تركز على تقديم المساعدة الفورية للشركات والعمال؛ لحماية مصادر رزقهم، بما فيها الأعمال الحيوية في النشاط الاقتصادي، وخاصة في القطاعات الأشد تضرراً. وقدرت شركة «ماكنزي» حجم برامج التحفيز الطارئة خلال الشهرين الأول والثاني من تفشي الوباء بنحو 10 تريليونات دولار، موزعة على 45 دولة. وقد بلغت نسبة تكاليف التحفيز الاقتصادي ما يعادل 40% من الناتج الإجمالي المحلي لبعض الدول.
على الرغم من بشائر تحقيق إنجاز على صعيد المواجهة الصحية من خلال الإعلان الروسي عن إنتاج أول لقاح، وما يحيط بهذه الخطوة من شكوك لجهة جدواها وخلوها من الأضرار الجانبية، لا يزال العالم مضطراً للتعامل مع الوباء بدرجة عالية من التحوط والحذر، الأمر الذي ينعكس سلباً على النشاط الاقتصادي بمختلف أشكاله.
فهناك نحو ملياري شخص يعملون في وظائف غير رسمية، معظمهم في الدول النامية، وقد تأثر عشرات الملايين من العمّال الذين يعملون في هذا النوع من الوظائف؛ نتيجة تفشي الوباء. ففي الهند مثلاً، يعمل نحو 400 مليون شخص في وظائف غير رسمية، ويواجهون مخاطر الانزلاق في الفقر المدقع، وتجبر إجراءات الإغلاق الكثير منهم على العودة إلى المناطق الريفية التي جاؤا منها. وتتكرر هذه المشكلة في كافة دول العالم خارج مجموعة التعاون الاقتصادي والتنمية.

محاور المعالجة الملحة

تتصدر الأعباء الصحية محاور المواجهة الصعبة في حال طال أمد انتشار كورونا. وتفترض أولويات المواجهة مناعة الأنظمة الصحية، خاصة في الدول الأشد فقراً والتي لا يتوفر لبعضها تجهيزات اختبارات كافية؛ لضبط الانتشار ومتابعة الإصابات في حال استمرار تزايد أعدادها. ونظراً لصعوبة فرض قيود على السفر إلى ما لا نهاية، فإنه من غير المفيد عزل دول بعينها كما حصل عندما وضعت بعض الدول قوائم تصنيف لاستقبال المسافرين يتم على أساسها منح موافقات الدخول لمواطني هذه الدولة أو تلك. وهذا يتطلب اعتماد آليات وقاية على مستوى كل دولة، تأخذ في الاعتبار مصالح مواطنيها التي لم يعد من الممكن فصلها عن التفاعلات عبر الحدود.
وقد أوصت منظمة الصحة العالمية بتعزيز خدمات الخطوط الأمامية للاستجابة للجائحة، وتبني سياسات تمويل صحية داعمة؛ تركز على تعزيز مرونة النظام الصحي والأمن الصحي والتغطية الصحية الشاملة. كما أوصت بزيادة الإيرادات الكافية للأنظمة الصحية، وتنظيم تلك الإيرادات؛ من أجل تقاسم المخاطر بين جميع السكان، وإنفاق هذه الأموال بأفضل طريقة؛ لتحسين صحة جميع المواطنين في أي بلد.

المواجهة الاقتصادية

ما يشغل العالم أكثر هي الآثار التي تركها الوباء على الاقتصاد حتى الآن، وما يمكن أن يخلفه لاحقاً في حال طال أمد انتشاره، ولم يوفق العالم في توفير لقاح أو علاج حاسم. وعلى الرغم من عدم وجود طريقة لحساب وتقدير الأضرار الاقتصادية الناجمة عن جائحة الفيروس، فإن هناك إجماعاً واسع النطاق على أن آثاره السلبية ستكون شديدة على الاقتصاد العالمي. وأشارت التقديرات الأولية إلى أنه في حالة تحول الفيروس إلى وباء عالمي طويل الأجل، فإن معظم الاقتصادات الكبرى ستفقد 2.4٪ على الأقل من قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020، وهو ما تسبب في خفض توقعات النمو لعام 2020 بنسبة 3 في المئة. ولوضع هذا الرقم في المنظور الصحيح، قُدر الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 86.6 تريليون دولار أمريكي في عام 2019، ما يعني أن انخفاض النمو الاقتصادي بنسبة 0.4 في المئة فقط، يعادل خسائر بنحو 3.5 تريليون دولار.

تنسيق السياسات

ويوصي صندوق النقد الدولي حكومات العالم بضرورة زيادة الإنفاق وتبنبي سياسات الدعم المالي طويلة الأمد، مع اعتماد برامج تخفيض ضريبي وتوفير الإغاثة الفورية للعاطلين عن العمل من الأفراد ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل الحاضنة الرئيسية للوظائف في الوقت الراهن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"