التهاب العصب البصري.. يسبب فقدان الرؤية

00:52 صباحا
قراءة 6 دقائق

يتكون العصب البصري من مجموعة ألياف عصبية تنقل المعلومات البصرية من العين للدماغ؛ حيث يتلقى النبضات العصبية ومن ثم ينقلها للمخ الذي يترجمها إلى صور.
ويتعرض هذا العصب للإصابة بالالتهاب، وهو التهاب مناعي يصيب العصب نفسه أو غلافه، ويحدث نتيجة استهداف الجهاز المناعي بطريق الخطأ مادة الميالين التي تغطي العصب، وبالتالي يؤدي إلى التهابها.
يحدث التهاب العصب البصري بصورة مفاجئة عند الإصابة بأحد أنواع العدوى، أو نتيجة الإصابة بمرض عصبي.
ويمكن أن يكون هذا المرض دليلاً على الإصابة بالتصلب المتعدد، وهو أحد الأمراض العصبية التي تسبب التهاباً للأعصاب في الدماغ والعصب البصري وتتسبب تلفها.
ونتناول في هذا الموضوع مرض التهاب العصب البصري بكل جوانبه، مع طرح العوامل والمسببات التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، ونقدم طرق الوقاية والعلاج المتبعة والحديثة.


عين واحدة


يعاني الشخص المصاب بمرض التهاب العصب البصري من ألم في العين، والذي يزيد مع حركتها، كما أنه يفقد الرؤية بشكل مؤقت في عين واحدة فقط، في حين أن إصابة الأطفال بهذا الالتهاب تؤثر في كلتا العينين.
ويصاحب الأعراض في الأطفال كذلك ارتفاع في درجة الحرارة، وأعراض إنفلونزا، وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون لديهم أمراض أخرى، أو حصلوا على جرعة من التطعيمات سبقت ظهور الأعراض.
ويستعيد أغلب من أصيبوا بنوبة التهاب واحدة الرؤية دون علاج، ويمكن أن يسرع العلاج الستيرويدي من استعادة الرؤية.


الثلاثة الأبرز


يعاني المصاب بالتهاب العصب البصري من مجموعة من الأعراض، إلا أن هناك 3 أعراض تعد هي الأبرز، وهي فقد الرؤية في عين واحدة، والذي تختلف درجته، ويتراوح من معتدل لحاد.
ويحدث هذا الأمر خلال بضع ساعات وحتى أيام عدة، ويستمر من أسبوع وحتى 10 أيام، كما أنه يتحسن خلال فترة تبدأ من أسابيع لأشهر، وفي بعض الأشخاص يكون فقد الرؤية دائماً.
ويلي ذلك ألم حول العين، والذي يكون أسوأ عند تحريك المصاب لعينه، وفي بعض الأحيان يبدو كوجع غير حاد خلف العين، كما يشكو من خلل في رؤية الألوان، وربما لاحظ أن الألوان أصبحت أقل إشراقاً.
ويمكن أن تشمل الأعراض فقدان الرؤية الجانبية بأي نمط، كفقدان الرؤية المركزية أو الرؤية الطرفية، ويشكو بعض المصابين من رؤية أضواء وماضة أو رعاشة مع حركة العين.
وتتغير طريقة تفاعل بؤبؤ العين مع الضوء الساطع، كما أن الرؤية تصبح أكثر سوءاً مع زيادة درجة حرارة الجسم، وهو ما يعرف بظاهرة أوتهوف


خطأ المناعة


يعد السبب الدقيق وراء الإصابة بالتهاب العصب البصري غير معلوم، ويرجع البعض الأمر إلى استهداف الجهاز المناعي للمادة التي تغطي العصب البصري بطريق الخطأ، وبالتالي يتسبب في التهاب وتلف الميالين.
ويساعد في الغالب الميالين على نقل النبضات الكهربائية سريعاً من العين للدماغ، ومن ثم تتحول لمعلومات بصرية، إلا أن الالتهاب يؤدي إلى خلل في هذه العملية، والذي يترتب عليه أن تتأثر الرؤية. وترتبط في كثير من الأحيان الإصابة بالتهاب العصب البصري بحالات المناعة الذاتية، والتي تشمل التصلب المتعدد، وفيه يهاجم الجهاز المناعي الغمد المياليني المغطي للألياف العصبية في الدماغ.
وجود آفات على الدماغ يزيد من خطر الإصابة بهذا المرض بصورة أكبر، كما أن خطر الإصابة بالتصلب المتعدد يرتفع بدرجة كبيرة عقب حدوث نوبة واحدة من التهاب العصب البصري.


أخطر من التصلب


يعد التهاب النخاع والعصب البصري من ضمن حالات المناعة الذاتية، التي يؤثر فيها الالتهاب على العصب البصري والحبل النخاعي، وفي ذلك تشابه مع التصلب المتعدد، غير أن التهاب النخاع والعصب البصري لا يؤدي إلى تلف أعصاب الدماغ.
ويجب الانتباه إلى أن التهاب النخاع والعصب البصري أخطر من التصلب المتعدد، لأنه في العادة يكون التعافي منه عقب النوبة أقل مقارنة بالتصلب المتعدد.
ويمكن أن يكون وراء الإصابة بالتهاب العصب البصري اضطراب الجسم المضاد للبروتين السكري المياليني للخلية الدبقية، كما أنها تتسبب بالتهاب الحبل النخاعي أو الدماغ.
ويمكن أن تحدث نوبات متكررة من الالتهاب في هذه الحالة، كالتي تحدث في الحالات السابقة، غير أن التعافي منها يكون أفضل في العادة من التهاب النخاع والعصب البصري.
ويجب عند وجود أعراض لالتهاب العصب البصري شديدة الانتباه إلى الأسباب الأخرى التي تصاحب الحالة ووضعها في الاعتبار.


داء لايم


تشمل هذه الأسباب حالات العدوى البكتيرية، كداء لايم، وحمى خدش القطط، أو الفيروسات كالحصبة والنكاف، والتي ربما كانت سبباً في هذا المرض.
ويمكن أن تتسبب أمراض كالساركويد وداء بهجت والذئبة في التهاب العصب البصري، كما أن لبعض الأدوية والسموم دوراً في هذه الإصابة، ومن أمثلة الأدوية الإيثامبيوتول ويستخدم في علاج السل، ومن السموم الميثانول، وهو من مكونات موانع التجمد والطلاء والمذيبات المعروفة.
وتتسبب بعض العوامل بزيادة خطر الإصابة بالتهاب العصب البصري، ومن ذلك السن، وبخاصة المرحلة العمرية بين 20 إلى 40 عاماً.
وتتضمن عوامل الخطر، الجنس، فتزيد الإصابة بهذا المرض لدى النساء أكثر من الرجال، وربما تسببت بعض الطفرات الوراثية في زيادة فرصة الإصابة، سواء بالتهاب العصب البصري أو التصلب المتعدد.


تلف العصب


يمكن أن يترتب على الإصابة بالتهاب العصب البصري بعض المضاعفات؛ حيث يتعرض العصب للتلف عقب الإصابة بإحدى نوبات الالتهاب، ومن الممكن ألا يتسبب هذا التلف في أعراض دائمة. ويستعيد أغلب المصابين الإبصار الطبيعي أو القريب منه، وذلك خلال بضعة أشهر، إلا أن الفقد الجزئي لتمييز الألوان ربما يستمر، كما أن فقد البصر من الممكن أن يظل ملازماً بعض المصابين.
ويعد من مضاعفات التهاب العصب البصري الآثار الجانبية للأدوية؛ حيث تضعف الأدوية الستيرويدية من الجهاز المناعي، وبالتالي تزيد من خطر الإصابة بالعدوى، كما تعد التقلبات المزاجية وزيادة الوزن من ضمن هذه الآثار.


فحص روتيني


تشمل إجراءات تشخيص التهاب العصب البصري العديد من الاختبارات، والتي تبدأ بفحص الطبيب للمريض والتعرف إلى التاريخ الطبي له.
ويتحقق من خلال فحص العين الروتيني من مقدرة المصاب على الرؤية، وكذلك مشاهدة الألوان وقياس الرؤية الجانبية.
ويفحص مكونات الجزء الخلفي من العين من خلال تنظير قاع العين؛ حيث يوجه ضوءاً ساطعاً في العينين، ويقيم هذا الاختبار القرص البصري، والذي يتورم في 30% من المصابين، ويعتبر القرص البصري مكان دخول العصب إلى شبكية العين.
ويلي ذلك اختبار رد فعل حدقة العين، ومن الممكن أن يحرك الطبيب مصباحاً أمام العينين، حتى يتعرف إلى استجابة الحدقتين للضوء الساطع، وفي حالة وجود التهاب في العصب فإن الحدقتين لن تتقلصان.


بعد أسبوعين


يمكن أن تشمل الاختبارات، إجراء أشعة بالرنين المغناطيسي، وذلك بهدف التأكد من وجود التهاب في العصب، كما أن لهذا الإجراء أهمية كبيرة لتحديد هل هناك مناطق في الدماغ تالفة؟ لأن ذلك يعني زيادة خطر الإصابة بالتصلب المتعدد. ويخضع المصابون بالتهاب العصب البصري الشديد لاختبار دم، وذلك للتأكد من وجود أجسام مضادة محددة، لأن التهاب العصب والنخاع يكون مرتبطاً بجسم مضاد يسبب فيه الالتهاب الشديد، كما أن الحالات غير الاعتيادية لالتهاب العصب البصري يمكن لاختبار الدم أن يبحث عن الأجسام المضادة للبروتين السكري لميالين الخلايا الدبقية.
ويطلب الطبيب إجراء هذه الفحوص بعد أسبوعين من ظهور الأعراض، وذلك بهدف التأكد من تشخيص هذه الإصابة.


تحسن تلقائي


تتحسن الحالات المصابة بالتهاب العصب البصري في الغالب تلقائياً دون أي تدخل، ويستعيد المصاب الرؤية الطبيعية في نحوالي 6 أشهر بعد نوبة الالتهاب.
ويتم اللجوء للأدوية الستيرويدية وفي الحالات الشديدة بهدف تقليل الالتهاب، مع ملاحظة أن لهذه الأدوية بعض الآثار الجانبية كاضطراب المعدة والأرق وزيادة الوزن وتغيرات المزاج واحمرار الوجه.
ويعطى علاج الستيرويد في العادة من خلال الحقن وريدياً، ويزيد العلاج الوريدي من سرعة استعادة البصر، إلا أن مقدار الرؤية التي يستعيدها المصاب بالتهاب العصب البصري النمطي لا يؤثر فيه.


أجهزة مساعدة


يشير الباحثون إلى أنه يمكن أن تساعد تبادل البلازما بعض المصابين بالتهاب العصب البصري على استعادة الإبصار، وذلك في الحالات التي يفشل فيها العلاج بالستيرويد مع استمرار فقد الإبصار الشديد.
وتتحسن الرؤية في الغالب عند تخفيف الضغط على العصب البصري، إذا كان سبب الإصابة وجود ورم يضغط عليه.
وتوفر الأجهزة المساعدة أحياناً لبعض من يعانون فقد الرؤية، والتي منها على سبيل المثال العدسات المكبرة، والساعات المتحدثة والطابعات ذات الحجم الكبير.
وتكشف الإحصاءات أن خطر الإصابة بمرض التصلب المتعدد يزيد بنسبة 50% بعد تعرض الشخص لنوبة واحدة فقط من التهاب العصب البصري، كما أن حدوث مشاكل الدماغ يزيد أيضاً من خطر الإصابة بنحو 18%.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"