حملة ترامب الانتخابية تترنح

02:52 صباحا
قراءة 4 دقائق
إعداد: بنيمين زرزور

تشغل الانتخابات الأمريكية في كل دورة من دوراتها العالم بأسره نظراً لما تتمتع به الدولة العظمى من نفوذ يرسم خرائط العالم السياسية والاقتصادية. ومع اقتراب موعد الانتخابات لهذا العام، حيث يفصلنا عنها نحو مئة يوم أو أكثر بقليل، يفرض الإخفاق في مساعي الحملات الانتخابية للمتنافسين تحديات تتطلب البحث عن مخرج قد يتجلى في تغيير الأدوات أو الخطط أو الأشخاص، لأن المهم هو تغيير النتائج.
جراء تغير نتائج استطلاعات الرأي المحبطة في السباق نحو البيت الأبيض، بعد أن أصبح عامل الزمن فيه سيفاً مصلتاً على رقبة دونالد ترامب الأقل حظاً فيها، ومنافسه جو بايدن، غير ترامب مدير حملته للمرة الخامسة، وكلف بيل ستيبين مدير حملته الانتخابية عام 2016. ووقع الاختيار على ستيبين بعد أن جرب ترامب المحبط كلاً من كيليان كونواي، وبول مانافورت، وكوري ليواندوسكي وبراد بارسكال.
ويعكس التبديل المستمر في قيادة الحملة حرص الرئيس ترامب على الفوز بالانتخابات بأي ثمن، وهو الذي تكالبت عليه الظروف متسارعة بدءاً من تراجع الأداء الاقتصادي الذي فاقمه تفشي وباء كوفيد-19 والإغلاق العام، فضلاً عن الإجماع بسوء إدارة مواجهة الوباء، وارتفاع عدد الإصابات والوفيات. كما يعكس حالة من الارتباك تسود أوساط الحملة بعد الفشل الذريع الذي واجهته في الاجتماع الانتخابي، مؤخراً، في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما، حيث لم يتجاوز عدد الحاضرين 6 آلاف شخص، بينما أكد مدير الحملة السابق بارسكال توقعاته بحضور مليون شخص. وتشير التقارير إلى أن ابنة ترامب، إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، حمَّلا بارسكال المسؤولية عن تعثر حملته مؤخراً. ومن المقرر أن يظل بارسكال مستشاراً في الحملة الانتخابية لعام 2020.


تغيير «طرابيش»


وجاء في بيان للرئيس ترامب على فيسبوك: «براد بارسكال الذي رافقني لمدة طويلة جداً، وقاد استراتيجيتنا الرقمية واستراتيجيتنا المتعلقة بالبيانات الضخمة، سيظل يشغل ذلك الدور بصفته مستشاراً أول في الحملة الانتخابية».
وتعيش حملة ترامب مرحلة حرجة بعد أن تردت شعبيته في استطلاعات الرأي الأخيرة، وكشف استطلاع صدر الأربعاء الماضي أعدته جامعة كينيبياك، عن تفوق جو بايدن بنحو 15 نقطة، متقدماً بفارق كبير في الولايات المتأرجحة التي لم تحسم أمرها بعد وهي أريزونا، وفلوريدا، ونورث كارولينا وبنسلفانيا وويسكونسن. وأظهرت استطلاعات الرأي أن شعبية ترامب تراجعت إلى 36 في المئة فقط.
والحقيقة أن تغيير مدير الحملة أشبه بتغيير «الطربوش». صحيح أن ديناميكية مدير الحملة وخبرته مهمتان جداً في تغيير مسار الانتخابات، إلا أن ما حصده ترامب حتى الآن، لا يوحي بأن حظوظه في النجاح ستكون كما يشتهي.
ويجد الرئيس ترامب نفسه في تناقض مع مواقف أغلبية الأمريكيين في مجموعة من القضايا، بدءاً من إعادة فتح المدارس إلى إصلاح الشرطة، وما شهدته المدن الأمريكية من غليان يعكس شعوراً مريراً بالتفاوت الطبقي والاجتماعي، وصولاً إلى الإحباط الذي نتج عن السياسات الفيدرالية في مواجهة الوباء.
وتثير فنيات أداء الواجب الانتخابي موجة جديدة من الجدل حول قانونية التصويت غير المباشر عبر البريد الإلكتروني، والتصويت المبكر كحلول فرضها تفشي الوباء. ويسعى كل من المتنافسين إلى ترجيح الاقتراحات التي تخدم حظوظه في الفوز.


التصويت الغيابي أو المبكر


وكشف استطلاع للرأي أعدته شركة «بيو» للأبحاث أن ما يقرب من 65% من الأمريكيين يفضلون التصويت المبكر أو التصويت غيابياً تجنباً للاختلاط والتماس الذي قد يفاقم تفشي كوفيد-19، بينما تفضل نسبة الثلث التصويت المبكر كحل في زمن الوباء.
وتدعم نسبة 83% من الديموقراطيين ومؤيديهم التصويت غيابياً أو مبكراً، بينما لا ترقى النسبة في أوساط الجهوريين إلى 44%.
وكانت الأشهر الثلاثة الماضية كارثة للرئيس ترامب، فالوقت المتاح لتغيير الأمور يتضاءل، بينما يحتاج ترامب لمفاجأة كي يحقق فوزاً خجولاً.
وقد رصد معهد بروكنجز رصيد ترامب من النقاط في الاستطلاعات الأخيرة، حيث بلغ حظه من أصوات الأمريكيين حتى 1 إبريل / نيسان 45.8 %، وهو أفضل عرض له منذ الشهر الأول من رئاسته. وبحلول 26 يونيو / حزيران، تراجعت النسبة إلى 40.6 %، بانخفاض 5.2 نقطة، في حين ارتفعت نسبة رافضيه 6.4 نقطة لتصل إلى 56.1 %.
وتؤكد متابعات الحملات السياسية الحديثة العلاقة القوية بين نتائج استطلاعات الرأي ونتائج الانتخابات. وكلما اقتربت الاستطلاعات من يوم الانتخابات، كانت الفجوة بين هذين المقياسين أصغر. فخلال الانتخابات الست الماضية التي جرت في أعوام 1980 و1984 و1992 و1996 و2004 و2012، بلغ متوسط ​​الفرق بين نتائج الاستطلاعات والفوز نقطة مئوية واحدة فقط.
وفي سباق انتخابات عام 2020 يتزايد ذلك التقارب باستمرار. ومنذ 26 يونيو / حزيران الماضي، حصل الرئيس ترامب على ​​41.4 % من الأصوات بفارق 0.8 % عن جو بايدن، وستكون هذه الأرقام مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع نتائج الانتخابات. وسيكون فوزه صعباً ما لم تحدث مفاجآت.
وتؤكد تجارب التاريخ على أن ترامب يواجه مخاطر جمة إذا لم يستطع التخلص من الأحكام السلبية التي تراكمت ضده في أذهان الأمريكيين. ففي حين فشل عدد قليل من الرؤساء السابقين في الفوز بولاية ثانية، فقد كانت هزائمهم المدوية متجذرة في قناعات الناخبين بأن هؤلاء الرؤساء فشلوا في مواجهة أكبر التحديات التي تواجه أمريكا في ذلك الوقت.


بايدن أم الوباء؟


ولكن يبدو أن ترامب في هذه المرحلة لا يعمل ضد بايدن بقدر ما يعمل ضد الوباء. ومع ارتفاع عدد الإصابات و نزلاء المستشفيات، يرتفع عدد الوفيات ويظل الاقتصاد في حالة اضطراب.
وقد يقول المتفائلون في معسكر ترامب: إن دعم الرئيس قد انخفض أكثر في الولايات التي لم تكن لديه فرصة للفوز بها على الإطلاق، أي الولايات المتأرجحة التي يحتاجها للوصول إلى 270 صوتاً انتخابياً. لكن الحقائق لا تدعم هذه الفرضية. وفي الواقع، تراجعت حظوظ الرئيس في معظم الولايات التي تشكل ثقلاً كبيراً ضده في الآونة الأخيرة، وقد يكون من غير الممكن له ترميم صورته في ما تبقى من وقت حتى مع تغيير مدير الحملة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"