التهاب الشغاف العدوائي يهدد قلب المريض

02:34 صباحا
قراءة 6 دقائق

يعد «التهاب الشغاف العدوائي» أحد أنواع العدوى، والتي تصيب بطانة القلب، وأيضاً صمامات القلب في العادة، وتحدث العدوى عندما تدخل لمجرى الدم البكتيريا، ومن ثم تنتقل للصمامات التي تعرضت لإصابة في السابق وتلتصق بها.

ويوجد نوعان لهذا المرض: الأول الالتهاب الحاد، ويحدث فجأة، وربما كان مهدداً لحياة المريض، والثاني: الالتهاب تحت الحاد، ويكون تدريجياً؛ حيث يحدث خلال مدة تصل لعدة أشهر، ولا يمثل أي خطر على حياة المصاب به.

تكون أعراض الالتهاب الحاد، حمى شديدة مع سرعة في نبضات القلب، وتعب وضرر سريع في صمام القلب، في حين أن أعراض الالتهاب تحت الحاد تدريجية، كالتعب والحمى الخفيفة وسرعة نبضات القلب، إلا أنها تكون متوسطة، مع نقص الوزن والتعرق والإصابة بفقر الدم.

ويلاحظ أن إصابة الرجال بالتهاب الشغاف العدوائي أكثر من النساء بمرتين، وتصل النسبة إلى 8 مرات في كبار السن.

ويعد المرض منتشراً للغاية في كبار السن، حتى إن 25% من الإصابات به تحدث في المرضى فوق عمر الستين عاماً.

ونتناول في هذا الموضوع مرض «التهاب الشغاف العدوائي» بكل تفاصيله، مع بيان أسبابه وأعراضه، وطرق الوقاية والعلاج.

عدوى بكتيرية

ترجع الإصابة بـ«التهاب الشغاف العدوائي» في بعض الأحيان إلى البكتيريا التي تدخل إلى مجرى الدم، وبالتالي تستقر على صمامات القلب، ومن ثم تصيب شغاف القلب بالعدوى.

وتزيد فرصة الإصابة بالعدوى في حالة وجود الصمامات البديلة أو الصناعية، وكذلك الصمامات غير الطبيعية، أو المصابة بأي ضرر؛ حيث تتجمع البكتيريا عليه، ومن ثم تستقر على شغاف القلب وتتكاثر؛ وذلك مقارنة مع الصمامات الطبيعية، وعلى الرغم من ذلك فإنه من الممكن أن تصاب الصمامات الطبيعية بالعدوى، لو كانت كمية البكتيريا كبيرة.

ويمكن أن يدخل عدد صغير من البكتيريا لمجرى الدم؛ نتيجة إصابة في الجلد أو في بطانة الفم أو اللثة، والتي تحدث أحياناً؛ بسبب نشاط طبيعي كالمضغ أو تنظيف الأسنان بالفرشاة.

التهاب اللثة

تدخل البكتيريا أيضاً في أحيان كثيرة نتيجة التهاب اللثة مع العدوى، وفي حالات العدوى الجلدية البسيطة، أو العدوى التي تحدث في أي مكان بالجسم، وربما كان السبب الخضوع لعمليات جراحية وسنية، وتدخل البكتيريا في حالات نادرة أثناء جراحة القلب المفتوح أو استبدال صمام القلب.

وتتسبب الإصابة بعدوى شديدة في الدم، أو ما يعرف بالإنتان، في دخول كمية كبيرة من البكتيريا لمجرى الدم، وفي الحالات التي يكون عدد البكتيريا كبيراً، فإن فرصة الإصابة بالتهاب الشغاف تكون كبيرة، حتى لو كانت صمامات القلب طبيعية.

ويصاب الصمام ثلاثي الشرفات، والذي يفتح من الأذين الأيمن للبطين الأيمن، بشكل أكبر بالعدوى؛ وذلك في الحالات التي تستخدم الخطوط الوريدية لوقت طويل؛ حيث يلجأ الطبيب إليها لإعطاء العلاج وريدياً ولمدة طويلة، لمن يعانون حالات صحية خطرة، وفي أغلب حالات التهاب الشغاف فإن العدوى تحدث في الصمام المترالي أو الأبهري.

عوامل خطر

تزيد فرصة الإصابة بالتهاب الشغاف العدوائي في حالة توافر بعض العوامل، ومن ذلك وجود عيوب ولادية في القلب أو الصمامات أو أحد الأوعية الدموية الرئيسية لدى الأطفال والبالغين، وبخاصة لو تسبب العيب في تسرب الدم من أحد أجزاء القلب لآخر.

ويكون خطر الإصابة بالتهاب الشغاف العدوائي في كبار السن زائداً عند إصابة صمامات القلب بالتنكس، أو ترسبات الكالسيوم في الصمام المترالي أو الأبهري.

ويعد الضرر الذي يصيب القلب والناتج عن حمى الروماتيزم أثناء الطفولة من عوامل الخطر؛ وذلك لدى هؤلاء الذين لم يستفيدوا من المضادات الحيوية في مرحلة الطفولة.

ويزيد خطر الإصابة بـ«التهاب الشغاف العدوائي» بالنسبة لهؤلاء الذين يستخدمون محاقن ملوثة؛ لأنه على الأرجح فإن البكتيريا تحقن مباشرة في مجرى الدم.

ويكون عرضة بشكل كبير للإصابة بهذه الحالة من أجروا استبدال صمام قلب، وبخاصة خلال العام الأول من هذه الجراحة، وينخفض الخطر بعد العام الأول، غير أنه يظل أعلى من المعتاد. ويلاحظ أن الخطر يكون أكبر دائماً عند استبدال الصمام الأبهري، مقارنة مع استبدال الصمام المترالي بصمام ميكانيكي وليس مصنوعاً من الحيوان؛ وذلك لأسباب غير معروفة.

بشكل مفاجئ

تظهر أعراض التهاب الشغاف البكتيري الحاد في البداية بصورة مفاجئة، وفي العادة بحمى شديدة، وسرعة في نبض القلب إضافة إلى تعب وضرر سريع وواسع في صمام القلب.

ويمكن أن يتسبب الالتهاب تحت الحاد في نفس هذه الأعراض، كحمى خفيفة وسرعة نبض القلب بشكل متوسط، ونقص في الوزن وتعرق وفقر الدم.

وتكون هذه الأعراض في بعض الأحيان مختلفة، فمن الممكن أن تظهر لأشهر، قبل أن يتسبب التهاب الشغاف في انسداد شريان، أو ضرر في صمامات القلب، وهنا يصبح تشخيص المصاب واضحاً.

وتصاب الشرايين بالانسداد عندما تنفصل تجمعات البكتيريا وجلطات الدم على الصمامات، وتصبح مثل الخثرات، وتنتقل عبر مجرى الدم لأجزاء أخرى من الجسم، ومن ثم تستقر في أحد الشرايين وتؤدي لانسداده.

ويتسبب هذا الانسداد في بعض الأحيان في نتائج خطرة، فربما أدى انسداد شريان في الدماغ لسكتة دماغية، ولو كان في القلب يسبب نوبة قلبية. ويمكن أن تسبب الصمامات عدوى في المنطقة التي تستقر فيها، أو تسد الأوعية الدموية الصغيرة، وبالتالي تصيب الأعضاء بالضرر.

أعضاء متضررة

تشمل الأعضاء المتضررة في العادة: الرئتين والدماغ والطحال والكلى، كما أنه من الممكن أن تنتقل للجلد وشبكية العين، وأيضاً تحدث خراجات في قاعدة صمامات القلب المصابة، أو أي مكان آخر تستقر فيه.

وتصبح صمامات القلب في بعض الأحيان مثقوبة، وربما بدأت بالتسرب أو القصور خلال بضعة أيام، ويعاني بعض المرضى الإصابة بما يعرف بالصدمة الإنتانية، وبسببها تتوقف بعض الأعضاء كالكلى.

وتؤدي العدوى في الشرايين في بعض الحالات إلى إضعاف جدرانها، وأحياناً تتسبب في تمزقها، وتمثل تهديداً على حياة المصاب، وبخاصة لو كان في الدماغ أو قريباً من القلب.

ألم المفاصل

يعاني المصاب بالتهاب الشغاف البكتيري الحاد أو تحت الحاد ألماً في المفاصل والقشعريرة والشحوب والتخليط الذهني، وأحياناً تكون هناك عقيدات تحت الجلد مؤلمة.

ويمكن أن تظهر بقع حمراء صغيرة على الجلد تشبه النمش وفي بياض العينين، وربما ظهرت خطوط صغيرة ذات لون أحمر تحت أظافر أصابع اليدين، وتعرف بالنزوف الشظوية.

وترجع هذه البقع والخطوط إلى وجود صمات صغيرة انفصلت من صمامات القلب، ومن الممكن أن يعاني المصاب ألماً في المعدة؛ بسبب الصمات الأكبر، كما يشكو من دم في البول، أو ألم في الذراع والساق، إضافة إلى نوبة قلبية، ومن الممكن أن يتضخم الطحال.

صعوبة التشخيص

يواجه الطبيب صعوبة في تشخيص حالة المصاب سواء بالالتهاب الشغافي العدوائي الحاد أو تحت الحاد؛ وذلك لأن الكثير من الأعراض تكون عامة وليست واضحة؛ ولذلك يتم إدخال المريض إلى المستشفى فوراً للتشخيص.

ويمكن للطبيب أن يشتبه في الإصابة بالتهاب الشغاف، عندما يجد المصاب يعاني حمى دون وجود سبب واضح للعدوى.

ويزيد الاشتباه عندما يعاني اضطراباً في صمام القلب، أو أنه قام باستبدال صمام، وكذلك من خضع قريباً لأي إجراء جراحي أو سني أو طبي، وكذلك في الحالات التي تم استخدام حقن ملوثة.

ويلجأ للمساعدة في التشخيص القيام بإجراء تخطيط صدى القلب، مع أخذ عينات من الدم وفحصها للبحث عن البكتيريا، وفي العادة تؤخذ 3 عينات في أوقات مختلفة من نفس اليوم.

ويمكن أن تعرف البكتيريا المسببة للمرض من خلال هذه الاختبارات، كما يعرف أفضل المضادات الحيوية التي تستخدم ضدها.

تراجع الوفاة

يعد خضوع المصاب بالتهاب الشغاف العدوائي للعلاج مهماً؛ لأن حياته تصبح مهددة بصورة دائمة، وعند الالتزام بالعلاج فإن خطر الوفاة يرجع لبعض العوامل كالعمر، ومدة العدوى ووجود صمام مستبدل.

ويلجأ المرضى الذين يواجهون خطر الإصابة بالتهاب الشغاف العدوائي بشكل كبير إلى تناول المضادات الحيوية كإجراء احترازي قبل الخضوع لأي جراحة.

ويشمل هؤلاء المرضى من قاموا باستبدال صمامات، والذين يعانون بعض العيوب الولادية في القلب، ومن عانوا سابقاً إصابة بالتهاب شغاف عدوائي. ويحتاج لذلك الجراحون وأطباء الأسنان على الأخص لمعرفة ما إذا كان لدى المريض مثل هذه العوامل من الخطر.

ويمكن أن يحتاج بعض المصابين بهذه الحالة لإجراء جراحة بالقلب لإصلاح أو استبدال الصمامات المتضررة، وإزالة أي تنبتات أو تصريف القيح من الخراجات.

ويشمل ذلك أيضاً الحالات التي تكون المضادات الحيوية غير فاعلة، أو في حالة وجود تسرب ملحوظ من الصمام، أو لو كان هناك عيب ولادي يصل إحدى حجيرات القلب بالأخرى.

نصائح للتعايش

يوجه الباحثون بعض النصائح للتعايش مع مرض التهاب الشغاف العدوائي؛ حيث يجب على المصاب بهذا الالتهاب الالتزام بتناول الأدوية والعقاقير التي وصفها له الطبيب المعالج، مع التقيد بزمن وجرعة العلاج.

وينبغي كذلك تناول الطعام الصحي المتوازن، مع الابتعاد عن أي أغذية بها دهون، وينصح بممارسة الرياضة بشكل منتظم ويومي، وينبغي الابتعاد عن القلق والتوتر، ولابد من الإقلاع عن التدخين.

ويجب تناول المضادات الحيوية بهدف الوقاية من الإصابة بهذا المرض، وذلك لمن يعانون من عيوب ولادية في القلب، ومن أجروا عملية صمام في القلب، والتي تشمل الزراعة.

وتشمل هذه القائمة من لديهم تاريخ مرضي بنفس هذا المرض، ومن أصيبوا بالتهاب في الجهاز البولي، أو عند إجراء جراحة فموية أو علاج للأسنان، وكذلك في الحالات التي تعاني من التهابات في الجهاز الهضمي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"