مــتلازمــة أضداد الشحوم الفوسفورية تزيد جلطات الدم

01:27 صباحا
قراءة 6 دقائق

تعد متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية، أحد الاضطرابات المناعية، وبسببها يكون الجهاز المناعي أجساماً مضادة، على سبيل الخطأ، تزيد من معدل تكون الجلطات الدموية.
وتعرف هذه الحالة أيضاً بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد أو متلازمة الأجسام المضادة للفوسفولبيد، وتتسبب الأجسام المضادة في جلطات دموية غير طبيعية في الشرايين والأوردة، وتصيب عادة الأرجل.
ويمكن مع ذلك أن تتكون الجلطات في أعضاء أخرى كالرئتين والكلى، وربما تسبب هذا الاضطراب في مضاعفات للحمل؛ كالإجهاض المتكرر والولادات المبكرة.
يهدف علاج متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية إلى تقليل خطر تكون الخثرات الدموية، ومضاعفات الحمل؛ وذلك لأنه لا يوجد علاج ناجع لها حتى الآن، ويعيش أغلب المصابين بهذه المتلازمة حياة عادية وصحية.
ونتناول في هذا الموضوع مرض متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية بكل تفاصيله، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وأعراضها وطرق الوقاية والعلاج المتبعة والحديثة.

أجسام خاطئة

ترجع الإصابة بمتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية إلى إفراز الجهاز المناعي لأجسام مضادة بطريق الخطأ، وهذه الأجسام تجعل الدم أكثر عرضة للتجلط.
وتحمي الأجسام المضادة في العادة البدن من الأجسام الغريبة التي تهاجمه كالفيروسات والبكتيريا، إلا أنها وبسبب هذا الاضطراب تهاجم البروتينات والدهون في الدم، وبخاصة الفوسفوليبيدات.
وتعد الفوسفوليبيدات إحدى مكونات غشاء الخلية، ولها دور في عملية تخثر الدم، وبالتالي فإن مهاجمة الأجسام المضادة لها؛ يؤدي إلى زيادة خطر تكون الجلطات الدموية.
ويمكن أن ترجع الإصابة بمتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية في بعض الحالات إلى وجود حالة مستبطنة؛ كاضطراب المناعة الذاتية أو الإصابة بعدوى ما، أو تناول بعض الأدوية، وربما لا يوجد سبب كامن وراءها.


النساء أكثر


يزيد خطر الإصابة بمتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية عند توافر بعض العوامل، ومن ذلك الجنس، فيرتفع معدل الإصابة بها في النساء مقارنة بالرجال.
وتشمل هذه العوامل أيضاً الإصابة بإحدى حالات المناعة الذاتية كمتلازمة شوجرن أو الذئبة، كما أن الإصابة ببعض حالات العدوى كداء لايم وفيروس الالتهاب الكبدي «سي» يزيد من معدل الإصابة بالمتلازمة.
ويمكن أن ترجع الإصابة بمتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية إلى تناول المصاب لبعض العقاقير، كأدوية ضغط الدم المرتفع أو مضاد النوبات الصرعية، وأخيراً فإن هذه الحالة من الممكن أن تورث.


الحمل والجلوس


يوجد لدى بعض الأشخاص الأجسام المضادة التي ترتبط بهذه المتلازمة، إلا أن الأعراض لا تتطور لديهم، غير أن وجود هذه الأجسام يزيد خطر الإصابة بالخثرات الدموية لدى بعض الحالات.
وتشمل هذه الحالات الحمل، والبقاء في الفراش أو الجلوس خلال الرحلات الطويلة، والخضوع لإجراء عملية جراحية، والتدخين.
وتتضمن كذلك تناول وسائل منع الحمل عن طريف الفم، أو العلاج بالأستروجين بعد انقطاع الحيض، وفي الحالات التي تعاني ارتفاع نسبة الكوليسترول وثلاثي الجليسريد.


خثرة متنقلة


تختلف أعراض متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية بحسب مكان تشكل الخثرة واستقرارها، ويمكن أن تتسبب الخثرة المتنقلة في العديد من الأعراض.
وتشمل هذه الأعراض الخثار الوريدي العميق، والذي يتكون داخل الأوردة الكبيرة في العادة كاليد أو القدم، ويتسبب في إغلاق مسار الدم جزئياً أو كلياً.
ويعاني المصاب بهذه الحالة الألم والتورم والاحمرار، ومن الممكن أن تنتقل الخثرات للرئتين، وبالتالي تسد مجرى الشريان المغذي للرئة، وهو ما يعرف بالانصمام الرئوي، وتعد هذه الحالة مهددة للحياة.


السكتة الدماغية


وتعد من أعراض متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية؛ الإجهاض المتكرر أو الوضع المبكر، وارتفاع ضغط الدم بصورة خطرة، مقدمات الارتعاج.
ويمكن أن يتعرض المصاب بهذه المتلازمة للإصابة بالسكتة الدماغية؛ حيث تسد الخثرة الدموية مجرى الدم في جزء من الدماغ، وبالتالي تقطع إمدادات الأكسجين والجلوكوز، مؤدية إلى تدمير خلايا الدماغ.
وتحدث في بعض الأحيان نوبة إقفارية عابرة كالسكتة الدماغية، إلا أنها لا تستمر سوى لبضع دقائق، ولا تحدث أي أضرار دائمة.


صداع نصفي


تشمل أعراض متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية أيضاً معاناة المصاب من حالات صداع مزمنة، كالصداع النصفي، وحالات من الخرف والتشنجات، والتي ترجع إلى أن الجلطة الدموية سدت تدفق الدم لأجزاء من الدماغ.
ويظهر على بعض المصابين طفح جلدي بلون بنفسجي، يعرف بالتزرق الشبكي، ويكون على شكل خطوط متدلية ومتداخلة كالشبكة، تشبه رباط الأحذية، ويظهر في الركبة والرسغ.
ويمكن أن تؤدي الإصابة بهذه المتلازمة إلى حدوث أضرار بصمامات القلب، وبحسب الإحصاءات فإن 30% من المصابين يعانون هذه الأضرار.
وتزداد كتلة الصمام الميترالي في كثير من الحالات، ويتسبب في تسرب الدم منه في الذهاب والعودة بين حجرات القلب، ومن الممكن أن يعاني بعض المصابين مشاكل في الصمام الأورطي.
ويعاني بعض المصابين هبوط مستوى الصفائح الدموية، وهو ما يؤدي لإصابتهم بالنزيف، وبالتحديد من اللثة والأنف، وربما عانى البعض نزيفاً داخل الجلد، والذي يظهر على شكل لصائق من البقع الصغيرة حمراء اللون.


فشل كلوي


تتسبب متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية بعدد من المضاعفات، والتي تختلف بحسب العضو الذي تأثر بالجلطة الدموية، ومدى شدة انسداد الدم للعضو، وفي حالة عدم علاج المتلازمة؛ فمن الممكن أن يصاب العضو بالتلف الدائم.
وتشمل المضاعفات الإصابة بالفشل الكلوي، والذي من الممكن أن يحدث بسبب قلة تدفق الدم للكليتين، كما يمكن أن يصاب المريض بالسكتة الدماغية؛ لأن الدم المتدفق لجزء من المخ قل بشكل كبير.


مشاكل الرئة


يمكن أن تسبب المضاعفات مشاكل في القلب والأوعية؛ حيث تتلف الجلطة الدموية صمامات الأوردة داخل الساق، وهي التي تجعل الدم يتدفق للقلب، وربما تسبب ذلك في تورم وتغير لون جلد الساقين بشكل مزمن، ومن المضاعفات المحتملة تلف القلب. وتعد مشاكل الرئة من هذه المضاعفات؛ حيث يرتفع ضغط الدم في الرئتين مسبباً الانسداد الرئوي، ومن المضاعفات أيضاً مشاكل الحمل كالإجهاض والولادة المبكرة، وولادة أجنة ميتة، ونمو الجنين البطيء، وارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.
ويحدث في بعض الحالات القليلة للغاية جلطات متكررة في وقت قصير، والتي تسبب تلفاً تدريجياً في عدة أجهزة.


مرتان على الأقل


يمكن أن يحدد الطبيب مواعيد لفحص الدم؛ وذلك في الحالات التي تعاني جلطات دم أو إجهاضاً متكرراً، من غير وجود حالة مرضية واضحة.
ويبحث من خلال هذه الفحوصات عن الأجسام المضادة للفوسفوليبدات، ويجب أن تظهر الأجسام المضادة مرتين على الأقل، وفي فحصين بينهما مدة لا تقل عن 12 أسبوعاً.
ويكون لدى بعض الأشخاص أجسام مضادة للفوسفوليبدات، إلا أن الأعراض لا تظهر عليهم مطلقاً، ومتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية تشخص فقط في الحالات التي تسبب الأجسام المضادة لها الأعراض السابق ذكرها.
ويسأل الطبيب عن التاريخ المرضي؛ وذلك بهدف تحديد هل الأعراض التي يشكو منها المصاب سببها هذه المتلازمة أم لا؟


منع التخثر


يصف الطبيب عدداً من الأدوية التي تمنع تخثر الدم؛ وذلك كعلاج لمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد، يتضمن في الحالات التي تتكون لديها جلطات دموية، ويكون هذا العلاج مدى الحياة.
ويشمل هذا العلاج خلطة من الأدوية كالأسبرين مع الورفاين أو كومادين، ومن الممكن أن يكون الهيبارين.
ويمكن أن تزاد الجرعة في حال لم يعمل الورفاين، أو أن يضاف الهيبارين، وربما تسبب المميعات في بعض الأحيان في نزيف داخلي أو خارجي شديد.
ويراقب الطبيب بسبب ذلك الجرعة الموصوفة للمريض، من خلال اختبارات الدم؛ للتأكد أن الدم قادر على التجلط بدرجة كافية؛ لإيقاف نزيف الجروح أو النزيف تجت الجلد بسبب الكدمة.


تشوهات الجنين


تحتاج المرأة المصابة بمتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية إلى الخضوع للعلاج من بداية الحمل وحتى بعد الوضع، ويشمل العلاج عادة الأسبرين والهيبارين.
ويعتمد ذلك على خثرات سابقة لمضاعفات الحمل، ولا يستخدم الورفارين أثناء الحمل؛ لأنه يسبب تشوهات خلقية.
ويقطع علاج الهيبارين في الحالات التي لا تعاني أي مشاكل ووصلت للثلث الأخير من الحمل، ويتواصل استخدام الأسبرين لنهاية الحمل.
ويجب أن تستمر المريضة في الخضوع لفحوصات الدم الدورية؛ من أجل التأكد من مقدرة الدم على التجلط عند حدوث النزيف؛ وذلك لو تعرضت لكدمة أو جرحت نفسها.


إجراءات احترازية


يجب أن يحرص المصاب بمتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية على توخي الحذر؛ من أجل تقليل خطر الإصابة بجلطة دموية.
وتشمل هذه الاحتياطات: الإقلاع عن التدخين والمحافظة على وزن صحي، ومن المهم اتباع نظام غذائي يعتمد على الفاكهة والخضراوات والقليل من الدهون والسكر، وممارسة نشاط رياضي.
وينبغي الاقتصاد في تناول بعض الأطعمة في اليوم الواحد، كالسبانخ والخيار واللفت الأخضر والكرنب، مع تجنب البقدونس والأعشاب البحرية والشاي الأخضر.
يحتاج المرضى الذين يستخدمون الورفارين إلى المحافظة على دخل متوازن من فيتامين «كي»، ويجب عليهم عدم تغيير نمط غذائهم، أو تناول أي مكملات غذائية ما لم يستشيروا بها طبيبهم الخاص.
ويجب على المصاب بمتلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية أن يتجنب أي احتكاكات بدنية، ربما سببت له كدمات أو إصابات، أو أدت إلى السقوط.
وينصح باستخدام ماكينة حلاقة كهربائية، وفرشاة أسنان ناعمة، مع الحذر عند استخدام أي أدوات حادة كالسكاكين والمقصات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"