وصفة خاطئة

02:51 صباحا
قراءة دقيقتين

أبوظبي: آية الديب

أراد والده توريثه مهنته، والدخول في المجال نفسه الذي التحق به منذ سنوات طويلة، وتميز وترك بصمات واضحة فيه، فهو يعمل طبيباً استشارياً ومرضاه كثيرون ويقطعون مسافات طويلة لاستشارته ورؤيته، ومنذ أن كان يدرس في الثانوية العامة كان والده يحلم بالتحاقه بكلية الطب، بصرف النظر عن مدى قدرته على النجاح فيها.
كانت ميول (ط.م) تقوده إلى الالتحاق بمجال آخر، وكان يرغب في اختيار الكلية التي تتناسب مع أحلامه وقدراته التي لا يعرفها أحد سواه، إلا أن والده كان يصر على التحاقه بكلية الطب، وبعد أن ظهرت نتيجة الثانوية العامة وحصل على المجموع الذي يمكنه من الالتحاق بكلية الطب، بدأ الصراع بينهما على تحديد المصير.
والده كان يرى أنه الأكثر خبرة والأقدر على تحديد مستقبل أبنائه ومصير كل واحد منهم، ولم يكن يدرك أن التحاق ابنه بمجال لا يحبه سيؤثر أيضاً في مصير آخرين، وبمرور الوقت رضخ لرغبات والده والتحق بكلية الطب إلا أنه بالتزامن مع ذلك دخل في سلسلة من الصراعات النفسية أدت به إلى ضغوط عديدة.
تم تخرج (ط.م) فافتتح له والده عيادة لتكون خاصة به، وكان يباشر مرضاه ويصف لهم الأدوية المختلفة، لكنه كان يفتقد حبه لعمله فقد كان يؤديه إرضاء لوالده وتأدية لواجبه لا أكثر، وذات يوم وخلال وجوده في عيادته اتصلت مريضة بالعيادة طالبة إسعافات طبية، فقرر إرسال ممرضة للمريضة على أن يتابع حالتها هاتفياً، وحينما وصلت الممرضة إلى المريضة أبلغته بأن حالة المريضة صعبة وأنها تعاني احتقاناً تنفسياً، فوصف لها 3 أدوية عن طريق الهاتف، ولم يكن يخشى نتيجة ذلك، حيث اعتاد وصف العلاج بهذه الطريقة، وبأمر منه حقنت الممرضة المريضة بأحد الأدوية لإزالة الاحتقان التنفسي، إضافة إلى دواء ثان وثالث كانت الممرضة قد أعطته بأمر من الطبيب (ط.م) لمريض آخر حسب تعليماته وتحسنت حالة هذا المريض حينها، لكن بدلاً من أن تسعف الوصفة الطبية المريضة زادت حالتها سوءاً، حيث عانت صدمة بسبب رد فعل تحسسي ناتج عن أحد الأدوية التي وصفها الطبيب هاتفياً، وحينما لاحظ ذوو المريضة ذلك تم نقلها فوراً إلى أحد المستشفيات لكن أطباء المستشفى لم يتمكنوا من إنقاذ المريضة، وخلال دقائق فارقت الحياة.
بعد مرور أيام صدر قرار بغلق عيادة (ط.م) وسحب ترخيصها، فرفع الطبيب والممرضة دعوى قضائية طالبوا فيها بإلغاء هذا القرار وندب لجنة لبحث الشكوى المقدمة ضدهما بخصوص وفاة المريضة، وأكدوا أنهما غير مسؤولين عن وفاتها.
قضت محكمة أول درجة بعد أن ندبت لجنة المسؤولية الطبية بإلغاء قرار غلق العيادة وسحب الترخيص والاقتصار على منعه هو والممرضة من ممارسة المهنة لمدة سنة، فاستأنفت وزارة الصحة ووقاية المجتمع الحكم وقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم، فطعنت الوزارة على الحكم مشيرة إلى أنه اعتبر سحب ترخيصهما ممارسة مهنة الطب هي مجرد مخالفات طبية على الرغم من أن التقصير وعدم الالتزام بأصول مهنة الطب ثابت بتقرير لجنة المسؤولية الطبية، وأن وفاة المريضة جاءت لسوء حالتها نتيجة وصفة طبية خاطئة تضمنت دواء تحسست المريضة منه، وأيدت المحكمة الاتحادية العليا إدانة الطبيب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"