«كـورونـا» تُـدخـل 2020 قـفــــص التـشـاؤم

دعوات للتخلص من نبرة الحزن المبالغ فيها
03:14 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة: زكية كردي

قبل بداية عام 2020 انتشرت موجة من التشاؤم والتوقعات الساخرة بين الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت على شكل ملصقات تحمل تعليقات طريفة وساخرة، لكنها لم تتوقف مع مرور احتفالات العام الجديد، واستمرت بالظهور والتجدد بين فترة وأخرى، مرتبطة بالأحداث المتلاحقة التي شهدها العام.
موجة تشاؤم وكآبة عامة تجتاح صفحات مواقع التواصل، حتى أنها باتت مصدراً للإحباط والمزاج السيئ، حسب ميرفت أبوردن، ربة منزل، وتقول: تحولت صفحات «الفيس بوك» إلى موقع معتمد للنعي والإعلان عن الوفيات، هذا الأمر حصل بالتدريج، لكن الناس استساغته على ما يبدو وتفاقم الأمر، فلا يكتفي أحدهم بفتح صفحة عزاء لوفاة المقربين جداً، بل يمتد الأمر إلى المعارف والمقربين وجميع أفراد العائلة، ولهذا تجد إعلانات النعي تترصدك، وتحتل مساحة واسعة على صفحاته، حتى الأمر بات مثيراً للتشاؤم والتوتر مع انتشار فيروس كورونا.
ويشير أحمد جعفر، صاحب عمل حر، إلى أن نسبة المنشورات المتشائمة التي تحمل طاقة سلبية من حزن، وأسى، وتشاؤم، تزداد على حساب الجمال والإيجابية التي اعتدنا عليها في هذا المجتمع الافتراضي، والأسوأ انتشار الأمراض والمشاكل النفسية التي بدأنا نلاحظها في سلوك الكثيرين، وأسلوبهم المعدي في الكلام البذيء، الذي يعتبرونه حرية تعبير، وفي وجهة نظرهم الساخرة من كل شيء. ويضيف أن التنمر على سبيل المثال، هو أحد أشكال هذه المشاكل النفسية التي تجد ضالتها في هذه المواقع، فلا غرابة في أن يتنمروا على الأعوام، ليعلقوا فشلهم ومصائبهم عليها.
ومن أغرب المنشورات التي صادفتها زهور إبراهيم، ربة منزل، دعوة أحدهم أصدقاءه عبر حسابه للاحتفال برأس السنة للاستعجال بالتخلص منها، والانتقال إلى السنة الجديد منذ الآن، وتقول: هناك منشورات كثيرة تبدو مضحكة في شكلها لكنها محبطة في مضمونها، مثل اعتبار عام 2020 غير محسوب في حياتنا، أو البحث عن متطوع يذهب إلى الشهر القادم ليطلع على المصائب التي يحملها للعالم، ويعود ليخبرنا فنستعد، وهذا كله يعبر عن حالة من السخط وغياب الإيمان والتصالح مع الذات، ومع الحياة، وتضيف أن قمة الفشل أن نعلق أخطاءنا على الآخرين، فما بالك أن تكون الشماعة هي الأعوام التي نعيشها؟
من جهته، يرى إبراهيم حناوي، مدير تسويق في شركة أكسسوارات، أنه لا يمكن اعتبار الأحداث التي حصلت في هذا العام أحداثاً عادية، ولعل «كوفيد - 19» بات عنواناً بارزاً، ومفصلياً في تاريخ العالم كله، لهذا من الطبيعي أن تكون هناك ردود فعل عالمية تجاه التأثيرات المحزنة التي رافقته من تعطل الأعمال، وإغلاق الشركات، وخسارة الكثيرين لوظائفهم، أو لأحبتهم حتى، ويقول: دائماً ما توصم سنوات الكساد والكوارث بصفات سلبية تلتصق بها، وهذا ليس جديداً في حياة البشرية، فما بالكم مع هذه السنة التي أثبتت تفوقها على جميع السنوات سيئة السمعة؟
وتعتبر ياسمين محمد، ربة منزل، تفاعلنا مع الأحداث العالمية برؤيا ضيقة إنما يدل على الجهل بالدرجة الأولى، وتقول: يدعي كثيرون أن الأحداث قد أثرت في حياتهم بشكل مباشر، وأنا منهم، حيث فقد زوجي وظيفته مؤخراً بفعل الظروف الصعبة التي تمر بها الشركات، لكن هذا لم يجعلنا نعلق إحباطنا على السنة، أو على أحد، فهذه الأشياء تحدث في كل وقت، وعلينا أن نحتفظ بهدوئنا، وقدرتنا على التعامل معها بإيجابية لنتمكن من الحصول على فرص جديدة، وتضيف أن هذا يتعلق بالإيمان بالله، والرضا بقضائه، وقدره.


لا توجد علاقة


ليس هناك أية علاقة، أو ترابط بين أرقام السنوات وبين الظروف التي تحصل فيها، والدليل أن الأرقام تختلف بين تقويم وآخر، حسب ليندا حمادة، أخصائية ثقافية واجتماعية، وترى أن الأحداث التي صادفت عام 2020 كانت نتيجة تراكمات وتداعيات لاستهتار الإنسان بالتعامل مع البيئة منذ زمن بعيد، وقد نبّه الكثير من العلماء منذ سنوات طويلة بمخاطر استخفاف الإنسان بالطبيعة الأم، وتقول: علينا أن نفسر الأحداث التي تمر بنا وقوفاً على الحقائق، فالتعامل مع الأرض بهذا الاستهتار أدى إلى انتشار الكوارث الطبيعية، والحرائق التي انتشرت في مناطق عدة حول العالم هذا العام، وقد أثرت الثورة الصناعية في سير حياة البشرية جمعاء، فحولت البشر إلى آلات تركز على التنافسية، وتنسى طبيعتها الإنسانية، ولعل انتشار فيروس «كوفيد - 19» جعلنا نتوقف لنتأمل وضعنا كبشر من حيث المناعة، والاعتناء بالصحة، وجودة الغذاء، والحياة التي نعيشها في ظل هذا التنافس المحموم، إضافة إلى إضعاف الطبيعة ونقص الأوكسجين الذي نحتاجه للتعافي بسبب طبيعة حياتنا المعاصرة، كل هذا يجعلنا نقف مع أنفسنا، ونتساءل حول مدى معقولية الحياة التي نعيشها، ونتأمل في التغييرات التي علينا أن نحدثها على هذه الأرض، لا أن نتهم السنوات بما لا يد لها فيها، وتضيف أنه لا شأن للتاريخ بثورة الأرض على الإنسان كما تصفها الكاتبة الأمريكية من أصل لبناني «ايتيل عدنان».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"