عادي

عقبات كثيرة أمام تطوير لقاح «كورونا»

02:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
ديفيد سالسبري *

بينما يعلق العالم آماله على ابتكار لقاحات لمنع مرض فيروس كوفيد- 19، هنالك عقبات علمية وتنظيمية وتسويقية يجب التغلب عليها.

في 10 يناير 2020، نشر العلماء الصينيّون تسلسل جينوم كوفيد- 19 على الانترنت. وكان ذلك بمثابة علامة الانطلاق للعلماء في جميع أنحاء العالم لبدء تطوير لقاحات أو علاجات. ومع وجود ما لا يقل عن 80 لقاحاً مختلفاً قيْدَ التطوير، تعلّق العديد من الحكومات آمالها على إيجاد حلٍّ سريع. إلاّ أن هنالك العديد من العقبات التي لا بُدّ من التغلب عليها.

أولاً، يكون تطوير لقاح في العادة عملية طويلة للغاية لضمان أن تكون اللقاحات مأمونة وفعالة قبل استعمالها.

السلامة ليست أمراً مفروغاً منه: فقد تسبّبَ لقاح حديث لحمّى الضنك في اشتداد المرض لدى الأطفال الملقّحين به، عندما تعرّضوا في وقت لاحق للضنك. كما أن الفاعلية ليست أمراً مفروغاً منه.

واللقاحات المرشحة التي تستخدم تقنيات جديدة حيث تُحقن أجزاء دقيقة من الشفرة الوراثية للفيروسات في البشر بشكل مباشر، أو تُدمَج في لقاحٍ ما لديها احتمالات فشل أعلى وذلك ببساطة، لأنها لم تَعمل من قبل. وبالنسبة إلى بعض اللقاحات، نعرف مستويات المناعة بعد التلقيح، الذي يُحتمل أن يكون واقياً. ولكن الحال مع كوفيد- 19، ليست كذلك.

ولا بُدّ من إجراء تجارب سريرية لمعرفة الفاعلية. وهذا ليس اختيارياً - سيحتاج المنظمون إلى أن يعرفوا أن اختباراً شاملاً قد أجريَ قبل ترخيص أي لقاح. وحتى لو أجريت الاختبارات على الحيوانات بالتوازي مع الاختبارات المبكرة على البشر، فإن الباقي من العملية مايزال طويلاً. وسيتعيّن على المطوّرين، ولا سيّما شركات التكنولوجيا الحيوية الصغيرة، إقامة شراكات مع الشركات الكبيرة المصنِّعة للقاحات، من أجل طرح المنتجات في السوق. ويتمثل المضيق المُشين الذي لا بُدّ أن تجتازه عملية تطوير اللقاح، في الانتقال من إثبات القدرة على النجاح، إلى الاستثمار التجاري: حوالي 95% من اللقاحات تفشل في هذه الخطوة. وثمة مضيق آخر في نهاية عملية الإنتاج. فالعمليات النهائية من إنتاج اللقاح، تتضمن اختباراً مفصلاً للتحقق من أن اللقاح يفي بالمعايير الضرورية، وهنالك دوماً قيود على الوصول إلى التقنيات الضرورية لوضع اللمسات الأخيرة على المنتَج. والشركات الكبرى المصنّعة للقاحات هي وحدها التي تملك هذه التقنيات. وهنالك مقبرة للقاحات المرشحة الفاشلة، التي لم تتمكن من اجتياز عملية التطوير والتصنيع هذه.

وثمة اعتبار آخر هو النتائج العكسية أو غير المقصودة. فقد يُضطرّ علماء متخصصون لدرجة عالية، إلى إرجاء عملهم على لقاحات جديدة أخرى، للعمل على منتجات كوفيد- 19، وقد يلزم التخلي عن إنتاج منتجات قائمة، ممّا يؤدّي إلى احتمال حدوث نقص في لقاحات أساسية أخرى.

والتكلفة تحدٍّ آخر. فاللقاحات لأسواق الدول الصناعية، يمكن أن تكون مربحة للغاية لشركات الأدوية، ولكن العديد من البلدان، لديها حدٌّ أقصى لأسعار اللقاحات.

وقد تلعب الجغرافيا السياسية أيضاً دوراً. فهل يجب على الدول التي تصنّع لقاحاً أن تتقاسمه على نطاق واسع مع الدول الأخرى، أم تعطي الأولوية لسكانها أولاً؟.

وستكون هنالك حاجة إلى قيادة عالمية، واستجابة منسقة ومتماسكة لضمان توزيع اللقاح بشكل مُنصف.

وبينما قد يُطلب من الدول التي لا تقدر على دفع أسعار اللقاح، أسعار عالية تؤدي إلى إخراجها من الأسواق، فإن الحصول على اللقاح من قبل الفقراء، والضعفاء أو المُهمَّشين، سواء في الدول المتقدمة أو النامية، مثير للقلق. والدول النامية معرضة للخطر بوجه خاص بسبب آثار كوفيد- 19. والناس الذين يعيشون في دول متضررة من الصراع، وفي دول هشة - سواء كانوا لاجئين أو طالبي لجوء، أو مشردين داخلياً، أو لا جنسية لهم، أو في مرافق الاحتجاز- معرضون بوجه خاص لخطر آثار مدمرة.

وستواجه اقتصادات ناضجة أيضاً تحديات. فالحصول المُنصف على لقاح كوفيد- 19 سيكون أمراً صعباً، حيث تبرز التفاوتات والوصول غير المتساوي إلى الخدمات الأساسية، ضِمن بعض النظم السياسية.

وعلى الرغم من أننا جميعاً نصبو إلى توفير سريع للقاحات مأمونة، وفعالة ورخيصة الثمن، يتم إنتاجها بكميات كافية تلبي احتياجات الجميع، فإننا في واقع الأمر، نواجه عقبات كأْداء.

* زميل مشارك في برنامج الصحة العالمي.- موقع تشاتام هاوس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"