طريق إلى سودان جديد

23:00 مساء
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

تحركت عجلة السلام في السودان بشكل أكبر من السابق، وبات من المسلم به أن معظم الحركات والجماعات المسلحة بدأت بالاقتناع بأهمية تحقيق السلام على أرض شهدت خلال عقود عشرات الحروب، التي أدت إلى إلحاق خسائر بشرية كبيرة، وإبطاء عملية البناء والتنمية التي ظل السودان ينشدها طوال السنوات الماضية.

إذا كانت فرص السلام الداخلية تتعزز، فإنه يمكن القول إن السودان يسير في الاتجاه الصحيح، وإنه صار بإمكان أبنائه أن ينعموا بخيرات السلام، خاصة أن كل الأطراف الداخلية وصلت إلى قناعة من أن استمرار الصراع لن يقود البلاد إلا إلى مزيد من الكوارث والأزمات، وهو ما تجسد في أكثر من بؤرة حرب، نزف فيها السودان بشراً وإمكانات.

في جوبا، وعند التوقيع على اتفاق السلام، أيقن السودانيون أن مصيرهم بأيديهم، وأنه مهما فرقتهم الظروف وتجاذبتهم التجاذبات الإقليمية والدولية، فإن المصير الواحد هو الذي يجمعهم في نهاية المطاف، وأن مصلحة السودان تعلو على ما عداها، وأن الحرص على مستقبلهم وأطفالهم من بعدهم، يبدأ من هذه النقطة قبل غيرها.

لذلك لحقت العديد من المنظمات السياسية والحركات المسلحة بركب الموقعين على اتفاق السلام، في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، وبدأت الحياة تدب في مختلف أرجاء البلاد، مستفيدة من الدعم العربي والإقليمي للاتفاق الذي يضع حداً لحروب استنزفت الكثير من خيرات السودان.

لكن توقيع اتفاقات السلام لا يعني الركون إلى النوايا الظاهرة، فأمام السودانيين الكثير من العمل، لتحويل هذه الاتفاقات إلى واقع تلمسه كل الأقاليم والمدن، لأن التوقيع لا يعدو عن كونه حبراً على ورق، أما جوهره فيكمن في مضمونه الذي يعني إنهاء الاقتتال والصراع، ودفن الماضي بكل مآسيه، فهذا السبيل الوحيد، لتعبيد الطريق إلى مستقبل أكثر أماناً واستقراراً.

في المشهد القائم اليوم في السودان، تتجلى صور الوحدة أكثر من أي مشهد آخر، وإذا كان الاتفاق الأخير للسلام، قد وقع بقناعة من قبل كافة الأطراف المعنية بالأزمة، فإن الحفاظ عليه يكون بالقدر نفسه من الأهمية، ومن نفس القوى التي تحاربت فيما بينها، لتثبت أنها قادرة على مواجهة استحقاقات السلام.

في نهاية المطاف من المهم إدراك أن اتفاق السلام مثّل ويمثل نقلة في مسيرة أطراف الأزمة في البلاد، ويحمل علامة ذات مغزى تكمن في رغبة الجميع في بناء سودان جديد، يتعامل مع صفحات الماضي القاتمة بنوع من النسيان والتسامح، وإنشاء سلطة تقوم على المواطنة واحترام الآخر والمساواة بين الجميع، هنا يمكن القول إن الاتفاق حقق هدفه واختصر مسافة الزمن، ليصل إلى مبتغاه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"