عادي

سرطان الحنجرة.. تسلل بلا أعــراض خاصة

22:05 مساء
قراءة 7 دقائق
صحة وطب

تقع الحنجرة في الجزء العلوي من الأنبوب الداخلي للعنق، تأخذ شكل صندوق يتكون من الغضاريف، الأغشية، والأربطة، وهي عضو للتنفس وإصدار الصوت والسعال والبلع، وتمنع دخول الطعام والماء إلى القصبة الهوائية بإغلاق باب الحنجرة إثناء البلع وفتحه أثناء التنفس والكلام.

تنقسم الحنجرة إلى ثلاثة أقسام، منطقة الحبال الصوتية، فوق منطقة الحبال الصوتية متصلة بالبلعوم، تحت منطقة الحبال الصوتية متصلة بالقصبة الهوائية.

يصعب تحديد علامات سرطان الحنجرة في المراحل المبكرة؛ حيث تشبه ما يحدث عند الإصابة بالبرد أو التهاب الحلق، لكن في حالة استمرار الأعراض لأسبوعين أو أكثر يستلزم استشارة الطبيب، ومنها ورم في الرقبة، بحة وتغير في الصوت، سعال مستمر على الرغم من العلاج، ألم بالأذن، الشعور بالاختناق، رائحة كريهة من الفم، فقدان وزن مفاجئ من دون أسباب معلومة.

يطلق سرطان الحنجرة على مجموعة من سرطانات الرأس والرقبة التي تنتشر في أجزاء مختلفة من الحلق، وتعتمد أعراضه ونوعه على مكان بداية المرض والخلايا السرطانية المسببة له، ومعظم هذه الأنواع من سرطان الخلايا الحرشفية، تبدأ في الخلايا الرقيقة المسطحة التي تبطن الحنجرة.

تختلف أعراض السرطان في كل منطقة عن الأخرى، فسرطان الحنجرة قد يصيب البلعوم الفموي والبلعوم الأنفي والبلعوم السفلي والحنجرة، ولذلك تم تقسيم أعراض مرض السرطان الذي يصيب الحنجرة على حسب مكان الإصابة، فسرطان البلعوم تظهر أعراضه في التهاب الحلق من خشونة الصوت، انتفاخ الرقبة، مشكلة في البلع، وظهور بقع حمراء أو بيضاء في الحلق.

يظهر ورم واضح في الرقبة مع سرطان البلعوم السفلي، ويكون التهاب الحلق مصحوباً بألم يمتد إلى الأذن، ومشاكل في البلع، وتغير في الصوت، بينما أعراض سرطان الحنجرة تكون نتوء في الرقبة، ألم في الأذن، صوت أجش أو سعال شديد، وأيضاً مشكلة في البلع، وتشتد أعراض سرطان البلعوم الأنفي فعلى الرغم من تشابهها مع أعراض السرطانات الأخرى، فإنه يزيد عليها ضعف في السمع في أذن واحدة مع صوت الطنين، وخروج دم من الأنف، خدر أسفل الوجه، وصداع مزمن.

التشخيص والعلاج

يفحص الطبيب الحنجرة بالمنظار، ويركز على الأحبال الصوتية ويفحصها من خلال تصوير فيديو يبث من المناظير، وإذا شاهد شيئاً غريباً أو مثيراً للشك، يسحب عينة لفحصها؛ حيث يتم إزالة الأنسجة أو الخلايا من الحنجرة وبعدها ترسل للمعمل للاختبارات اللاحقة، والفحوص والأشعة ليست مستخدمة بكثرة في التشخيص، لكنها مفيدة في تحديد مراحل الورم وهل انتشر في أجزاء أخرى من الجسم أم لا.

يقوم الطبيب بإجراء اختبارات إضافية في حالة التأكد من وجود سرطان بالحنجرة لتحديد مدى انتشاره، وتشمل هذه الاختبارات خزعة من النسيج الليمفاوي أو اختبارات تصويرية أكثر عمقاً، ليحدد في النهاية مرحلة الورم الخبيث ونسبته.

يجري الطبيب مجموعة متنوعة من الاختبارات، حتى يختار صور أفضل للصدر والعنق والرأس وصور توضح تطور المرض، وتشمل هذه الاختبارات الأشعة السينية للصدر في حال الاشتباه في انتشار السرطان إلى الرئتين، والتصوير المقطعي بأشعة إكس يستخدم لإنتاج صور من الأنسجة والأعضاء الناعمة في الجسم، ويساعد هذا الفحص الطبيب على تحديد حجم الورم، وإذا كان انتشر إلى مناطق مختلفة مثل الغدد الليمفاوية والرئتين.

يستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي لإنشاء صور مفصلة من داخل الرقبة للبحث عن الأورام، وتحديد ما إذا كان السرطان انتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، وعندما يحتاج الطبيب إلى صور الأشعة السينية للحلق والمريء يقترح ابتلاع الباريوم في حالة الصعوبة في البلع؛ حيث يشرب المريض سائلاً سميكاً لتغطية الحلق والمريء.

يعد العلاج الإشعاعي والجراحي والكيميائي من الطرق الرئيسية لمعالجة سرطان الحنجرة، وفي حالة التشخيص المبكر للمرض يقود العلاج الإشعاعي والآخر الجراحي لإزالة الخلايا السرطانية والشفاء من سرطان الحنجرة في أغلب الحالات؛ حيث تنجح الإشعاعات عالية الطاقة من الأشعة السينية أو أنواع أخرى من الإشعاعات في قتل الخلايا السرطانية أو منع نموها، وتقوم الجراحة بإزالة السرطان وهو علاج شائع في كل مراحل سرطان الحنجرة، بينما المعالجة الكيمياوية تكون باستخدام أدوية لإيقاف نمو الخلايا السرطانية عبر القضاء عليها أو إيقاف انقسامها.

مراحل الجراحة

يعتمد مكان العملية الجراحية على موقع الورم من الحنجرة، وتتم الجراحة على مرحلتين، استئصال السرطان، وتنظيف العنق من العقد الليمفاوية التي تتأثر بوجوده، ومن أساليب إزالة الورم استئصال الحنجرة الجزئي، ويتم عندما لا يكون المرض منتشراً، ويطبق باستئصال الأحبال الصوتية فقط، أو استئصال ما فوق المزمار؛ حيث تتم المحافظة على الأحبال الصوتية.

يكون الكلام ممكناً في حالة استئصال الحنجرة النصفي، لأنه يبقي على أحد الأحبال الصوتية، وتوضع بعد ذلك مفاغرة «فتحة في العنق» مؤقتة للحنجرة؛ حيث تصل بالعنق من الخارج، لتسمح للمريض بالتنفس على الرغم من الورم الذي يحدث بعد العملية، ويوضع أنبوب فيها ثم يستبدل بأصغر منه حتى يزال وتلتئم المفاغرة بعد ذلك من تلقاء نفسها.

المرحلة الثانية من الجراحة بالاستئصال الكلي للحنجرة، وبذلك يفقد الاتصال بين الحلق والرئتين، فيحتاج المريض إلى «مفاغرة للرغامى»؛ حيث تصل الرغامى بالعنق من الخارج، وبهذه الطريقة يستمر المريض بالتنفس، لكن من دون ترطيب وتدفئة الهواء المستنشق، فيتسبب ببلغم غليظ وجاف يحتاج إلى «اشتف» في بعض الأحيان.

يضطر الجراح بعد العملية، لأن يضع أنبوباً للتغذية ليصل ما بين الأنف والمعدة ليسهل له البلع، وتتم إزالته بعد تماثله للشفاء، وفي حال الحاجة إلى أنبوب التغذية لمدة أطول يعود غالبية المرضى ببطء إلى تناول الأغذية الصلبة، وقد يضطر بعضهم لأنبوب التغذية مدى الحياة، وتنظيف العنق من العقد اللمفاوية من كل الجهات، ينتج عنه ضعف في عضلات الكتف، أو يسبب إصابة أحد الأعصاب.

إزالة كامل الحنجرة بالجراحة لا تبقي للمريض القدرة على الكلام والتنفس بالطريقة المألوفة، ويكون التنفس عن طريق فتحة دائمة في عنقه، ويكون في حاجة إلى علاج إضافي لمساعدته على استعادة نبرة صوته، ويتحقق ذلك بتثبيت جهاز كهربائي عند الحلق لإصدار الصوت.

على الرغم من الجراحة، فإن السرطان يعاود الكرة من جديد سواء في الحنجرة أو الحلق أو أي مكان آخر، وخصوصاً مع التدخين، وكذلك فإن بعض الخلايا السرطانية تقاوم العلاج أو تنتشر وتكون ورماً سرطانياً من جديد.

مضاعفات المرض

يستغرق الشفاء من جراحة سرطان الحنجرة وقتاً طويلاً يختلف من شخص لآخر، مع شعور بالإرهاق والضعف العام لفترة، وتؤثر الجراحة في قدرة المريض على البلع، المضغ، ويحتاج إلى إجراء جراحة تجميلية، واستخدام أنبوب تغذية مؤقت، وجود فتحة للرقبة دائمة للتنفس.

يشعر المريض بعد استئصال الحنجرة بخدر في الرقبة والحلق. وإذا تم استئصال العقد الليمفاوية في العنق يؤدي ذلك إلى ضعف وتيبس في الرقبة والكتف، ويحتقن الحلق من مضاعفات العلاج بالإشعاع، إلى جانب الصعوبة في البلع، احمرار وجفاف الجلد في منطقة العنق، تغير في الصوت، فقدان الوزن مع الشعور بالبرد والإرهاق والهزال، وتؤثر هذه المضاعفات في الغدة الدرقية ووظائفها.

تظهر مضاعفات العلاج الكيماوي في ضعف المناعة، القيء، الغثيان، الإسهال، فقدان الشهية، سقوط الشعر، الخدر والوخز في اليدين والقدمين، تقرحات في الفم والشفتين، تغير في مذاق الفم، وزيادة احتمال حدوث العدوى، ومع العلاج يحدث طفح جلدي، وحمى وقيء وإسهال، وصداع.

تداعيات جانبية

يحدث التهاب حاد في الأوتار الصوتية بسبب إصابة الحنجرة بفيروس، يؤدي إلى تضخم الحنجرة وضعف الصوت، ما يؤدي إلى فقد الصوت أحياناً، ويعالج بالأدوية أو بعض السوائل، لكن عند الإصابة بكتل في الأوتار الصوتية يحتاج الطبيب إلى إزالتها بالمنظار، لأن العلاج التحفظي غير فعال، وتتم العملية بالتخدير الكلي.

يصيب الأطفال أكثر من الكبار مرض ثواليل الأوتار الصوتية ويسبب صعوبة في التنفس، ويعالج بالليزر، لكن إجراء العملية على مراحل لإزالة كل الثواليل، كما يستخدم المنظار في علاج بعض أنواع الأورام في الحنجرة، ويقوم الطبيب بتغطية وجه المريض بأكمله بقطع من الشاش أو القطن المبلل ويترك فقط الجزء المصاب، ثم يسلط أشعة الليزر على الورم المراد إزالته، ويعمل الليزر على تبخير الجزء المتورم، وتعد هذه العملية بدون أخطار أو مضاعفات وتعتمد فقط على مهارة الطبيب، ويقلل الليزر من النزيف بعد العملية، كما أنه يحافظ على الصوت؛ حيث الجراحة تكون دقيقة، والشق الجراحي صغير، ويقلل الليزر من فرص الإصابة بعدوى بعد الجراحة.

إصابات متنوعة

يحدث التهاب الحنجرة عندما تلتهب الحبال الصوتية من الإفراط في الاستخدام أو التهيج أو العدوى، ويكون الالتهاب حاداً قصير الأجل مدته أقل من ثلاثة أسابيع، والمزمن طويل الأجل؛ حيث يتعدى ثلاثة أسابيع.

يرى الأطباء أن التهاب الحنجرة الحاد، حالة مؤقتة بسبب الإفراط في استخدام الأحبال الصوتية، ويمكن أن يحدث أيضاً بسبب عدوى فيروسية، والالتهابات البكتيرية، أو إجهاد الأحبال الصوتية بسبب شدة الانفعال في الحديث والصريخ.

ينتج التهاب الحنجرة المزمن بسبب التعرض للمهيجات لفترة طويلة، وعادة ما يكون أكثر شدة، وآثاره أطول من الحاد، ويحدث بسبب التهابات الجيوب المتكررة، وارتجاع المريء، والمواد المسببة للحساسية، والتعرض للمواد الكيميائية، والتدخين.

طفرات جينية

يبدأ سرطان الحلق في الخلايا المسطحة التي تغطيه، وهو أنبوب عضلي يبدأ من مؤخرة الأنف وينتهي في العنق، وتقع الحنجرة أسفله تماماً وهي سريعة التأثر بسرطان الحلق، الذي يصيب جزءاً من الغضروف «لسان المزمار» الذي يعمل كغطاء للقصبة الهوائية، ويصيب اللوزتين بالالتهاب، وهو شكل آخر من سرطان الحلق، وتقعان في الجزء الخلفي منه.

يحدث هذا النوع عندما تتطور الخلايا إلى طفرات جينية، وتتسبب الطفرات بنمو لا يمكن التحكم فيها، وتشكل الخلايا المتراكمة ورماً في الحلق، ولم يعرف سبب لهذه الطفرات التي تسبب السرطان.

يزيد من خطر الإصابة، التدخين، المشروبات الكحولية، وفيروس الورم الحليمي البشري، والارتداد المعوي المريئي، ونظام غذائي خالٍ من الفاكهة والخضراوات، وبالتالي تجنب هذه الأشياء يحمي من هذا النوع من السرطان، فعلى سبيل المثال اختيار نظام غذائي صحي غني بمجموعة متنوعة من الفاكهة والخضراوات الملونة يحمي من سرطان الحلق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"