معركة العراق

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

حين تحضر الدولة تغيب الميليشيات.. هكذا يمكن فهم الرغبة لدى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في المعركة التي يخوضها من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة التي أضرها التداخل الكبير بين مسؤوليات هذه المؤسسات وممارسات القوى الخارجة عنها، خاصة تلك التي تشكلت في غفلة من الزمن، وتحولت إلى عائق كبير في طريق إعادة بناء الدولة العراقية خلال السنوات التي أعقبت خروج الاحتلال الأمريكي قبل ما يقرب من عشر سنوات.

 يقود الكاظمي خطاً يعود فيه العراق إلى محيطه الطبيعي وتأثيره الذي كان عليه قبل أن يدخل في دوامة من الأزمات، خاصة بعد احتلال نظام الرئيس الأسبق صدام حسين دولة الكويت في الثاني من أغسطس/ آب من عام 1990، وما تلاه من تداعيات أدت إلى فرض عقوبات دولية على الشعب العراقي، الذي عانى الكثير من جرائها. كلها أحداث أفضت في نهاية المطاف إلى إسقاط النظام واحتلال البلاد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003، الأمر الذي زاد من معاناة الشعب وأدخله في أتون مواجهات داخلية، أسفرت عن فقدانه الكثير من ثرواته، بل إنه تحول إلى بلد يطلب مساعدات وقروضاً لإنجاز خطط إعادة بنائه.

 وقبل أن يستفيق من أزمات التسعينات وتوابعها، بما في ذلك الاحتلال الأجنبي، دخل في حرب طويلة مع تنظيم «داعش»، الذي استنزف الكثير من إمكانياته، التي كانت كفيلة بإعادة إصلاح الخراب الذي حصل خلال العقود الماضية.

 وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي تحقق ضد «داعش»، إلا أن المؤسسات السياسية قبل قدوم الكاظمي إلى رئاسة الحكومة، كانت قد قطعت شوطاً كبيراً في تكريس مظاهر الفساد السياسي بشكل كبير، ما دفع بملايين العراقيين للخروج إلى الشوارع احتجاجاً على مظاهر الفساد الذي استشرى بشكل كبير خلال السنوات الماضية، إلا أن الطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن مع المتظاهرين صبت الزيت على نار الأزمة بشكل أكبر، ما أدى في نهاية المطاف إلى سقوط ما يزيد على 600 قتيل و30 ألف جريح.

 وفي خضم هذه الفوضى، برز دور القوى المناهضة لبناء الدولة العراقية ومؤسساتها السياسية والعسكرية، بظهور قوى مسلحة أرادت أن تحل محل مؤسسات الجيش والأمن عبر تشكيلات غير نظامية، الأمر الذي دفع بالعراقيين إلى نبذها، خاصة بعد أن حاولت ضرب مسار التظاهرات المنددة بالفساد، وقد أشار إليها مصطفى الكاظمي عندما قال إن «جماعات منفلتة وعصابات أرادت حرف التظاهرات عن مسارها السلمي، والمتظاهرون رفضوا ذلك».

 لذلك تبدو مهمة الكاظمي محفوفة بالمخاطر لكنها ضرورية لتمكين العراق من العودة إلى دولة المؤسسات بدلاً من الميليشيات المسلحة الخارجة عن النظام والقانون.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"