..وأمريكا تتغير أيضاً

22:53 مساء
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

بقطع النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تنتهي آخر فصولها الدرامية، اليوم الثلاثاء، فإن من الثابت أن الولايات المتحدة لن تكون بعد اليوم، كما كانت قبلها، سواء استمر الرئيس الحالي دونالد ترامب، أربع سنوات إضافية سيداً للبيت الأبيض، أو جاء خصمه جوزيف بايدن للسكن فيه، ذلك أن الحملتين الانتخابيتين اللتين رافقتا مسيرتيهما، أحدثتا انقساماً حاداً في أوساط الأمريكيين لم يلمسه العالم من قبل، خاصة في العصر الحديث.

 لقد عاصر الكثيرون في العقود الأخيرة انتخابات على أعلى مستوى من المنافسة، والنديّة، لكنها المرة الأولى التي يبلغ فيها الاحتقان السياسي والشعبي هذه الدرجة من الحديّة، حيث تستقطب صناديق الاقتراع مئات الملايين من الناخبين، وهو رقم قياسي، خاصة إذا ما أدركنا أن ما يقرب من 100 مليون صوتوا مبكراً، حيث يمثل ذلك نحو 65% من إجمالي المشاركين في انتخابات عام 2016، وهو ما لم يحصل في تاريخ البلاد منذ عقود.

عوامل عدة أضفت على هذه الانتخابات أهمية استثنائية، من بينها طريقة تعاطي الإدارة الحالية مع الأزمات الداخلية، والخارجية، خاصة العنف في بعض الولايات، والعنصرية التي بدأت بالتفشي بشكل أكبر، إضافة إلى المستجد في أزمة «كورونا» الذي أطاح أحلام الرئيس الأمريكي بتحقيق طفرة كبيرة في الاقتصاد، وهو ما كان قائماً إلى ما قبل ظهور الوباء، غير أن شخصية ترامب المثيرة للجدل، والمستفزة للخصوم، ربما تكون واحدة من أكبر أسباب الاحتقان في الانتخابات الحالية.

 صحيح أن للناخب الأمريكي أولويات تتمثل في: الاقتصاد، والعدالة الاجتماعية، والرعاية الصحية، والتخلص من وباء «كورونا»، إلا أن الانقسام في الرؤية حول مستقبل الولايات المتحدة مع ترامب، أو مع بايدن، بدأ يأخذ مسارات أكثر حدة، لدرجة أن بعض الكتاب حذروا من أن تكون الانتخابات الحالية مدعاة لاندلاع حرب أهلية، كما يرى في ذلك الكاتب والصحفي المعروف توماس فريدمان، الذي يقول إنه من المحتمل أن تتجه البلاد نحو حرب أهلية، في حال رفض ترامب تسليم السلطة، إن خسر الانتخابات، فيما يشير المؤرخ إد واتس، إلى أنه يرى قواسم مقلقة بين وضع الولايات المتحدة حالياً، والدولة الرومانية عندما بدأت بالتداعي.

 ويمكن تلخيص ما ينتظر العالم من جراء نتائج الانتخابات الأمريكية في ما ورد على لسان دبلوماسي أوروبي، عندما قال: «حبسنا أنفسنا لمدة 4 سنوات.. 8 سنوات ستكون طويلة جداً»، في إشارة إلى احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، لكن حتى في حال فوز بايدن، فإن أمريكا لن تعود كما يحلم بها الأوروبيون، ولا حتى بقية شعوب العالم، لأن من الواضح أن ترامب ليس من غيّر أمريكا، بل أمريكا من غيّرت جلدها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"