حصن فلج المعلا واحة خضراء تحكي تاريخ الأ جداد

يحتوي على بيت الحاكم ومسجد و5 أ براج
12:49 مساء
قراءة 5 دقائق

يقع حصن فلج المعلا بأم القيوين في واحة الفلج، التي كانت من اروع الأماكن للاستجمام صيفاً، عند اهالي الامارات، لتميزها بزراعة النخيل والخضروات والليمون والمانجو، ويتكون من بناء مربع الشكل ذي برجين، أحدهما في الجهة الشمالية الشرقية، والآخر في الجهة الجنوبية الغربية، وبداخله مجلس كبير للحاكم، ومربعة، وتطل ردهاته على فناء داخلي، وبه العديد من ابراج المراقبة. وشيد هذا الحصن بالحجارة البحرية والجص، واستخدم خشب الجندل وسعف النخيل والدعون في تسقيفه، أما الأبواب والنوافذ، فصنعت من خشب الساج.

يرجع تاريخ الحصن الى عهد الشيخ عبدالله بن راشد الأول عام 1800 ميلادية، وتكمن اهميته في حماية الجهة الشمالية والبرية من امارة أم القيوين.

وألحق به مسجد فلج المعلا، الذي يقع في منطقة الفلج المعروفة بالواحة الخضراء، وتبعد عن أم القيوين بحوالي 50 كيلومتراً، وسمي مسجد الحصن، لكنه اشتهر بمسجد المعلا نسبة الى آل المعلا حكام أم القيوين، وكما ان الحصن يمثل خط الدفاع والأمن، فإن هذا المسجد يمثل المشهد الديني، وركناً من اركان ممارسة الشعائر الدينية العامة للمسلمين، وهو ما يفسر وجوده بجانب الحصن، وبناه مع الحصن الشيخ عبدالله بن راشد المعلا الذي حكم من عام 1800 حتى عام 1853 ميلادية، وهو الذي وقع معاهدة الصلح مع الانجليز عام 1820 ميلادية، وكان هدفه من بناء الحصون والقلاع في أم القيوين، ومنطقة فلج المعلا حماية الامارة من الغزوات المرتدة، والحدود الشمالية، حيث نلاحظ وجود الابراج على طول الجهة المقابلة للحصن والمسجد، وكذلك حماية آبار المياه، التي كانت تكثر في الفلج.

وأكد الشيخ خالد بن حميد المعلا، مدير عام دائرة الآثار والتراث بأم القيوين، أنه عند معاينة مسجد الحصين لوحظ أنه بني على مرحلتين، على شكل طراز معماري خليجي، منسجماً مع عناصر البيئة المحيطة، موضحاً أنه مستطيل الشكل متوسط المحراب، عبارة عن تجويف للداخل واضاف ان المعاينة التي قامت بها دائرة الآثار والتراث، اثبتت أنه خال من المآذن، ومنبسط الشكل مما يؤكد ان الامام كان يؤذن في الناس بصوت عال، وله بابان، الأول من جهة الشمال وهو خارج الحصن، وكان للدخول في اوقات الصلاة، في حين ان الباب الثاني في جهة الجنوب يفتح على الفناء الداخلي حيث كان دخول الشيوخ وحرسهم، موضحاً ان المسجد وجد به شبابيك، وملاقف هوائية مهمتها دخول وخروج الهواء، وتحتوي الجدران على التجاويف المربعة القريبة من الأرض، لوضع المصاحف عليها، وسراج للإنارة ليلاً، وان سقفه مرصوص بخشب الجندل والدعون، الذي مازال يناطح الزمن بقوته.

وقال مدير عام دائرة الآثار والتراث إن معاينة المسجد اظهرت وجود تجاوزات كثيرة على المبنى الذي تضرر بفعل عوامل الرطوبة، والعوامل البيئية الأخرى، لافتاً الى ان الترميم الذي اجري له، لم يكن بصورة علمية صحيحة، ولكنه كان خاطئاً لعدم استخدام المواد الأولية التي بني بها، وكذلك ردم الميضاء، وكثير من العناصر المعمارية الأخرى، حيث اضيفت طبقات من الاسمنت ومواد اخرى لسطح بيت الصلاة، مما دفع خشب الجندل للتقوس بسبب الثقل الذي وضع عليه، إلا أن التحري والكشف وجمع الرواية الشفهية من أهالي المنطقة، جعلت دائرة الآثار والتراث تضع خطة علمية لترميم المسجد بخطوات مفردة، وبصورة ميدانية، هدفها إعادة وتأهيل مسجد الحصن بأسلوب علمي صحيح.

وأكد ان المسجد يتكون من بيت الصلاة، والمحراب، وسلم يقع أمام البوابة الشرقية، لكنه يخلو من المئذنة أو مرتفع يقف عليه المؤذن للأذان، ولكنه من المؤكد ان وقت ارتفاع الأذان كان المؤذن يؤديه من فوق السطح، كما ان له مدخلين الأول في نهاية ضلعه الشمالي والجنوبي.

واشارت علياء الغفلي، مديرة متحف أم القيوين، الى أن ابراج الفلج يبلغ عددها 5 أبراج، تمتد على طول الخط البري لمدينة فلج المعلا، على نفس المستوى والارتفاع، حيث إنها بنيت في عهد الشيخ عبدالله بن راشد الأول، في الفترة نفسها التي بني فيها الحصن تقريباً، موضحة انها بنيت من الحجارة الطينية، والطين المخلوط بالتبن وبعض المواد الأولية الأخرى، بهدف تقوية البناء، لأنه يستخدم كمادة رابطة للحجارة، وكذلك للتلييس، واكساء جدران بدن البرج.

وقالت مديرة متحف أم القيوين، إن تلك الابراج استخدم جذع النخيل وخشب الدعون في سقفها، وهي مواد محلية ومتوافرة بالدولة.

لافتة الى أن تلك الابراج استخدمت للمراقبة، ودرء وصد الاخطار في حالة وقوع أي اعتداء على الحصن والمدينة براً وبحراً.

وأضافت ان من تلك الابراج: ابراج الشريعة، وابن حليس والشمالي، والصنابي، والوسطاني، وابن بلاشة، موضحة انها بنيت بدرابزين وشكل بري، وانها عند تشييدها، شيدت على طراز المباني والابراج الدفاعية البرية العمانية، وهي بناء عبارة عن شكل مخروطي يتكون من ثلاث طبقات مسقفة، تعلوها المسننات، والمزاغل العمودية والافقية، وقاعدتها اكبر من قمتها.

وقالت الغفلي إن الصعود لتلك الابراج كان عن طريق الحبال، وان من كان لهم حق الصعود الحراس فقط، الذين كانت تربطهم ترنيمات متفق عليها عند حدوث أي طارئ أو خطر، موضحة أن بيت الحاكم في الحصن كان بداخله غرفة خاصة تسمى السجن، يحبس فيها الخارجون على النظام، لكنه كان مكانا نظيفاً به أماكن للنوم، وملحق به حمام يستخدمه المحبوسون.

وقال المواطن حسن علي حسين إنه نشأ في ذلك المكان ولا يرى مكاناً آخر افضل منه، لأنه يمثل له عبق التراث، حيث يرى فيه طفولته وشبابه وفرحه وحزنه، وأن كل طريق تم تعبيده مشى عليه.

واشار بيده قائلا: الا ترى جمال المنطقة في خضرتها ونخيلها ووديانها التي تجري فيها المياه وقت فصل الشتاء، وتلك الاشجار العالية التي غالباً ما نجلس في ظلها في قيظ الصيف، بعيداً عن المكيفات التي أصابتنا بالعديد من الأمراض.

وأكد أنه بعد غلق مسجد المعلا الموجود داخل الحصن، قام ببناء مسجد جديد يزيد عمره على 50 عاماً، واطلق عليه اسم مسجد الشيخ عبدالله بن راشد، حباً في عائلة المعلا، ولأنه يرى أنه بناء قديم، قرر منذ فترة هدمه وتشييده من جديد لكنه لم يبدأ في التنفيذ حتى الآن.

وأكد المواطن سالم حسن أنه لم ير اجمل من منطقة فلج المعلا التي شيدها الاجداد على مر العصور الماضية.

وأوضح أنه رغم بعد الزمن الذي شيدت فيه منطقة فلج المعلا إلا ان حكامها كانوا يعيشون الحياة بصورة كاملة، بدليل أنهم تركوا لنا آثاراً عديدة، منها مسابح خاصة بالرجال، وأخرى للنساء، بجانب أماكن السبيل التي مازالت تشهد على مدى رفقهم بالحيوان، الذي كان يمدد عنقه ويشرب من احواضه المنتشرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"