عادي

محللون: حتى إذا رحل ترامب.. ستبقى «الترامبوية»

15:38 مساء
قراءة 5 دقائق
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء إحدى جولاته الانتخابية
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء إحدى جولاته الانتخابية

قال الرئيس دونالد ترامب وهو يختتم حملته الانتخابية بسلسلة من اللقاءات الجماهيرية الصاخبة للحاضرين وسط هتافاتهم إنهم سيثبتون لكل الخبراء أنهم أخطأوا مرة أخرى تماماً مثلما أخطأوا عندما فاز على غير المتوقع بالرئاسة الأمريكية في 2016.

وفي أحد هذه اللقاءات يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في ولاية بنسلفانيا، قال ترامب: «موجة حمراء عالية قادمة»، متوقعاً زيادة كبيرة في التأييد الجمهوري تدفع به للفوز بفترة رئاسة ثانية. وأضاف: «ما من شيء يستطيعون أن يفعلوه حيال ذلك».

وذكرت وسائل إعلام السبت أن ترامب خسر السباق الذي سعى فيه للاحتفاظ بالبيت الأبيض وفاز منافسه الديمقراطي جو بايدن نائب الرئيس السابق. ومع ذلك فقد كان أداء ترامب أفضل كثيراً من عشرات الاستطلاعات التي أشارت إلى أنه قد يخسر بفارق كبير وأثبت أن قاعدة أنصاره أكبر وأكثر ولاء مما كان مراقبون كثيرون يدركون.

وحصل ترامب على حوالي 7.3 مليون صوت، وهي نسبة أكبر من تلك التي فاز بها في 2016 وفقاً لما تبيّنه النتائج الأولية.

وحافظ الحزب الجمهوري على أغلبية ضئيلة في انتخابات مجلس الشيوخ، كما كسب الحزب خمسة مقاعد جديدة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.

وتحقق الأداء القوي الذي أبداه الحزب الجمهوري، خلافاً لتوقعات المنتقدين والخبراء، على رغم الفارق الهائل الذي تمتع به الديمقراطيون في جمع التبرعات في أواخر حملة الدعاية الانتخابية والتحول الحاد في التأييد لصالح الديمقراطيين بين سكان ضواحي المدن الأمريكية.

وبلغ السباق المتقارب النتائج ذروته في الأصوات البريدية التي بدأ فرزها في وقت متأخر من عمليات الفرز بولايتي جورجيا وبنسلفانيا الأمر الذي رجح الكفة لصالح بايدن.

غير أن ترامب لم يسلم بالهزيمة، إذ سعى الرئيس الذي حصل على أصوات أكثر من أي مرشح جمهوري آخر في التاريخ لنزع صفة الشرعية عن النتيجة بإعلانه «أنه تعرض للغش».

وعلى الأرجح ستشهد عدة ولايات عمليات إعادة فرز للأصوات، كما أن ترامب لا يزال يخوض معارك قانونية لإلغاء النتائج. وعلى رغم كل ذلك يواجه ترامب معركة شاقة لتحقيق الفوز في المجمع الانتخابي الذي يقرر نتيجة الانتخابات الأمريكية، إذ يخصص النظام المعمول به لكل ولاية عدداً من الأصوات في المجمع بناء على عدد سكانها.

وفي أغلب الولايات يحصل المرشح الفائز بأصوات الناخبين في التصويت الشعبي على جميع أصوات المجمع الانتخابي مهما كان فارق الفوز ضئيلاً. وفي التصويت الشعبي على مستوى البلاد حصل بايدن على أصوات تفوق ما حصل عليه ترامب بنحو 4.1 مليون صوت.

وأصدرت حملة ترامب بيانا صباح السبت، قالت فيه إن الانتخابات «أبعد ما تكون عن نهايتها. ولم يصدر بيان رسمي بإعلان جو بايدن الفائز في أي ولاية، ناهيك عن أي من الولايات المتأرجحة بشدة».

ونشر ترامب تغريدة قال فيها: «لقد فزت في هذه الانتخابات بفارق كبير!».

وحتى أثناء فرز آخر الأصوات في الولايات حطمت النتائج آمال الديمقراطيين في انتهاء التيار الترامبوي. وفي حال أصبح فوز بايدن رسمياً واحتفظ الجمهوريون بالسيطرة على مجلس الشيوخ ربما يجد الرئيس الجديد نفسه مكبلاً في مساعيه لسن التشريعات والفوز بتصديق الكونجرس على تعيينات القضاة والمسؤولين في الإدارة.

وأياً كان مستقبل ترامب نفسه فقد قال ديمقراطيون وجمهوريون على حد سواء إنه سيتعين عليهم أن يأخذوا في حسبانهم استمرار الجاذبية المتمثلة في «أسلوبه المتهور» على مسرح السياسة الشعبوية.

وقال جو جروترز، رئيس الحزب الجمهوري في فلوريدا، إن رسالة ترامب عن الحرية الاقتصادية حتى خلال الجائحة كسبت أصوات عدد كبير من الناخبين.

وأضاف: «صوّت الناس لرئيس الولايات المتحدة بفضل رسائله الإيجابية عن المستقبل وخروجه عن الطرق المألوفة لكي يضع أمريكا في المقدمة». وتابع أن «الناس لا يريدون ضرائب ولا يريدون عزلاً عاماً. إنهم يريدون الحرية. لا يريدون رؤية مجتمعاتهم تحترق عن آخرها»، في إشارة إلى حوادث الحرق

وقال ستو روزنبرج المحلل السياسي المستقل إن السباق الانتخابي أكد سهولة التكيف عند ترامب الذي حرك أعداداً كبيرة من أنصاره في قاعدة مؤيديه من البيض وهم في كثير من الأحيان من ناخبي الطبقة العاملة وحقق مكتسبات جديدة بين الناخبين ذوي الأصول اللاتينية وهم من الناخبين الأساسيين للتحالف الديمقراطي.

وأوضح أن الانتخابات لم تسفر عن «الهزيمة الساحقة» التي كان الديمقراطيون والجمهوريون المعارضون لترامب يريدونها. وتابع متحدثاً عن ترامب: «من بعض الجوانب لم تكن تلك النتيجة مختلفة عما تحقق قبل أربع سنوات على رغم فشله في التعامل مع فيروس كورونا والاقتصاد».

من جهتها، أوضحت كارين فيني، المخططة الاستراتيجية صاحبة الخبرة الطويلة في المعسكر الديمقراطي، والمتحدثة باسم حملة هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 الرئاسية، إن تقارب المواقف في سباق الانتخابات معناه أن الديمقراطيين سيسألون أنفسهم عن سبب «بقاء ترامب معنا».

وأضافت أن «ترامب لا يزال يحقق نجاحاً على المسرح السياسي. إننا بلد لا يزال منقسماً جداً جداً».

 

مخالفة توقعات الخبراء

وأظهر استطلاعات التي أجراها مركز «إديسون للأبحاث» أن ترامب احتفظ بتأييد أغلبية قوية من الناخبين البيض تبلغ حوالى 55 في المئة بانخفاض بسيط عما حققه في 2016.

وأيد البيض غير الجامعيين الذين يمثلون قلب قاعدة ترامب الشعبية الرئيس بفارق يتجاوز 20 نقطة عن التأييد الذي حصل عليه بايدن من هذه الفئة. غير أن البيانات أوضحت أن هامشه في تلك الفئة انكمش بنحو أربع نقاط.

وقال مايك مدريد الذي شارك في تأسيس مشروع لينكولن، وهو مجموعة من الساسة الجمهوريين السابقين الذين شنوا حملة لإسقاط ترامب وانتخاب بايدن إنه يعتقد أن الترامبوية ستبقى قلب الحزب الجمهوري.

وأضاف: «ستستمر الترامبوية والنزعة الوطنية الشعبية والسياسة القائمة على شكوى البيض المتعلقة بالهوية»، مشيراً إلى أن الأغلبية الكبيرة من الجمهوريين المنتخبين ليس لديها استعداد يذكر لشيء مختلف.

ومع ذلك تشير الاستطلاعات إلى زيادة التأييد لترامب بنحو أربع نقاط مئوية بين الأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية وآسيوية مقارنة بما كان عليه الحال قبل أربع سنوات.

وأدلى حوالى 39 في المئة من ذوي الأصول اللاتينية الأكبر سناً بأصواتهم لصالح ترامب بزيادة 14 نقطة عن عام 2016، في حين أيد 19 في المئة من الناخبين من أصول أفريقية بين سن 30 و44 الرئيس، وهو ما يزيد 12 نقطة عن الانتخابات السابقة.

وفي الوقت نفسه تراجع مستوى تأييد ترامب بنحو نقطتين بين الناخبين البيض الأكبر سنا.

وفي ولاية فلوريدا لعبت زيادة تقدر بنحو 12 نقطة لصالح ترامب بين الناخبين من أصول لاتينية مقارنة بعام 2016 دوراً مهماً في تحقيق الفوز له في هذه الولاية التي تشهد تنافساً كبيراً.

وأذهلت هذه النتائج خصوم ترامب الذين دأبوا على مهاجمة الرئيس لما يصفونه بتعليقاته «العنصرية وسياساته القاسية فيما يتعلق بالهجرة».

وعلى نحو لافت عزز الرئيس التأييد الشعبي له في مناطق يكثر فيها ذوو الأصول اللاتينية في ولاية تكساس، فكان أداؤه أفضل بفارق من 11 إلى 27 نقطة في مقاطعات على امتداد الحدود الجنوبية للولاية مع المكسيك.

وفي مقاطعة هيدالجو التي يتجاوز ذوو الأصول اللاتينية 90 في المئة من سكانها حصل ترامب على 40 ألف صوت أكثر مما حصل عليه قبل أربع سنوات ليرتفع نصيبه من الأصوات من 28 في المئة إلى 41 في المئة. (رويترز)

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"