الصين.. جاهزية عسكرية و«مبادرة استراتيجية»

02:48 صباحا
قراءة 4 دقائق
د. محمد سعد أبوعامود *

شدد الرئيس الصيني شي جين بينج، على إنجاز الأهداف والمهام المحددة للدفاع الوطني والتنمية العسكرية، كما هو مقرر. جاء ذلك خلال حضوره اجتماعاً كاملاً لوفد جيش التحرير الشعبي وقوات الشرطة المسلحة في الدورة الثانية للمجلس الوطني ال13 لنواب الشعب الصيني، الهيئة التشريعية الوطنية للصين، في الأسبوع الماضي.
وفقاً للمصادر الرسمية الصينية يمثل هذا العام العام الحاسم لاكتمال بناء مجتمع رغيد الحياة باعتدال في جميع المناحي، ويمكن القول إن أهم الجوانب المتعلقة بالتنمية العسكرية في كلمته شملت الآتي:
1 - تأكيد فهم القوات المسلحة بأكملها وبوضوح أهمية تطبيق الخطة الخمسية ال13 للتنمية العسكرية والحاجة الملحة إليها، وترسيخ عزمها، وتكثيف الشعور بالمهمة، والمضي قدماً بروح رائدة، وبذل قصارى الجهد لتنفيذ الخطة لضمان تنفيذ الأهداف والمهام كما هو مقرر لها.
2 - التزام الجيش بأكمله بتوجيه فكر الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد والتطبيق الكامل لفكر الحزب بشأن تعزيز القوات المسلحة للعصر الجديد، والاستراتيجية العسكرية للظروف الجديدة.
3 - التركيز على الجاهزية للحرب، وتكثيف الإصلاح والابتكار.
4 - تطبيق الخطة، وتعزيز التخطيط والتنسيق ككل، وتحقيق إنجازات في المجالات الرئيسية.
وأشار شي، إلى ضرورة وضع الموقف ككل في الاعتبار، وتنسيق خطط العمل، والموارد وإجراءات الإدارة، لضمان تقدم منتظم في المشاريع المختلفة.
5 - التركيز على التصميم الشامل للخطة، يتطلب إعطاء القوات المسلحة أولوية للمشاريع الرئيسية بما فيها الضروريات العاجلة للجاهزية العسكرية، والدعم الحاسم للأنظمة القتالية، والمشاريع المنسقة لإصلاح الدفاع الوطني والقوات المسلحة.
6 - الإعداد لصياغة الخطة الخمسية ال14 للتنمية العسكرية التي ينبغي أن تخدم مطالب التنمية الوطنية، والاستراتيجيات الأمنية والعسكرية، وينبغي أن تضع في الحسبان كلاً من الظروف الفعلية والاحتياجات التنموية طويلة المدى.
والواقع أن ما جاء في خطاب الرئيس الصيني، يأتي في سياق الاستمرارية الواضحة في السياسة العسكرية والأمنية الصينية فخطة التنمية العسكرية الثالثة عشرة التي أقرها المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني عام 2016 ركزت على محاور عدة أوضحها «الكتاب الأبيض» التاسع الذي أصدرته الصين وحمل عنوان: «الاستراتيجية العسكرية الصينية» والذي حاول إبراز التزام الصين بالتنمية السلمية وبالشفافية العسكرية.

ويرى بعض المحللين، أن هذا الكتاب هو أول وثيقة صينية رسمية تركز على الاستراتيجية وتتناول جوهر السياسة العسكرية والأمنية الصينية التي تقوم على مبدأ الدفاع النشط ووحدة الدفاع الاستراتيجي والهجوم التكتيكي والعملياتي.
فالصين لن تهاجم ما لم تُهاجم، ولكنها ستشن بالتأكيد هجوماً مضاداً إذا ما تعرضت لهجوم، كما أنها ستسعى إلى تعزيز الموقف الاستراتيجي المواتي للتنمية السلمية للصين، والتمسك بسياسة دفاع وطنية ذات طبيعة دفاعية، والمثابرة في التنسيق الوثيق بين العمل السياسي والعسكري والاقتصادي والدبلوماسي، والتعامل بإيجابية مع التهديدات الأمنية الشاملة التي يمكن أن تواجهها البلاد، فضلاً عن تحقيق توازن بين حماية الحقوق وصيانة الاستقرار، ووضع التخطيط الشامل لكليهما، وحماية السيادة الوطنية الصينية على أراضيها وحقوقها ومصالحها البحرية، والحفاظ على الأمن والاستقرار على طول محيط الصين.
كما أكد الكتاب أموراً استراتيجية عدة بالغة الأهمية أبرزها:
1 - أخذ زمام المبادرة الاستراتيجية في الصراع العسكري، والتخطيط على نحو استباقي في كل الاتجاهات والمجالات.
2 - تسريع البناء العسكري، والإصلاح والتنمية واستخدام استراتيجيات وتكتيكات تضمن المرونة والتنقل، والفعالية الشاملة للعمليات المشتركة، والاستفادة من جميع الوسائل العملياتية.
3 - اتخاذ الاستعدادات الجادة للتعامل مع السيناريوهات الأكثر تعقيداً وصعوبة، والقيام بعمل قوي في جميع الجوانب، وذلك لضمان الاستجابة المناسبة لمثل هذه السيناريوهات بكل سهولة في أي وقت وفي أي ظرف من الظروف،
4 - دعم القيادة المطلقة للحزب الشيوعي الصيني على الجيش، وتأكيد زراعة الروح القتالية، وفرض الانضباط الصارم، وتحسين الكفاءة المهنية وقوة القوات، وبناء علاقات أوثق بين الحكومة والجيش وكذلك بين الشعب والجيش، ورفع الروح المعنوية للضباط والرجال.
5 - إثراء محتويات، وطرق ووسائل مفهوم الحرب الشعبية، والمضي قدماً في التحول من التركيز على الموارد البشرية في تعبئة الحرب إلى التركيز على العلوم والتكنولوجيا.
6 - توسيع نشاط التعاون العسكري والأمني، وتعميق العلاقات العسكرية مع القوى الكبرى والدول المجاورة والدول النامية الأخرى، وتشجيع إنشاء إطار إقليمي للأمن والتعاون.
وفي ذات السياق، جاءت توجيهات الرئيس الصيني أثناء تفقده مكاتب قوة الدعم الاستراتيجي للجيش الصيني في أغسطس 2016؛ حيث حث على بذل جهود لبناء قوة دعم استراتيجي قوية وحديثة للقوات المسلحة الصينية. وأضاف أن قوة الدعم الاستراتيجي تتحمل مهمة تاريخية، وأنها يجب أن تناضل لتكون الأفضل في العالم وأن تتسم بالشجاعة في الابتكار والتفوق على الآخرين، موضحاً أن القوة التي أقيمت فى إطار الإصلاح الدفاعي العسكري والوطني، نمط جديد من القوة القتالية لضمان الأمن القومي، وجانب مهم لنظام التشغيل المشترك للجيش الصيني.
وأكد الحاجة إلى الابتكار في بناء قوة الدعم الاستراتيجي، داعياً إلى التركيز على الكفاءة القتالية والتكامل في التنمية العسكرية والمدنية، موضحاً أن القوة يتعين أن تبقى دائماً يقظة، وأن تحافظ على الاستعدادات القتالية، ووضع استراتيجية تنمية وخطة لبناء القدرة وبناء نظام تدريب جديد وتعزيز ردعها وقدرات القتال في الحرب.
وقد أكد شي، بوجه خاص، الابتكار في النظرية العسكرية والتكنولوجيا العسكرية، ودعا إلى تدعيم أنماط جديدة للقوات القتالية والموهبة الخلاقة عالية المستوى.
وفي دراسة لمؤسسة «راند» الأمريكية، بعنوان: «إعادة تطوير الصين وجيش التحرير الشعبي»، فإن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية واستراتيجية الأمن القومي تأخذ في الحسبان تطوير قدرات الجيش الصيني أبرز ملامحه كما يأتي:
1 - اختبار منصات جديدة عالية التقنية ونشرها، بما في ذلك طائرات حربية بدون طيار ومركبات انزلاقية بسرعة فوق صوتية، ومقاتلات شبح جديدة.
2 - التطوير المستمر لقدرات التلويح بالقوة بما في ذلك حاملات الطائرات والهجوم بعيد المدى (الصواريخ الباليستية والقذائف الانسيابية).
3 - الاستثمار في أنظمة القيادة والتحكم والاتصالات والحوسبة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، والاستطلاع المضاد، والقدرات الفضائية بما في ذلك أجهزة رادار كشف ما وراء الأفق، وقدرات حرب المعلومات والحرب الإلكترونية والتجسس الإلكتروني.
4 - إعادة هيكلة نظام القيادات العسكرية الإقليمي المرتبط بالصين ليكون هيكل صناعة القرار بجيش التحرير الشعبي أكثر سهولة وأكثر محورية في اللجنة العسكرية المركزية.

* أستاذ العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية (جامعة حلوان - مصر)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"