عادي

هل استطاعت «يونيسيف» درء مخاطر «كورونا» عن أطفال العالم؟

11:39 صباحا
قراءة 4 دقائق
يونيسيف

الشارقة: أوميد عبد الكريم إبراهيم
لطالما كان الأطفال أكبر ضحايا الأزمات، الحروب والصراعات التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولا يعلمون حتى أسبابها ومسبباتها؛ أو نتائجها ومآلاتها؛ هذه الشريحة المتشحة بالبراءة، والتي تعد اللبنة الأساسية لمستقبل أي شعب؛ تدفع أثماناً باهظة بصمت؛ من دون أن تسعفها مداركها؛ للتعبير عمّا يجول في خاطرها؛ أو شرح أوجاعها وعذاباتها، والمطالبة بحقوقها، وبالتالي فإن مصير ومستقبل أمةٍ بأكملها يصبح في مهبِّ الريح ما لم يُتدارك الأمر، وهنا يأتي دور الحكومات، الهيئات والمنظمات الرسمية والخاصة؛ لإنقاذ هذه البراعم الغضّة من براثن الخطر.
الأمثلة الصارخة عبر التاريخ في هذا السياق لا حصر لها؛ لعل من أبرزها النتائج الكارثية التي أعقبت الحربين العالميتين على البشر والحجر، واللتين كان للأطفال النصيب الوافر من آثارهما المدمرة، وهو ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال اجتماعها المنعقد بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول من عام 1946؛ أي بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها؛ إلى تأسيس منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، والتي كانت تُعرف بدايةً بـ«صندوق الأمم المتحدة الدولي لرعاية الطفولة»، وتلخصت مهام المنظمة في تقديم إغاثة قصيرة الأجل لأطفال ما بعد الحرب، واستمرت بعد ذلك وصولاً إلى وقتنا الحاضر.

أجيال تواجه المجهول
ليست الحروب وحدها ما يهدد سلامة الأطفال ومستقبلهم؛ إذ إن الكثير من الأزمات التي يواجهها العالم؛ خارجة عن إرادة الإنسان، ولعل أزمة فيروس كورونا التي اقترن اسمها بعام 2020؛ واحدة من أسوأ الأزمات التي عصفت بالتجمعات البشرية عبر التاريخ؛ حيث خلَّفت نتائج كارثية على مختلف المستويات السياسية؛ الصحية، الاقتصادية والإنسانية، وكعادتهم؛ كان الأطفال أبرز الضحايا؛ حيث قضى عدد كبير منهم نحبه؛ في حين يدفع البقية الثمن بطريقة أو بأخرى؛ لعل أبرزها إغلاق المدارس وتوقف العملية التعليمية؛ ما يهدد جيلاً بأكمله بالضياع في غياهب المجهول.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بوصفها الوكالة الوحيدة المكرّسة للأطفال على وجه الحصر، والمفوضة من قبل حكومات العالم؛ لتعزيز وحماية حقوق الأطفال، وتوفير الدعم والرفاهية لهم؛ وجدت نفسها أمام كارثة ليس من السهل التعامل معها أو توقع نتائجها؛ لا سيما وأن حكومات العالم أجمع ما زالت عاجزةً عن وضع حدٍّ لها إلى الآن؛ فماذا فعلت المنظمة لتوفير الحد الأدنى من الحماية للأطفال على مختلف الصعد؛ بهدف حمايتهم من الضياع؟

تبعات خطرة للجائحة
منذ تأسيسها، وإلى يومنا هذا؛ تعتمد «يونيسيف» في تمويلها على التبرعات بشكل كامل، وينتشر 7 آلاف موظف يعملون لديها في 155 بلداً حول العالم، ومنذ بدء أزمة فيروس كورونا؛ نشرت المنظمة أرقاماً مخيفة تتعلق بأعداد الأطفال الذين حُرموا من التعليم بسبب الجائحة؛ لأسباب عدة ليس من السهل معالجتها، والأمر لا يتوقف على العملية التعليمية والإصابة بالفيروس فحسب؛ إذ إن للأزمة تبعات أخرى كثيرة؛ من بينها تعرض بعض الأطفال للعنف المنزلي؛ الإساءة، الاستغلال، وسوء التغذية في البلدان الفقيرة.
وأفادت «يونيسيف» في تقرير لها نُشر منتصف العام الجاري؛ بأن «99% من أطفال وصغار العالم يعيشون في ظل نوع ما من القيود المفروضة على الحركة في بلدانهم بسبب كورونا، و60% منهم يعيشون في دول فيها إما إغلاق كامل أو جزئي»، وحذّرت المنظمة من إمكانية «تعرضهم للاستغلال والإساءة؛ أو العنف المنزلي»، وأشارت إلى أن «2.34 مليار من الأطفال والصغار (دون سن 18) يعيشون في واحدة من الدول الـ 186 التي تخضع لشكل من أشكال القيود على الحركة بسبب كوفيد-19، و60% من جميع الأطفال يعيشون في واحدة من الدول الـ 82 التي تفرض إما إغلاقاً كلياً (7%)؛ أو جزئياً (53%)؛ أي ما يعادل 1.4 مليار طفل».

تهديد المستقبل المشترك
من جهتها أوضحت هنرييتا فور مديرة اليونيسف التنفيذية في بيان نُشر في إبريل/نيسان الماضي؛ أنه «خلال أي أزمة يعاني الأطفال، والفئات الأكثر ضعفاً؛ أكثر من غيرهم، وبشكل غير متناسب؛ حيث يصاب الأطفال والصغار بفيروس كورونا؛ كما أنهم من أكثر الضحايا المتضررين، وإذا لم نستجب على الفور لتأثير الجائحة على الأطفال؛ فإن أصداء كـوفيد-19 ستحدث دماراً دائماً في مستقبلنا المشترك»
ولفتت المسؤولة الأممية إلى أن «التحديات المحدقة بالعالم لا تظهر للعيان حتى الآن؛ لكنّ التأثيرات الخفية لفيروس كورونا تحمل عواقب وخيمة على الأجيال المستقبلية. لقد تعلمنا ذلك بطريقة مؤلمة خلال الفترة الماضية، وإلى أن يتم إيجاد لقاح؛ فإن كورونا يشكل تهديداً على جميع الناس، وفي كل مكان؛ لذلك يجب العمل الآن على تقوية دعائم النظم الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية التي تركز على الطفل لمواكبة أولويات التنمية العالمية في كل دولة حول العالم.»

إجراءات للوقاية وبرامج للحماية
وفي شهر إبريل/نيسان الماضي؛ أطلقت «يونيسف» برنامج العمل العالمي؛ لحماية الأطفال الأكثر ضعفاً من الأذى، وركَّز البرنامج على 6 محاور، وهي الصحة الجيدة والأمان للأطفال، ربط الأطفال الضعفاء بالماء والصرف الصحي والصحة التعليم، دعم الأسر لتغطية احتياجاتها ورعاية أطفالها، وحماية الأطفال من العنف والاستغلال والإساءة، وحماية أطفال اللاجئين والمهاجرين والمتضررين بسبب الصراعات.
وتشير المنظمة الأممية التي دعت الجميع من خلال بياناتها إلى المساهمة في التبرع من أجل التضامن في مواجهة جائحة كورونا؛ إلى أنها تدير أكبر مستودع للإمدادات الإغاثية في العالم، وتقوم بشحن الإمدادات الحيوية للمجتمعات المحلية التي تكافح الفيروس، وتؤكد أنها مع الأطفال دوماً؛ قبل وأثناء وبعد الأزمة، وأن إنقاذ الحياة وحده لا يكفي؛ بل إننا نتابع طريقنا ونتعلم الدروس باستمرار، ونجاهد لنجعل حياة كل طفل أكثر صحة وأفضل وأعدل دوماً.
كما قدمت «يونيسيف» في التقارير والبيانات الصادرة عنها جملةً من الإجراءات الاحترازية التي من شأنها خفض احتمالات انتقال عدوى الفيروس بين الأطفال؛ خصوصاً في المدارس؛ من بينها الاحتفاظ بمسافة الأمان وإبعاد المقاعد الدراسية عن بعضها، الحدّ من الأنشطة غير الضرورية، الإكثار من اللافتات والملصقات الإرشادية، إعطاء الدروس في أماكن مفتوحة وجيدة التهوية إن أمكن، الاهتمام بالنظافة الشخصية، والتشديد على استخدام الكمامات والقفازات والمعقمات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"