عادي

الزواج بلفظ «وهبتُك بنتي»

23:57 مساء
قراءة دقيقتين
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

من المعروف عند الفقهاء وعلماء الشريعة في صدر الإسلام، أن للنكاح أركاناً لا يصل النكاح إلا بها، واختلف الفقهاء في عددها، فعند الحنفية رحمهم الله ركنان فقط وهما الإيجاب والقبول، وعند المالكية رحمهم الله الصيغة والزوجان والولي والصداق، وعند الشافعية رحمهم الله أركان النكاح هي الصيغة والزوجة والزوج والولي والشاهدان، وعند الحنابلة رحمهم الله هي الزوجان والصيغة.
أقول: وإننا في هذا المقال لا نريد الخوض في التفاصيل، ومن أراد التفصيل فليرجع إليها في كتب الأئمة الأربعة المعتبرة، وليقتصر حديثنا هنا على اللفظ الذي يصح به النكاح، فاللفظ هو الصيغة، والصيغة المتفق عليها عند فقهاء المذاهب الأربعة المعتبرة هي لفظ «زوجتك وأنكحتك».
لكن نجد بعد ذلك عند الشافعي مثلاً: لو قال: «جوّزتك بتقديم الجيم كما هو دارج في بلاد مصر والشام، صح العقد، لأن جوّزتك وزوّجتك في هذا المقام يراد به عقد النكاح، ولا ينصرف المعنى إلى شيء آخر، وأجاز بصيغة جوّزتك بعض علماء الحنابلة أيضاً مثل الشيخ تقي الدين».
نعم... والعرف أصل من أصول الدين، ولأجل هذا عدّ الإمام مالك رحمه الله العرفَ مصدراً خامساً من مصادر التشريع التي تبنى عليها الأحكام.
أقول: ومثل هذا اللحن مقبول عند الفقهاء، أي: جوّزتك بدلاً عن زوجتك، حتى أن الشهاب الرملي من الشافعية لمّا قيل له إن بعضهم يقول: «زوّجتَك بفتح التاء، ويردّ عليه: قبلتَ نكاحها بفتح التاء أيضاً قال الشيخ: يصح ذلك حتى لو كان قادراً على عكس ذلك، وحجة الشيخ الرملي رحمه الله أن اللحن فيه لا يمنع فهم المطلوب حسب المتعارف بين الناس، وهذا صحيح، وإنني لاحظت الإخوة السودانيين بأنهم نادراً ما يكون عندهم تاء المتكلم، فمعظمهم يستخدم تاء المخاطب المفتوحة قبلتَ وخرجتَ، ويريد به قبلتُ وخرجتُ حتى هذا اليوم.
ويقول الفقهاء في كتبهم أيضاً: إن كل لفظ موضوع لتمليك العين ينعقد به النكاح إن ذُكر المهر، وقصد به التأييد لا التوقيت، نعم وينعقد النكاح عند المالكية بلفظ الهبة من ولي أمر البنت مع ذكر الصداق، فلو قال لرجل «وهبتك بنتي فلانة» أو «منحتك إياها أو أعطيتك على مهر كذا» انعقد النكاح متى كان قاصداً بقوله ذلك عقد النكاح، وقال الزوج قبلت.
ولكن يبدو أن للمالكية رأياً آخر وهو أن النكاح لا ينعقد بلفظ الهبة وما يقتضي التمليك، لذلك نقرأ لابن القاسم من المالكية أن الهبة كانت خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تحل لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وذهب فقهاء الأحناف رحمهم الله إلى جواز النكاح بلفظ الهبة، لأنه قصد به التمليك والتأبيد، وعند الشافعي وأحمد رحمهما الله لا يصح النكاح إلا بصيغة زوّجتك وأنكحتك، وبصيغة الماضي فقط.
وبناء على ما ذكر فإن الأرجح أن يؤخذ ويعمل بالمتفق عليه، لأن عليه تتوقف مراعاة المصلحة العامة، وإن كان للضرورة أحكام، والضرورة تقدر بقدرها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"