عادي

ملوثات المحيطات.. تهــدد صــحة 3 مــليارات شخص حول العالم

21:43 مساء
قراءة 5 دقائق
1

تنتشر ظاهرة تلوث المحيطات على نطاق واسع والأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وعندما تصل السموم في المحيطات إلى اليابسة، فإنها تعرض صحة ورفاه أكثر من 3 مليارات شخص حول العالم للخطر، وذلك وفقاً لتقرير حديث صادر عن تحالف دولي من العلماء بقيادة المرصد العالمي للتلوث التابع لكلية بوسطن ومركز موناكو للعلوم، وبدعم من مؤسسة ألبرت الثاني أمير موناكو.
على رأس المقترحات لمعالجة تلوث المحيطات، يوصي الباحثون بما يلي: الحد من حرق الفحم واستخدامه وقوداً، وحظر إنتاج المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، والسيطرة على التلوث الساحلي، وتوسيع نطاق المناطق البحرية المحمية.
مشكلة عالمية
وتعد هذه الدراسة أول بحث شامل لتأثيرات تلوث المحيطات على صحة الإنسان، والتي نشرت في «حوليات الصحة العالمية» خلال ندوة موناكو الدولية حول صحة الإنسان والمحيطات في عالم متغيّـر.
وقال البروفيسور فيليب لاندريجان، مدير المرصد العالمي للتلوث التابع لكلية بوسطن: «إن تلوث المحيطات مشكلة عالمية كبرى، وهو في تزايد مستمر يؤثر بشكل مباشر في صحة الإنسان. لقد سمع الناس عن التلوث البلاستيكي في المحيطات، لكن هذا ليس سوى جزء منه؛ إذ تظهر الأبحاث أن المحيطات تتلوث بسبب خليط معقد من السموم بما في ذلك الزئبق ومبيدات الآفات والمواد الكيميائية الصناعية ومخلفات البترول، ومياه الصرف الزراعية والمواد المصنعة الموجودة في البلاستيك. وهذه المواد عالية السمية في المحيط تصل إلى الإنسان، وبشكل رئيسي عن طريق تناول المأكولات البحرية الملوثة».
وأوضح لاندريجان: «نحن جميعاً في خطر، ولكن الأشخاص الأكثر تضرراً هم الأشخاص الموجودون في مجتمعات الصيد الساحلية وسكان الجزر الصغيرة والقطب الشمالي، حيث يعتمد هؤلاء الناس في قوتهم على ما يصطادونه من البحر».
وتغطي المحيطات أكثر من 70% من سطح الأرض، وعلى الرغم من حجمها الهائل، فإن البحار مهددة بشكل أساسي نتيجة النشاط البشري، وفقاً للنتائج المستمدة من 584 تقريراً علمياً والتي توضح بالتفصيل:
* يتسبب تلوث المحيطات بالبلاستيك والمعادن السامة والمواد الكيميائية المصنعة والمبيدات الحشرية، ومياه الصرف الصحي والمخلفات الزراعية، في قتل وتلويث الأسماك التي تغذي 3 مليارات شخص.
* التلوث الساحلي ينشر العدوى والالتهابات المهددة للحياة.
* يهدد التسرب النفطي والنفايات الكيميائية الكائنات الحية الدقيقة في البحار، والتي توفر الكثير من إمدادات الأكسجين في العالم.
وأوضح ألبرت الثاني، أمير موناكو أنه بالإمكان استخدام هذه البيانات لحشد العزيمة العالمية للحد من تلوث المحيطات.
تأثير مدمر على المحيطات
وكتب الأمير ألبرت في مقدمة التقرير: «أدت العلاقة بين تلوث المحيطات وصحة الإنسان إلى ظهور عدد قليل جداً من الدراسات. وفي ضوء الآثار المدمرة لتلوث المحيطات على صحة الإنسان، بسبب النفايات البلاستيكية والصناعية والمواد الكيميائية والبترول، يجب إدراج هذه التهديدات في جدول أعمال الأنشطة العلمية الدولية بشكل دائم».
ومن بين النتائج الرئيسية التي خلص إليها التقرير:
* انتشار التلوث بالزئبق في المحيطات وتراكمه بمستويات عالية في الأسماك المفترسة، ما يشكل مخاطر موثقة على صحة الرضع والأطفال والبالغين.
* يعد الفحم المصدر الرئيسي للتلوث بالزئبق، حيث تتبخر سمومه في الهواء أثناء احتراقه، ثم تنجرف في نهاية المطاف في المحيطات.
* أدى التلوث على طول السواحل والناجم عن النفايات الصناعية والمخلفات الزراعية ومبيدات الآفات ومياه الصرف الصحي، إلى زيادة مستويات تكاثر الطحالب الضارة (HABs) التي تنتج السموم المرتبطة بالخرف، وفقدان الذاكرة، والأضرار العصبية والموت السريع.
* إن النفايات البلاستيكية التي تلقى في المحيطات بمعدل يزيد على 10 ملايين طن ســـــــنوياً، تقـــــتــــل الطــــيــور البحرية والأســــــماك، ويستهلكها الإنســــان على شكل جزيئات مجهرية سامة، وهي موجودة الآن في جميع البشر.
* إن أكثر المياه الملوثة في العالم هي البحر الأبيض المتوسط، وبحر البلطيق، والأنهار الآسيوية.
وقال البروفيسور فيليب لاندريجان: «إن الشيء الأساسي الذي يجب إدراكه بشأن تلوث المحيطات هو أن جميع أشكال التلوث، يمكن منعها عبر تشريع القوانين والسياسات والتكنولوجيا وإجراءات الإنفاذ التي تستهدف أهم مصادر التلوث. لقد استخدمت العديد من الدول هذه الأدوات، ونجحت في تنظيف الموانئ الملوثة وتجديد مصبات الأنهار، وحماية الشعاب المرجانية. وكانت النتائج هي زيادة حركة السياحة، وتجديد مصائد الأسماك، وتحسن صحة الإنسان والنمو الاقتصادي، وهذه الفوائد ستستمر لعدة قرون».
وتم إصدار التقرير بالتوازي مع «إعلان موناكو: النهوض بصحة الإنسان ورفاهيته من خلال الحد من تلوث المحيطات»، والذي ألقي في الجلسة الختامية للندوة.
توصيات
وبدعم من العلماء والأطباء وأصحاب المصلحة العالميين الذين شاركوا في ندوة موناكو، فإن الإعلان يلخص النتائج والاستنتاجات الرئيسية للجنة موناكو المعنية بصحة الإنسان وتلوث المحيطات. وبناء على الاعتراف بأن كل أشكال الحياة على الأرض تعتمد على صحة المحيطات، يدعو المشاركون في البحث، قادة ومواطني جميع الدول، إلى حماية صحة الإنسان والحفاظ على البيئة من خلال العمل على إنهاء تلوث المحيطات.
كما أوصوا بالإجراءات التالية:
* التحول السريع من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الأرضية.
* الحد من تلوث المحيطات بالزئبق من خلال حظر حرق الفحم كوقود، والتحكم في جميع الاستخدامات الصناعية للزئبق.
* إنهاء التلوث البلاستيكي للمحيطات عن طريق تقليل إنتاج البلاستيك، وفرض حظر عالمي على إنتاج البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة.
* تعزيز الإدارة الفاعلة للنفايات وإعادة التدوير.
* الحد من الانبعاثات الزراعية الضارة مثل النيتروجين والفسفور وفضلات الحيوانات ومخلفات مياه الصرف الصحي.
* دعم عملية مراقبة تلوث المحيطات.
* توسيع نطاق برامج مكافحة التلوث البحري الإقليمية والدولية لتشمل جميع الدول.
* دعم البرامج البحثية التي تزيد المعرفة بمدى وشدة وتأثير تلوث المحيطات على صحة الإنسان.
* توسيع نطاق المحميات البحرية.

أضرار البلاستيك

كشفت الدراسات الحديثة أن مادة البيسفينول A السامة الموجودة في البلاستيك، قد تتسبب في السرطان وغيره من الأمراض والاضطرابات. وقد تزايد القلق بين العاملين في مجال الصحة عقب صدور سلسلة كبيرة من الدراسات تربط بين هذه المادة الكيميائية وبين تزايد خطر الإصابة بأمراض السرطان وأورام الخلايا والإجهاض والعيوب الخلقية. وأوضحت الدراسات أن المواد الكيميائية الأخرى المستخدمة في المواد البلاستيكية، بما في ذلك البارابين والفثالات، ومثبطات اللهب، تؤدي إلى اختلال الغدد الصماء، وقد تؤثر بشكل مماثل لتأثيرات البيسفينول A على الخصوبة.
إلى جانب ذلك، أشارت دراسات أخرى إلى أن هناك ارتباطاً واضحاً بين الفثالات وارتفاع ضغط الدم، والسمنة في مرحلة الطفولة؛ لذا يجب استبدال العديد من المنتجات غير الضارة بالمنتجات البلاستيكية التي تُسبب آثاراً صحية مخفية على البشر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"