علي الشمام خبير في خدمة العريش

أشهر من اتقن الحرفة في الذيد
13:28 مساء
قراءة 3 دقائق
رغم الضباب الذي حجب حتى الطريق إلى الأبواب، تجده بكل همة واقتدار يعبر المسافة بين منزلة والأسواق سيراً على الأقدام طلبا للتبضع مع عدم اعترافه بأحكام السن، إنه علي الشمام الطنيجي مقاول بناء الخيام من سعف النخيل في منطقة الذيد، والذي يعد أشهر من أتقن هذه الحرفة بالمنطقة منذ ما يزيد على نصف قرن.مبحراً كل يوم في هذه الرحلة يتذكر وهو يمر على أطلال منزله القديم تدافع الناس إليه وهم يذكرونه بموعد يوم تشييد البناء لهم، حيث كان يبدأ يومه من الشروق وينتهي عند الغروب، واليوم أقفرت الرحلة إلا من عابر طريق يسأله عن حاله الذي يقول عنه مثل أمس واليوم. علي الشمام الذي أفرطت الحياة في نقش شظفها على ملامحه تستشعر من ملامحه انه يلقي عليك السلام ولو لم تنبس شفتاه بحرف.

يقول عن اتقانه خدمة الخيام والعريش: تعلمت هذه المهنة من شخص كان يسكن في فلج المعلا في فترة بعيدة حيث كان يخدم في المنطقة ورافقته مدة من الزمن حتى تعلمت وأصبحت أستاذاً في خدمة العريش والخيام المبنية من سعف النخيل، وخدمة الخيمة الواحدة قد يستغرق أكثر من أسبوع، حيث يتوفر سعف النخيل في بداية موسم التنبيت (اللقاح) النخيل أو في نهايته مع عملية الخلابة (تقليم السعف الإضافي)، أما المواد الأخرى فهي الحبال وجذوع السمر والغاف أو النخيل التي تستخدم كروايل (أعمدة تحمل السقف) وأدوات حديدية مثل الداس والجدوم (فأس صغيرة) ، والخيمة تحتاج إلى رايلتين (عمودين) وثالثة كوصلة بين الأعمدة من ثم يبدأ عملية صف سعف النخيل المتداخل في أعلى السقف على شكل مثلث أو هرم، بعد ذلك يكمل صف سعف النخيل للأطراف الأربعة الموثقة بالحبال المرصوصة الصفوف، وما أن ينتهي حتى يقوم بتحييب (بتغطية) الأطراف الأربعة باستخدام الحصير (بساط من الخوص) من داخل الخيمة لتكون دافئة مع برد الشتاء، وحتى السقف يتم فرشه بالحصير المثبت بالحبال مع السعف، مستغلا الشكل المثلث لعدم دخول الأمطار وانسياب نزولها. ويعمل داخل الخيمة زاوية تستخدم كمسبح لصاحب الخيمة. وكان باب الخيمة قديما يعرف بالزفارة ويصنع سعف النخيل المجرد من الخوص ومن ثم جاءت الأبواب الخشبية ذات المزلاج الحديدي.

ويشير الشمام إلى انه كان يتلقى طلبات بناء الخيام خاصة من العرسان الجدد لعمل منزل الزوجية في الزمان القديم، ويدوم هذا البناء قائما فترة طويلة لا تقل عن 7 سنوات.

أما بالنسبة لبناء أو خدمة العريش فيقول: أسهل من الخيمة ويحتاج إلى 3 أيام باستخدام أربع روايل (أعمدة) ومدين (عوارض) بالطول يرفع السقف أولاً من ثم يبدأ بتشييد الأطراف الأربعة بحيث يعرف الأطول بالظهر بينما يعرف الطرفان على اليمين واليسار بالدفعة والطرف المقابل لها دفعة الدفعة ويبقى الربعة وربع الربعة التي يقف فيها الباب، في عملية صف للسعف تعرف باللقط، عبر تثبيت السعف إلى بعضه بعضاً المتداخل بالحبال، ويضيف الشمام يتم حفر شق في الأرض طولي لتثبيت السعف إلى الأرض بحيث يكون السعف القريب من الأرض خفيفاً في كثافة الخوص لإعطاء فرصة لمرور الهواء بين السعف في أيام الصيف شديد الحرارة.

ويضيف: كنا نصب الكاز في أسفل البناء لحمايته من التآكل مع مرور الزمن بفعل النمل الأبيض، وكان ثمن تشييد الخيمة في ذلك الزمان نحو 400 درهم و العريش 300 درهم، بحيث يبدأ بخدمة الخيمة مع دنو الشتاء وبخدمة العريش قبل ظهور الشتاء واستعدادا لقدوم الصيف، وهو يشير إلى أن خدمة أو بناء العريش والخيمة في الساحل كانت أفضل لأن المجتمع كان أكثر استقرارا من مجتمع البادية الذي يعمد إلى الترحال وعدم الاستقرار بحيث إن البدو يقيمون سياجاً من أغصان السمر والغاف لحماية العريش والخيام المشيدة من السعف لحمايتها من الحيوانات عند الرحيل بحثا عن الكلأ والمرعى في فصل الشتاء.

ويقول الشمام: عمري الآن عمر 75 عاما ولله الحمد وعلى الرغم من ذلك على أتم الاستعداد لبناء وخدمة العريش أو الخيمة ولكن بالتأكيد ليس للعرسان الجدد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"