رقابة مستدامة

04:45 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد إبراهيم

في الوقت الذي يتجه فيه ركب التعليم بالدولة، إلى تعزيز مفاهيم الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، والاستناد إلى العلوم المتقدمة في تربية وإعداد الأجيال، وإرساء معايير مهنية لتراخيص المعلمين، وخلق مسارات جديدة للتطوير على المستويات كافة، لمواكبة المستجدات، إلا أن معظم المدارس الخاصة التي تعد جزءاً لا يتجزأ من منظومة التعليم، تجهل ماهية الرقابة ومعاييرها وأدوات التقييم، ومفهوم التقييم الذاتي، ومسارات تحقيق الجودة.
فقد استوقفتني حقيقة مؤلمة، كشف عنها عضو في إحدى فرق الرقابة المدرسية، التي تولت تقييم المدارس الخاصة في 5 إمارات تضم «الشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة» مؤخراً، عندما قال إن 90% من تلك المدارس لا تعي معايير الرقابة والتقييم، ولا تدرك مفاهيم التطوير، على الرغم أن هناك إطاراً موحداً للرقابة على مستوى الدولة منذ عامين.
في الواقع جاءت تلك الحقيقة صادمة ومقلقة، ولاسيما أن معظم النتائج المبدئية، أظهرت ضعف شريحة كبيرة من تلك المدارس، وحاجاتها إلى التطوير والتأهيل والتدريب المكثف، وعدم مواكبتها للمتغيرات، ما يتطلب منا إعادة النظر في مكونات تلك المنظومة، ووضعها تحت ميكروسكوب «رقابة مستدامة»، لأنها تحتضن الآلاف من الطلبة في مختلف مراحل التعليم.
وما يثير الاستغراب هنا أن معظم المدارس الخاصة تتسابق سنوياً على زيادة رسومها الدراسية، بحجة التطوير والتشييد والتدريب والتأهيل، واستقطاب أفضل الهيئات التدريسية، لمواكبة واقع التنمية، وفي بعض الأحيان تتجاوز طلبات الزيادة عن «المعتاد»، وتسجل أرقاماً قياسية، تبدد الطاقات، وتربك الميزانيات وتثقل كاهل أولياء الأمور، على وهم يسمى «جودة الخدمات».
أعتقد أن وزارة التربية والتعليم أصابت قلب الواقع، عندما قررت إخضاع المدارس الخاصة في مختلف إمارات الدولة للرقابة والتقييم، لنتعرف من خلالها على نوعية تعليم الطلبة وجودته، وكفاءة المعلمين، ومدى قوة القيادة المدرسية، وجودة المخرجات في تلك المدارس، التي ما زالت تنشد التطوير والتأهيل، لتكون قادرة على بناء الأجيال وفق خطط واستراتيجيات حديثة.
ونرى أن المسار الأكثر فاعلية هنا، للنهوض بمستوى تلك المدارس، يكمن في ربط زيادة الرسوم بجودة التعليم، ونتائج كل مدرسة، وعلينا أن نجعل من الرقابة أداة للتطوير والتحسين، ونخلق منها روح التنافسية التي تقود المدارس الضعيفة لتعديل مستواها واستعادة قوتها.
والمسار الثاني الأكثر أهمية، ينشد في مضمونه المعنيين، لتطبيق مبدأ الشفافية والمصداقية والمصارحة في إعلان ونشر نتائج الرقابة والتقييم، سواء للمدارس الحكومية أو الخاصة، لنعلم حقيقة مدارسنا، ومواطن قوتها ونقاط ضعفها، لنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"