عادي

المؤشرات الحيوية والرفاه.. تتنبأ بالمشاكل الصحية المستقبلية

20:15 مساء
قراءة 4 دقائق
1


اكتشف الباحثون من جامعة «إيست أنجليا» (UEA) بنورويتش في بريطانيا. أن الرخاء المالي يلعب دوراً محورياً في سعي المرء لتلقي الرعاية الصحية الوقائية. ومع ذلك، كان هذا الاكتشاف ثانوياً؛ حيث كان التركيز الأساسي للباحثين على مفهوم المؤشرات الحيوية التي تتنبأ بتطور المشكلات الصحية والحاجة إلى العلاجات المستقبلية.
من الشائع جداً أن تجد الدراسات أنه في حال لم يقم المرء في حل مشاكله النفسية مثل التوتر والسلبية وبقيت لمدة طويلة من الزمن، فإنها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى مشاكل صحية خطرة. ومن الحقائق الحديثة المؤسفة أن الكثير من الضغوط المزمنة لها روابط مباشرة مع عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية. وتضيف دراسة جديدة، نُشرت في عدد ديسمبر/ كانون الأول من 2020 لمجلة «الاقتصاد والبيولوجيا البشرية» (Economics & Human Biology)، المزيد من النتائج إلى مجموعة الأدلة هذه.
ويوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور أبوستولوس دافيلاس، من كلية «نورويتش» للطب والتابعة لجامعة «إيست أنجليا»: «وجدنا أن الصحة الحيوية للأشخاص مرتبطة بالطلب المستقبلي على خدمات الرعاية الصحية، مثل استشارة الطبيب العام والعيادات الخارجية التشخيصية، فضلاً عن الوقت الذي يقضيه المريض في المستشفى».
وقاد الدكتور دافيلاس فريقاً درس المؤشرات الحيوية في الدم، وكان هدفهم المقصود هو تحديد ما إذا كانت الصحة البيولوجية يمكن أن تتنبأ بالمرض والحاجة إلى علاجات طبية في المستقبل.
وشرع الدكتور دافيلاس إلى جانب فريقيه في التركيز على مؤشرات الدم؛ للتنبؤ بالمشاكل الصحية المستقبلية. ومع ذلك فإن النتائج الثانوية لأبحاثهم المتعلقة بالثروة والرخاء الاجتماعي جاءت أيضاً بنتائج حاسمة.
مؤشرات صحية
وقبل استخلاص استنتاجاتهم، قام فريق جامعة «إيست أنجليا» بفحص المؤشرات الحيوية لـ5286 شخصاً، ممن شاركوا ببحث أكاديمي عن «فهم المجتمع»، وهي دراسة طويلة الأجل عن معيشة الأسر في المملكة المتحدة.
وفحص الباحثون جوانب متعددة عن البيانات الصحية، بما في ذلك وظائف الكبد والكلى ومعدل ضربات القلب أثناء الراحة، ومستويات الكوليسترول وضغط الدم وقوة الرئة. ونظر الفريق أيضاً في الالتهابات وكيفية تفاعل أجسام المشاركين في الدراسة مع العدوى أو الإجهاد المزمن.
وفي نهاية المطاف، كشفت نتائج الدراسة عن أدلة حيوية تعمل كمؤشرات لمشاكل صحية في المستقبل.
ووفقاً للدكتور دافيلاس: «ما وجدناه هو أن اختلافات المؤشرات الحيوية الأساسية لها روابط مع الإعاقة في المستقبل، وأنه يمكننا في الواقع توقع مستوى إعاقة الأشخاص في غصون 5 سنوات، بناء على المؤشرات الحيوية في دمائهم».
وأضاف: «لقد حاولنا التحقيق في آلية سبب حدوث ذلك، ووجدنا أن الأشخاص الذين يعانون اختلالات حيوية قد يصابون بإعاقة صحية في غضون 5 سنوات، ما يؤدي إلى زيادة الاحتياجات الاجتماعية واحتياجات الرعاية الصحية لديهم».
وعند النظر في البيانات، تمكّن الدكتور أبوستولوس دافيلاس وفريقه من ملاحظة أن الرفاه والثروة كانتا عوامل في سلوك المشاركين واحتياجاتهم الطبية المستقبلية. إضافة إلى ذلك، لعب التأثير الشديد لتفاوت حجم الثروات على جودة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والعلاج دوراً في ذلك أيضاً.
تأثير الرفاه على الوصول إلى الرعاية الطبية
وفي دراسة سابقة، ربط الدكتور دافيلاس المؤشرات الحيوية للإجهاد والتوتر بالحالة الاجتماعية والاقتصادية للشخص. وعلى الرغم من أن هذا البحث ركّز في بداية الأمر على الدلالات الحيوية في الدم، كمؤشرات للصحة في المستقبل، فإن فريقه استفاد من الدراسات السابقة التي ربطت بين الثروة والرفاه مع الصحة الجسدية.
ويبدو أن هذا البحث يثبت صحة التصورات القائلة إن الثروة ترتبط برغبة الشخص في استشارة الطبيب العام لتلقي الرعاية الصحية الوقائية. كما يشير البحث إلى أن المتخصصين في الرعاية الصحية أكثر استعداداً لتمكين الأثرياء من تلقي أكبر قدر من الرعاية.
ويعد هذا الوضع إشكالياً، لأن المرضى من ذوي الدخل المنخفض يحتاجون حتماً إلى علاج طبي متكرر في المستقبل، بسبب زيادة التوتر المزمن والإجهاد وشح التدابير الوقائية المتاحة.
ويعلّق الدكتور دافيلاس على ذلك بقوله: «في نظام الرعاية الصحية الممول من القطاع العام، قد يكون سبب عدم المساواة الذي يخدم مصلحة الأغنياء في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، هو أن الأشخاص من ذوي الدخل المنخفض يتقيدون بشدة بالوقت؛ بسبب قسوة أوضاع العمل وترتيبات المعيشة، وقد يواجهون صعوبات أكثر عند السعي للحصول على الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها».

ذوو الدخل المنخفض

يمكن دائماً أن تساعد أساليب الرعاية الذاتية المناسبة من خلال ممارسة تمارين التنفس أو التأمل في التقليل من مستويات التوتر والإجهاد الذهني، إضافة إلى المساعدة على تحسين الصحة العامة لدى الشخص. ومع ذلك، ليس من العدل أن يتحمل المستضعفون العبء الأكبر من المسؤولية عن صياغة استراتيجيات الرعاية الوقائية.
لذا من الأهمية بمكان الاعتراف بكل صراحة بالواقع القاسي الذي يلعبه عامل عدم المساواة في توزيع الثروات ومـــــستويــــــات الرفــــــاه الاجــــــتماعي فـــــــي صعوبة الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية.
وفي حال عكف أعضاء المجتمع الطبي على منح الأولوية بالتساوي لجميع الأشخاص تحت بند الرعاية الوقائية، فإن ذلك سيسهم في تحسين جودة الحياة للجميع.
كما يمكن أن يساعد هذا أيضاً في عدم إغراق نظم الرعاية الصحية بحالات يطغى عليها المرضى من ذوي الدخل المنخفض، والذين يعانون حالات مرضية مزمنة.
ويمكن لمزيج من التوعية المجتمعية والتعليم والمراعاة أن يحدث فرقاً تمس الحاجة إليه في صحة أفراد المجتمع في المستقبل، بغض النظر عن دخلهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"