مؤتمرات استهلاكية

23:08 مساء
قراءة دقيقتين


** قبل عدة شهور، نشرت شبكة «سكاي سبورتس» تقريراً بعنوان «كواليس المؤتمرات الصحفية»، تحدث فيه الصحفي الإنجليزي جون كروس عن البديل السابق للمؤتمر، في زمن جورج جراهام مدرب أرسنال قبل أرسين فينجر، وبرايان كلوف المدرب التاريخي لنوتنجهام فورست، وأوضح أنها كانت بلا كاميرا، وكان يتعين على الصحفي التنسيق مع سكرتير المدرب، ومن ثم الذهاب للنادي للحصول على حوار.. آنذاك، كان الصحفي يلتقط قصصاً مثيرة وينشرها للقراء، كما كان اللقاء فرصة رائعة للاستماع مباشرة لرؤى المدرب وتوطيد العلاقة معه.
أما الآن، وبالرغم من دخول الكاميرات وتطور شكل المؤتمرات، إلا أن الشعور بانعدام أهمية المؤتمر أصبح السمة الغالبة، فكل المدربين بلا استثناء لا يخرج حديثهم عن «إكليشيهات» ثابتة قبل المباراة وبعدها، مثل: «أكد المدرب على أهمية المباراة»، «أن فريقه يتطلع للحصول على النقاط الثلاث»، «أن فريقه استعد جيداً للمباراة».. وما إلى ذلك من تصريحات استهلاكية مكررة، لا يأخذها المتلقي بمحمل الجد، فالذي يتحدث عن أهمية المباراة، هل قال له أحد إن المباراة تحصيل حاصل أو أن ناديه أنفق الملايين من أجل أن يخوض فريقه مباراة بلا فائدة، أما الذي يؤكد أن فريقه يسعى للنقاط الثلاث، فهل أصبحت المباريات بلا نقاط أو أن هناك فوز بـ4 نقاط ونحن لا ندري؟، أما النكتة فهي ذاك المدرب الذي يؤكد أن فريقه استعد بشكل جيد، وكأن فريقه اعتاد على غير ذلك!.
** وهكذا يمكن سرد عدد كبير من التصريحات المعلبة التي أصبحت تقلل من قيمة المؤتمر الصحفي، أو تصوره على أنه واجب ثقيل على المدرب ويجب التخلص منه بأي كلام والسلام، فعلى من تقع مسؤولية مثل هذه المؤتمرات عديمة القيمة، هل على الصحفي الذي لا يفتش عما وراء المباراة وأسرارها، أم على المدرب الذي يتعمد الحديث بكلام نمطي لا يقدم ولا يؤخر، أم على مدير المؤتمر الذي يتدخل ليمنع أحد الصحفيين من إكمال سؤال ما، أو ليقطع نقاشاً مثمراً بطريقة يغلب عليها فرض الرأي، بحجة أن المؤتمر تم تنظيمه للحديث الفني فقط.
** عموماً، لسنا بصدد تصوير المؤتمرات على أنها وسيلة للشحن أو تأجيج الصراع بين فريقين، فالمؤتمر جزء مهم من اللعبة والمباراة، وفي أوروبا تحمل المؤتمرات الصحفية للقراء متعة وتنوعاً وإثارة، فالمدرب يتحدث كيفما يريد ويعلق على كل شيء دون أي موانع أو محاذير، وللإعلامي حرية تامة في طرح ما يريد من أسئلة، وللمدرب حرية الرد كيفما شاء دون التقيد بقاعدة «أنا مدير المؤتمر والرقيب عليه»، التي تشهدها مؤتمراتنا الصحفية، حيث الأسئلة روتينية متكررة بسبب التقيد بالنواحي الفنية فقط.
دعونا نجدد شكل ومضمون مؤتمراتنا من خلال أسلوب إدارتها ونوعية الأسئلة وأيضاً من خلال نوعية الإجابات، لأنها هكذا تستهلك الوقت والجهد، ولا تقدم ولا تؤخر.

twitter: @AhmedEzzatBoush

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"