إفادة ونصيحة

02:43 صباحا
قراءة 3 دقائق

كما كان متوقعاً، أوصى قائد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق الجنرال ديفيد بترايوس خلال إفادته أمام الكونجرس مساء الثلاثاء الماضي، بوقف سحب القوات الأمريكية من العراق بعد يوليو/تموز المقبل، ورغم اعترافه بأن المكاسب الأمنية التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية هشة، وأن الوضع في بعض المناطق العراقية لا يزال غير مرض وما زالت هناك تحديات لا حصر لها، إلا أن شهادته تعتبر دعماً لاستراتيجية بوش الفاشلة في العراق، وتشير إلى أن الأخير سيمضي في الطريق إلى النهاية لتوريث تركته الثقيلة إلى الرئيس الأمريكي المقبل.

شهادة بترايوس والسفير الأمريكي في بغداد ريان كروكر، والتي تزامنت، مع ما كشفته صحيفة الغارديان البريطانية عن مسودة اتفاق سري بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية يشرع وجوداً طويلاً للقوات الأمريكية في العراق، يؤكد أن الخيارات السياسية لإدارة بوش باتت معدومة تماماً في العراق مع حقيقة فشلها في إحداث تقدم سياسي، إضافة إلى التمزق الواضح هناك، وأنها لن تسحب قواتها بحجة أن المهمة في نظرها لم تكتمل ويلزم المزيد من البقاء رغم الخسائر البشرية التي تكبدتها والتكلفة المادية والمعنوية الضخمة.

شهادة بترايوس دعمت ما أكدته الدراسة التي أعدها معهد السلام الأمريكي من أن الولايات المتحدة تواجه مخاطر مأزق مكلف وبلا نهاية في العراق نتيجة عدم تحقق تقدم سياسي وصفته ب البطيء والسطحي، الأمر الذي يجعل من الصعب على الولايات المتحدة الانسحاب، وأن الأمر قد يستغرق من خمس إلى عشر سنوات من الالتزام الأمريكي الكامل غير المشروط للعراق قبل أن يبدأ التقدم السياسي الجدي بشق طريقه، ما يعني أن مازق بوش سيستمر لفترة طويلة بعد مغادرته السلطة.

إفادة بترايوس دفع المرشحة الديمقراطية إلى الانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون إلى انتقاد التطمينات بشأن الوجود العسكري الطويل الأمد في العراق، وطالبت بالانسحاب بطريقة منظمة. بدوره دعا منافسها الديمقراطي باراك أوباما إلى حوار مع إيران يهدف إلى إنهاء الحرب في العراق. أما المرشح الجمهوري جون ماكين فقد اتهم خصومه الديمقراطيين بأنهم لا يدركون شيئاً عن العراق ودافع عن استراتيجية بوش قائلاً إن كلينتون- اوباما لا يقدران عواقب الفشل في العراق، معتبراً أن الانسحاب سيؤدي إلى كارثة ومجزرة حسب تعبيره.

ما يحدث في العراق حالياً من قتل وتفجير وتهجير منذ الغزو يشير إلى الحلقة المفرغة التي يدور فيها الاحتلال، ويؤكد أن الأهداف المزعومة التي أسس عليها مشروع الاحتلال مستحيلة التحقق. وبالرغم من هذه الحقائق ترفض إدارة بوش الحالية الانسحاب من العراق، وتصر على مسارها الخاطئ بتوسيع نطاق الحرب والموت والدمار في العراق وجواره، وتخطط لوجود عسكري طويل المدى فيه.

أمام هذه الورطة التي بدأت منذ اليوم الأول للغزو قبل خمس سنوات لم يبق إلا العودة إلى جادة الصواب وتصحيح الأخطاء في السياسة الخارجية، وهذه المهمة لن يقوم بها الرئيس بوش بالتأكيد خلال ما تبقى له من شهور في السلطة وإنما خليفته أياً كان جمهورياً أم ديمقراطياً، وهو ما أشارت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت عندما أطلقت قبل أيام نصيحة في كتابها مذكرة إلى الرئيس المنتخب قائلة، إن من مصلحة أمريكا ورئيسها المقبل النأي عن نهج بوش وسياسته الخارجية التي انتهجها خلال سنوات حكمه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"