عادي

(شاهد بالفيديو) تمديد «نيو ستارت».. خطوة إيجابية ولكن!

23:43 مساء
قراءة 4 دقائق
Video Url

إعداد - بنيمين زرزور:

ساد شعور بالارتياح بعد الإعلان عن تمديد اتفاقية العمل بالمعاهدة الجديدة للأسلحة الاستراتيجية «نيو ستارت» بين روسيا والولايات المتحدة، لمدة خمس سنوات، وسط ترقب وحذر حول ماهية الخطوة التالية على صعيد العلاقات بين الجانبين.

من الواضح أن التوقيع فرضه استحقاق انتهاء الأجل المحدد أساساً في فبراير/ شباط الجاري، لكنه أيضاً مدفوع بثقل أمريكي مرجح تفرضه أجندة الرئيس الجديد الذي ينكبّ على ترتيب أولويات إدارته، ما قد يقتضي تهدئة على جميع الجبهات الخارجية لإنجاز ما يمكن إنجازه على الصعيد الداخلي في أسرع وقت ممكن.
 وهناك من يرى أن هذه الاتفاقية على أهميتها لا تعالج سوى ندبة بسيطة في تاريخ العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة المثخن بجراح الأطماع، ونزاع المصالح والهيمنة، فضلاً عن التباين الاستراتيجي في الأيديولوجية التي تحكم النظام الليبرالي العالمي وتتزعمه واشنطن، والأيديولوجية الروسية التي تخلت، مكرهة، عن زعامة المعسكر الشيوعي ولا تزال طموحاتها تصطدم بمطامع الأمريكيين، وتسبب الاحتكاك المستمر مع الغرب.
 
 خطوة في الاتجاه الصحيح 
 وكانت الولايات المتحدة توصلت إلى معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا التي وقعها كل من الرئيسين باراك أوباما، و ديمتري مدفيديف، في 8 إبريل/ نيسان 2010 في براغ، والتي تنص على تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للبلدين بنسبة 30 في المئة، والحدود القصوى لآليات الإطلاق الاستراتيجية بنسبة 50 في المئة. وأعادت المعاهدة التعاون والقيادة المشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا في مجال ضبط الأسلحة النووية، وحققت تقدماً في العلاقات بينهما. وقد صادق الطرفان على الاتفاقية ووضعت موضع التنفيذ الفعلي في 5 فبراير/ شباط 2011 وتنتهي في فبراير الجاري.
وتم تمديد المعاهدة الأسبوع الماضي ل5 سنوات أخرى وسط ترحيب الجانبين، حيث جرى اتصال هاتفي بين بوتين، وبايدن، أعرب خلاله كل منهما عن رغبته في منح العلاقات بين البلدين دفعاً جديداً. لكن ما صدر بعد الاتصال من تسريبات أكد وجود قضايا خلافية كبيرة استعرض الاتصال بعضها، وتغاضى عن البعض الآخر. ولم يكن ذلك مستغرباً لأن تاريخ النزاع ترك الكثير من القضايا معلقة من دون حل.
 ووصف الرئيس الروسي التمديد بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح، مؤكداً أن التوترات التي تشوب العلاقات الدولية لا تزال تهدد الأمن العالمي. ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله، إن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على تمديد معاهدة «نيو ستارت» للحد من الأسلحة النووية وفقاً لشروط موسكو.
 ويشكل تمديد المعاهدة التي صادق عليها مجلس الدوما الروسي من دون تأخير، خطوة إيجابية في مسار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد أن تعطلت المفاوضات الخاصة بالمعاهدة كلياً في عهد الرئيس ترامب.
 وسعت الولايات المتحدة جاهدة لضم الصين إلى المعاهدة مراهنة على دعم روسيا لتحقيق هذا الهدف. وقد أصرت على التمديد لمدة عام واحد فقط، حتى يتم ضم بكين، وبالتالي توقيع اتفاق أشمل وأوسع نطاقاً حسب زعمها، إلا أن روسيا لم تستطع إقناع الصين في ظل التوترات المتصاعدة بين بكين وواشنطن في عهد الرئيس ترامب.
«قضايا حساسة»
 وإذا كانت تشابكات الوضع الداخلي ومواجهة تبعات كورونا على الاقتصاد الأمريكي رجحت قبول الإدارة الأمريكية الجديدة بالتوقيع على الاتفاقية، إلا أن الخطوط العريضة لسياسة بايدن التي كشفت عن سعي حثيث لإحياء تحالفاتها القديمة في مواجهة الخصوم- وهما روسيا والصين- توحي بأن الرئيس الجديد لن يتراجع عن المواجهة مع أولئك الخصوم في القضايا التي تصنفها الإدارة الجديدة «قضايا حساسة». وقد نقلت المتحدثة باسم بايدن عما جرى في الاتصال الهاتفي أن الرئيس تطرق لقضية الخلاف مع موسكو حول أوكرانيا، وقضايا حقوق الإنسان، واحتجاز وتسميم المعارض أليكسي نافالني.
 واتهم بوتين من جانبه، الأمريكيين ممثلين في شركات التقنية الكبرى بالتحريض على المظاهرات التي شهدتها المدن الروسية بعد عودة نافالني من ألمانيا ودعم المعارضة الروسية.
 وكان المتحدث باسم الكرملين أكد أن ترميم العلاقات الروسية الأمريكية يستغرق وقتاً طويلاً ويحتاج إلى ظروف مواتية لا تزال غير متاحة.
ولا شك في أن العلاقات مع الولايات المتحدة من أولويات السياسة الخارجية الروسية، وتعتبرعاملاً مهماً في إشاعة الاستقرار الدولي.
وقد مرت العلاقات بين البلدين بنوبات هدوء عززت مبادئ التعاون الثنائي، والعمل المشترك في مجال الأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي، ومكافحة الإرهاب الدولي، ومواجهة الأخطار والتحديات المستجدة، ودعم حل النزاعات الإقليمية، وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية وتوسيع الاتصالات بين الأفراد.
محطات مشجعة
ومرت العلاقات خلال السنوات الأولى من القرن الحالي عبر عدد من المحطات المشجعة، بدءاً من قمة الثماني في بطرسبورج عام 2006 والبيان المشترك للرئيسين الأمريكي والروسي حول التعاون في استخدام الطاقة النووية سلمياً، مروراً بلقاء جورج بوش الابن مع بوتين عام 2007 في ولاية مين عام 2007، ثم بيان ختام قمة سوتشي عام 2008 الذي حدد الأطر الاستراتيجية للعلاقات الروسية الأمريكية، وعكس الطابع الشامل للتعاون بين روسيا والولايات المتحدة في الاتجاهات الرئيسية. وهناك تعاون مستمر بين الجانبين في القضايا العسكرية في محافل نزع السلاح التقليدي ودوائر الرقابة على التصدير والهيئات المختصة التي تشكلت في إطار المعاهدات الثنائية والدولية.
إلا أن ذلك كله لا يعني أن كل طرف منهما يسعى للتنازل للآخر عن مواقفه الاستراتيجية عندما يتعلق الأمر بالقضايا الساخنة، خاصة توسيع دائرة سيطرة الناتو على دول أوروبا الشرقية التي كانت تدور في الفلك السوفييتي، وهي القضية الأساسية التي تركز موسكو على وضع حد لها، وتتسبب بتأزم العلاقات بين حين، وآخر.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"