رمضان و«شياطين إسرائيل»

05:02 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

عندما يحل رمضان تستيقظ شياطين الاحتلال «الإسرائيلي» في القدس المحتلة، لتنفذ ما شاءت من الانتهاكات والاعتداءات بحق المقدسات والمدنيين العزل. كما تتعمد شنَّ حرب نفسية خاصة على العلاقة الروحية القائمة منذ الأزل بين القدس وشهر رمضان المبارك، فقلما يحل هذا الشهر من دون أن تواكبه إجراءات قمعية لحرية التنقل والعبادة، فضلاً عن الانتهاكات الصارخة للمسجد الأقصى المبارك واقتحام باحاته وإخلائها من المصلين والمعتكفين بالقوة.
الاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين في القدس، وخصوصاً المصلين في المسجد الأقصى، تعاظمت على مدار العام الماضي، منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعترافه المشؤوم بالقدس عاصمة ل «إسرائيل»، وأمره بنقل السفارة الأمريكية إليها. وبسبب هذا التهويد المفضوح، وتحت مظلة الدعم القادم من واشنطن، بدأت «إسرائيل» في انتهاج أكثر السياسات أذى للفلسطينيين أولاً، ثم العرب والمسلمين ثانياً، من أجل تهئية الأجواء لتنفيذ المتفق عليه في دهاليز السياسة الدولية، ومن ضمنها «صفقة القرن»، وهي خطة يأمل القائمون عليها أن تنتهي بوفاة القضية الفلسطينية، لتتسلم بعدها «إسرائيل» شعباً بلا سيادة أو إرادة، أو هكذا يتوهمون. ويبدو أن بعض الغلاة في «إسرائيل» يريدون استباق ما سيأتي من أحداث، وبدأوا يعدون العدة لبيانات الضم والتهويد، إذ دعت منظمات يهودية متطرفة أنصارها لتصعيد «تحركاتهم»، وتنفيذ اقتحامات حاشدة للمسجد الأقصى تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى لإعلان ترامب بشأن القدس، وكذلك ما يسمى ذكرى «استقلال إسرائيل».
ليس هناك شك في أن الوضع الفلسطيني، وأن ما يجري في القدس المحتلة هو نموذج مصغر لما يجري في كل المدن الفلسطينية الخاضعة للاحتلال، فبعد طرد المصلين والمعتكفين، جدّد المستوطنون المتطرفون اقتحامهم المستفز للمسجد الأقصى، وتوعدوا بالمزيد في الأيام المقبلة، وسط توجهات لقوات الاحتلال لتقييد دخول المصلين إلى «أولى القبلتين» بذريعة «التقليص من الاحتكاك بين المسلمين واليهود»، بينما الحقيقة ترمي إلى التقليل من عدد المصلين في المسجد الأقصى، خصوصاً في أيام رمضان والعشر الأواخر منه التي تشهد التفافاً كبيراً حول المسجد ورمزيته.
جيش الاحتلال، من خلال إجراءاته القمعية، يريد أن يبعث برسالة إلى الراعي الأمريكي تحديداً، تبلغه بأن «إسرائيل» قادرة على تطبيق القبضة الحديدية، وفرض السيطرة على القدس وكل المناطق المحتلة، وبما يجعلها جاهزة لتنفيذ بنود «خطة السلام» المنتظرة في القريب العاجل. وبالنسبة إلى الطرف الفلسطيني، هناك إصرار كبير على إحباط الخطة والتمسك بالقدس والدفاع عنها، وما عدا ذلك فإن وساوس الشياطين ما زالت تزين ل «إسرائيل» أنها الأقوى والقادرة على تغيير مجريات التاريخ وقلب الوقائع. ومن المؤسف أن هذه الادعاءات تجد من يصدقها، ويروج لها دون سابق علم ومعرفة بما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع عندما تنكشف الحقائق كاملة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"