رحلة في أعماق القهوة

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

تجتذبني رائحتها في الصباح، استنشق عبق أريجها بتروي، وتداعب أحاسيس السعادة فتحفزها.
اختلي معها بحب، تعانق روحي، واستمتع بلذة مرارتها، فأغوص في أعماقها، تتلاشى عندها معالم العالم من حولي، فأرحل معها إلى البعيد، لحظة هدوء وسكون تغمرني بها.
يكمن سر مذاق القهوة في البن المستخدم، فما هي المراحل التي تمر بها حبوب الكرز لتصل إليك قهوة؟
يمكن تقسيمهما إلى نوعين أساسيين هما الأربيكا وروبوستا ويكمن الفارق بينهما في الطعم وأماكن الزراعة والسعر.
٧٠٪ من إنتاج القهوة عالمياً هو الأربيكا التي تتميز بطعمها الخفيف الناعم، وتزرع في الجبال، وتحتاج إلى عناية شديدة، وال30٪ المتبقية من إنتاج القهوة هي الروبوستا وهي التي تحتوي على الكافيين أكثر، ما يجعلها المفضلة عند الأغلبية.
تحتاج نبتة البن إلى 3 أو 4 سنوات من زراعتها حتى تثمر، حيث تزهر نبتة القهوة وتتحول الأزهار إلى حبوب الكرز خلال فترة تتراوح بين 30 و 35 أسبوعاً ويستمر الإنتاج إلى فترة من 10إلى 20 عاماً ويتوقف ذلك على نوع النبتة وطبيعة البيئة التي تنمو فيها.
ويعرف أن حبوب الكرز أصبحت جاهزة للحصاد عندما تتحول إلى اللون الأحمر الزاهي، ثم تتم معالجتها بعدة طرق فينتزع الغلاف الخارجي عنها وتنقع في الماء لمدة كافية حتى تتلاشى المادة اللزجة فيها، ويتم تجفيفها بالطريقة التقليدية وهي استخدام الشمس، وبالتالي تحافظ على حموضتها، وبعض المزارع يقوم بتجفيفها مباشرة بعد نزع الغلاف فتنتج قهوة حموضتها قليلة وممتلئة القوام.
أما آخرون فينزع لب القهوة مع الإبقاء على المادة اللزجة على تجفف بعدها، وتنتج هنا قهوة أكثر تناسقاً مع المحافظة على الإطار الخارجي ما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في الطعم، وهناك طرق أخرى كالتقشير الرطب والآلي والذي يقلل من الحموضة فيها ، ثم يأتي بعد هذا كله التحميص الذي له الدور الكبير في إبراز النكهة المميزة للقهوة، وذلك بتغير صفات حبوب القهوة الخضراء متضمنة اللون والطعم والرائحة والكثافة بسبب الحرارة وما ينتج عنها من تفاعلات، وتختلف طرق التحميص باختلاف منطقة زراعة القهوة وسلالتها وطريقة المعالجة ، فيتدرج التحميص في مراحل لإكساب البن الذوق الخاص به، ولكل مستوى اسم خاص به، وخصائص تكسب للقهوة في اللون والطعم والرائحة والكثافة، فيبدأ بأخف مستوياته فيكسبها لون بني فاتح ويحافظ على حموضتها، ثم يمر بمراحل ومستويات وعندما تزداد درجة الحرارة أُكسب اللون البني الغامق إلى أن يصل إلى النكهة المحترقة، فتختفي معه الحموضة وتزداد به المرارة ، ثم يأتي التحميص وتحضير القهوة، فأنواع منها تحتاج إلى درجة طحن أنعم كالإسبريسو، وكل طريقة تحضير تختلف في إكساب النكهة المفضلة للقهوة.
هي رحلة طويلة من البذور إلى الكوب وكل خطوة على الطريق تضيف قيمة إلى القهوة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"